مطلب : هل يجوز لولي الصبي أن يلبسه الحرير أم لا ؟ :
فجوزه في الأولى وحرمه في الأصح على هذه الصبيان من مصمت زد
( فجوزه ) أي لبس الحرير ( في ) القول ( الأولى ) بالقبول والصحة من غيره ، وهو بفتح الهمزة وسكون الواو ( وحرمه ) أي حرم إلباس الحرير ( في الأصح ) من الروايتين .
قال في الآداب :
nindex.php?page=treesubj&link=17625هل يجوز لولي الصبي أن يلبسه الحرير - زاد غير واحد والذهب - على روايتين أشهرهما التحريم ( على ) أولياء ( هذه الصبيان ) إذ هم المخاطبون دون الصبيان لعدم تكليفهم ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وبعض الشافعية ، وهو المذهب بلا ريب ، جزم به في الإقناع ، والمنتهى ، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12261حرام على ذكور أمتي } ولقول
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر رضي الله عنه " كنا ننزعه من الغلمان ونتركه على الجواري رواه
أبو داود . وكون الصبيان محلا للزينة مع تحريم الاستمتاع بهم أبلغ في التحريم .
قال في الفروع : وذكر
الآمدي عن الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد رضي الله عنه أنه كره
nindex.php?page=treesubj&link=17651_17625إلباس الصبيان القرامز السود لما فيه من التعريض للفتنة .
( تنبيهان ) :
( الأول ) : لا يخفى أن قول
الناظم على هذه الصبيان فيه تسامح ; لأنه إن أشار به إلى الصبيان فكان حق الإشارة على هؤلاء الصبيان ولا يستقيم النظم حينئذ ، وإن أراد أن الإشارة للرواية فلا يستقيم المعنى إذ " حرم " لا يتعدى إلى مفعولين بنفسه ، فإن المعنى يكون وحرمه في الأصح الصبيان على هذه ، ولعل هذه اللفظة من تصرف النساخ . ورأيت في بعض نسخه أسقط لفظة هذه ولم يذكر مكانها شيئا . ويظهر لي والله أعلم أن
[ ص: 189 ] بعض طلبة العلم رآها محذوفة فذكر هذه لتنسيق النظم ، فتكون اللفظة المحذوفة أولياء الصبيان ، وقصر أولياء جائز لضرورة النظم والله أعلم .
( الثاني ) : القرامز السود في كلام الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد رضي الله عنه الظاهر نوع من اللباس . قال في النهاية في قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=79فخرج على قومه في زينته } قال كالقرمز هو صبغ أحمر ، ويقال : إنه حيوان تصبغ به الثياب فلا يكاد ينصل لونه ، وهو معرب انتهى . وفي حياة الحيوان : القرمز دود أحمر يوجد في شجر البلوط في بعض البلاد صدفي شبيه بالحلزمان تجمعه نساء تلك البلاد بأفواههن يصبغ به . ونحوه في القاموس باختصار . وفي كلام
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أن القرامز سود فحرره فإني لم أجده في كلامهم مفسرا .
وقول
الناظم ( من ) حرير ( مصمت ) أي ليس معه غيره ، بل هو حرير صرف ( زد ) هذا القيد ولا تطلق التحريم إشارة إلى أنه إنما يحرم استعمال الحرير الخالص الذي لم يخالطه غيره ، أو خالطه غيره وكان الحرير غالبا في الظهور .
وأما إذا استويا ظهورا ووزنا ، أو كان الحرير أكثر وزنا والظهور لغيره فلا حرمة حينئذ قال في الفروع : وما غالبه حرير قيل ظهورا وقيل وزنا ، وإن استويا فوجهان . قال القاضي
علاء الدين المرداوي رحمه الله في تصحيح الفروع : قوله ويحرم ما غالبه الحرير قيل وزنا وقيل ظهورا أطلق الخلاف ، وأطلقه
ابن تميم وصاحب الفائق ، والمصنف يعني
ابن مفلح في حواشي المقنع ، والحاويين وغيرهم أحدهما الاعتبار بما غالبه الظهور ، وهو الصحيح ، وهو ظاهر كلام الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، وجزم به في الوجيز وغيره ، وقدمه في التلخيص وغيره ، وهو الصواب .
قلت : وجزم به في الإقناع ، والمنتهى ، والغاية وغيرهم .
والوجه الثاني : الاعتبار بالوزن ، قدمه في الرعاية الكبرى ، وقال : قوله ، وإن استويا ظهورا ، أو وزنا فهل يحرم أم لا ؟ أطلق الخلاف ، وأطلقه في الهداية ، والفصول ، والمستوعب ومسبوك الذهب ، والمغني ، والكافي ، والمقنع ، والهادي والتلخيص ، والمحرر والشرح وغيرهم ، أحدهما يحرم ، وصوبه
المرداوي في تصحيح الفروع . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13372ابن عقيل في الفصول
والشيخ في شرح العمدة : الأشبه أنه يحرم لعموم الخبر . قال في الفصول : لأن النصف كثير
[ ص: 190 ] وليس تغليب التحليل بأولى من التحريم ، والوجه الثاني لا يحرم ، وهو الصحيح من المذهب ، صححه
nindex.php?page=showalam&ids=13028المجد وجزم به في الوجيز واعتمده المتأخرون . وجزم به في الإقناع ، والمنتهى وغيرهما والله تعالى أعلم .
