وقوله تعالى: فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان (العافي) عند و (المعفو له): ولي الدم، (وعفي) بمعنى: (يسر)، و (الأخ): [ ص: 387 ] القاتل، و (من): اسم ولي الدم، و (شيء): في موضع: (عفو)، ولذلك كان نكرة، وليس هو دية معلومة، وإنما هو ما بذله القاتل فرضي به الولي. مالك
وقوله: فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان أي: ليتبع ولي الدم ما بذل له بالمعروف، وليؤد القاتل المعفو عنه ما اتفقا عليه بإحسان، وقاله ابن عباس، وقتادة، وغيرهم. ومجاهد،
ومذهب ابن المسيب، والشافعي، وغيرهم: أن (العافي): ولي المقتول، و (المعفو له): القاتل، و (عفي) بمعنى: ترك، من قولهم: (عفت الدار) ؛ أي: تركت حتى درست، و (من) اسم القاتل، والهاء في: (عفي له)، وفي: (أخيه) تعود على (من)، و (الأخ): ولي (المقتول، و (شيء): يراد به الدم. وابن حنبل،
وقوله تعالى: فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم أي: من قتل بعد قبول الدية، قاله وغيره. ابن عباس
وإذا فعليه القود عند قتل بعد قبول الدية أو أخذها؛ مالك، وغيرهما من العلماء. والشافعي،
وقال : يؤخذ منه ما أخذ، ولا يقتل. الحسن
[ ص: 388 ] وروي عن وغيره: أن أمره إلى السلطان، يرى فيه رأيه. عمر بن عبد العزيز
وقوله عز وجل: ولكم في القصاص حياة} : قال مالك، وغيرهما: المعنى: أن الذي يريد أن يقتل إذا علم أنه يقتل إن قتل؛ أمسك، فبقيا جميعا، وإذا قتل إنسان فاقتص منه؛ اكتف أهل الشر خوفا من القصاص. وقتادة،
وقوله: كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف الآية.
قال ابن عباس، وغيرهما: هي منسوخة بآية المواريث، فلا وصية واجبة لقريب، ولا بعيد. والحسن،
وعن أيضا: نسختها: ابن عباس للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون (النساء: 7]، وكان ولد الرجل يرثونه، ويعطى الوالدان والأقربون بالوصية.
وعنه أيضا، وعن وغيرهما: نسخ الله منها الوصية لوالدي الميت وأقربائه الذين يرثونه، وأقر فرض الوصية للذين لا يرثونه منهم. قتادة،
وعن أيضا، الحسن : أنها غير منسوخة، وأن لفظها عموم، والمراد به الخصوص، أراد الله تعالى من لا يرث الميت دون من يرثه. وطاووس
وذهب بعض من يرى إلى أنها منسوخة بقول النبي عليه [ ص: 389 ] الصلاة والسلام: " نسخ القرآن بالسنة ". لا وصية لوارث
وعن الضحاك، وغيرهما: أن والشعبي، واجبة بنص القرآن. الوصية للوالدين والأقربين
وعن : أن الوصية واجبة فيما قل أو كثر. الزهري
ولا خلاف في . وجوب الوصية على من قبله ودائع وعليه ديون
وأكثر العلماء على أن الوصية غير واجبة على من ليس قبله شيء من ذلك، وأنها ندت.
واختلفوا في مقدار (الخير) من قوله: إن ترك خيرا : فروي عن علي، وعائشة، وغيرهم رضي الله عنهم: أن الخير: المال الكثير. وابن عباس،
وقالوا في سبعمئة دينار وشبهها: إنه قليل.
: الخير: ألف دينار فما فوقها. قتادة
: ما بين خمس مئة إلى ألف. الشعبي
وعامة أهل العلم على أن وأن من للإنسان أن يوصي من ماله بالثلث فأدنى، فهو مردود، إلا أن يجيزه الورثة، [ ص: 390 ] فيكون هبة منهم لمن أجازوه له. أوصى بأكثر من الثلث؛ فما زاد على الثلث
قوله تعالى: فمن بدله بعدما سمعه يعني: من بدل الوصية، والوصية والإيصاء سواء.
إن الله سميع عليم أي: أنه سمع ما قاله الموصي، ويعلم ما فعله الموصى إليه.