مَطْلَبٌ : هَلْ يَجُوزُ لِوَلِيِّ الصَّبِيِّ أَنْ يُلْبِسَهُ الْحَرِيرَ أَمْ لَا ؟ :
فَجَوِّزْهُ فِي الْأَوْلَى وَحَرِّمْهُ فِي الْأَصَحْ عَلَى هَذِهِ الصِّبْيَانِ مِنْ مُصْمَتٍ زِدْ
( فَجَوِّزْهُ ) أَيْ لُبْسَ الْحَرِيرِ ( فِي ) الْقَوْلِ ( الْأَوْلَى ) بِالْقَبُولِ وَالصِّحَّةِ مِنْ غَيْرِهِ ، وَهُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ ( وَحَرِّمْهُ ) أَيْ حَرِّمْ إلْبَاسَ الْحَرِيرِ ( فِي الْأَصَحِّ ) مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ .
قَالَ فِي الْآدَابِ :
nindex.php?page=treesubj&link=17625هَلْ يَجُوزُ لِوَلِيِّ الصَّبِيِّ أَنْ يُلْبِسَهُ الْحَرِيرَ - زَادَ غَيْرُ وَاحِدٍ وَالذَّهَبَ - عَلَى رِوَايَتَيْنِ أَشْهَرُهُمَا التَّحْرِيمُ ( عَلَى ) أَوْلِيَاءِ ( هَذِهِ الصِّبْيَانِ ) إذْ هُمْ الْمُخَاطَبُونَ دُونَ الصِّبْيَانِ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِمْ ، وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ ، جَزَمَ بِهِ فِي الْإِقْنَاعِ ، وَالْمُنْتَهَى ، لِعُمُومِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12261حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي } وَلِقَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ " كُنَّا نَنْزِعُهُ مِنْ الْغِلْمَانِ وَنَتْرُكُهُ عَلَى الْجَوَارِي رَوَاهُ
أَبُو دَاوُد . وَكَوْنُ الصِّبْيَانِ مَحَلًّا لِلزِّينَةِ مَعَ تَحْرِيمِ الِاسْتِمْتَاعِ بِهِمْ أَبْلَغُ فِي التَّحْرِيمِ .
قَالَ فِي الْفُرُوعِ : وَذَكَرَ
الْآمِدِيُّ عَنْ الْإِمَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَرِهَ
nindex.php?page=treesubj&link=17651_17625إلْبَاسَ الصَّبِيَّانِ الْقَرَامِزَ السُّودَ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّعْرِيضِ لِلْفِتْنَةِ .
( تَنْبِيهَانِ ) :
( الْأَوَّلُ ) : لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَ
النَّاظِمِ عَلَى هَذِهِ الصِّبْيَانِ فِيهِ تَسَامُحٌ ; لِأَنَّهُ إنْ أَشَارَ بِهِ إلَى الصِّبْيَانِ فَكَانَ حَقُّ الْإِشَارَةِ عَلَى هَؤُلَاءِ الصِّبْيَانِ وَلَا يَسْتَقِيمُ النَّظْمُ حِينَئِذٍ ، وَإِنْ أَرَادَ أَنَّ الْإِشَارَةَ لِلرِّوَايَةِ فَلَا يَسْتَقِيمُ الْمَعْنَى إذْ " حَرِّمْ " لَا يَتَعَدَّى إلَى مَفْعُولَيْنِ بِنَفْسِهِ ، فَإِنَّ الْمَعْنَى يَكُونُ وَحَرِّمْهُ فِي الْأَصَحِّ الصِّبْيَانَ عَلَى هَذِهِ ، وَلَعَلَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ مِنْ تَصَرُّفِ النُّسَّاخِ . وَرَأَيْت فِي بَعْضِ نُسَخِهِ أَسْقَطَ لَفْظَةَ هَذِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَكَانَهَا شَيْئًا . وَيَظْهَرُ لِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ
[ ص: 189 ] بَعْضَ طَلَبَةِ الْعِلْمِ رَآهَا مَحْذُوفَةً فَذَكَرَ هَذِهِ لِتَنْسِيقِ النَّظْمِ ، فَتَكُونُ اللَّفْظَةُ الْمَحْذُوفَةُ أَوْلِيَاءَ الصِّبْيَانِ ، وَقَصْرُ أَوْلِيَاءَ جَائِزٌ لِضَرُورَةِ النَّظْمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( الثَّانِي ) : الْقَرَامِزُ السُّودُ فِي كَلَامِ الْإِمَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الظَّاهِرُ نَوْعٌ مِنْ اللِّبَاسِ . قَالَ فِي النِّهَايَةِ فِي قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=79فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ } قَالَ كَالْقِرْمِزِ هُوَ صِبْغٌ أَحْمَرُ ، وَيُقَالُ : إنَّهُ حَيَوَانٌ تُصْبَغُ بِهِ الثِّيَابُ فَلَا يَكَادُ يَنْصُلُ لَوْنُهُ ، وَهُوَ مُعَرَّبٌ انْتَهَى . وَفِي حَيَاةِ الْحَيَوَانِ : الْقِرْمِزُ دُودٌ أَحْمَرُ يُوجَدُ فِي شَجَرِ الْبَلُّوطِ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ صَدَفِيٌّ شَبِيهٌ بِالْحِلْزِمَانِ تَجْمَعُهُ نِسَاءُ تِلْكَ الْبِلَادِ بِأَفْوَاهِهِنَّ يُصْبَغُ بِهِ . وَنَحْوُهُ فِي الْقَامُوسِ بِاخْتِصَارٍ . وَفِي كَلَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامِ أَنَّ الْقَرَامِزَ سُودٌ فَحَرِّرْهُ فَإِنِّي لَمْ أَجِدْهُ فِي كَلَامِهِمْ مُفَسَّرًا .
وَقَوْلُ
النَّاظِمِ ( مِنْ ) حَرِيرٍ ( مُصْمَتٍ ) أَيْ لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ ، بَلْ هُوَ حَرِيرٌ صِرْفٌ ( زِدْ ) هَذَا الْقَيْدَ وَلَا تُطْلِقْ التَّحْرِيمَ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ إنَّمَا يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ الْحَرِيرِ الْخَالِصِ الَّذِي لَمْ يُخَالِطْهُ غَيْرُهُ ، أَوْ خَالَطَهُ غَيْرُهُ وَكَانَ الْحَرِيرُ غَالِبًا فِي الظُّهُورِ .
وَأَمَّا إذَا اسْتَوَيَا ظُهُورًا وَوَزْنًا ، أَوْ كَانَ الْحَرِيرُ أَكْثَرَ وَزْنًا وَالظُّهُورُ لِغَيْرِهِ فَلَا حُرْمَةَ حِينَئِذٍ قَالَ فِي الْفُرُوعِ : وَمَا غَالَبَهُ حَرِيرٌ قِيلَ ظُهُورًا وَقِيلَ وَزْنًا ، وَإِنْ اسْتَوَيَا فَوَجْهَانِ . قَالَ الْقَاضِي
عَلَاءُ الدِّينِ الْمِرْدَاوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ : قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ مَا غَالِبُهُ الْحَرِيرُ قِيلَ وَزْنًا وَقِيلَ ظُهُورًا أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ
ابْنُ تَمِيمٍ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ ، وَالْمُصَنِّفُ يَعْنِي
ابْنَ مُفْلِحٍ فِي حَوَاشِي الْمُقْنِعِ ، وَالْحَاوِيَيْنِ وَغَيْرِهِمْ أَحَدُهُمَا الِاعْتِبَارُ بِمَا غَالِبُهُ الظُّهُورُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ ، وَقَدَّمَهُ فِي التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ ، وَهُوَ الصَّوَابُ .
قُلْت : وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِقْنَاعِ ، وَالْمُنْتَهَى ، وَالْغَايَةِ وَغَيْرِهِمْ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي : الِاعْتِبَارُ بِالْوَزْنِ ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى ، وَقَالَ : قَوْلُهُ ، وَإِنْ اسْتَوَيَا ظُهُورًا ، أَوْ وَزْنًا فَهَلْ يَحْرُمُ أَمْ لَا ؟ أَطْلَقَ الْخِلَافَ ، وَأَطْلَقَهُ فِي الْهِدَايَةِ ، وَالْفُصُولِ ، وَالْمُسْتَوْعِبِ وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ ، وَالْمُغْنِي ، وَالْكَافِي ، وَالْمُقْنِعِ ، وَالْهَادِي وَالتَّلْخِيصِ ، وَالْمُحَرَّرِ وَالشَّرْحِ وَغَيْرِهِمْ ، أَحَدُهُمَا يَحْرُمُ ، وَصَوَّبَهُ
الْمِرْدَاوِيُّ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13372ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ
وَالشَّيْخُ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ : الْأَشْبَهُ أَنَّهُ يَحْرُمُ لِعُمُومِ الْخَبَرِ . قَالَ فِي الْفُصُولِ : لِأَنَّ النِّصْفَ كَثِيرٌ
[ ص: 190 ] وَلَيْسَ تَغْلِيبُ التَّحْلِيلِ بِأَوْلَى مِنْ التَّحْرِيمِ ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي لَا يَحْرُمُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ ، صَحَّحَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13028الْمَجْدُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَاعْتَمَدَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ . وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِقْنَاعِ ، وَالْمُنْتَهَى وَغَيْرِهِمَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .