ثم أرشد الناظم إلى الامتثال لأمر النبي صلى الله عليه وسلم في
nindex.php?page=treesubj&link=10811الحث على نكاح ذات الدين الولود الودود فقال :
مطلب : ينبغي للرجل أن يختار ذات الدين الودود الولود الحسيبة :
عليك بذات الدين تظفر بالمنى ال ودود الولود الأصل ذات التعبد
( عليك ) أي الزم أيها الأخ المريد النكاح ( ب ) نكاح ( ذات ) أي صاحبة ( الدين ) أي الدينة من بيت دين وأمانة وعفة وصيانة ، إذ الديانة تقتضي ذلك كله ، فإن فعلت ( تظفر ) أي تفوز ( بالمنى ) أي المطلوب وتستريح من الهم والعناء .
أخرج الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بإسناد صحيح
والبزاز وأبو يعلى nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان في صحيحه عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=25719تنكح المرأة على إحدى خصال : لجمالها ومالها وخلقها ودينها فعليك بذات الدين والخلق تربت يمينك } .
وفي الصحيحين وغيرهما عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=16973أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تنكح المرأة لأربع : لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك } .
[ ص: 425 ]
قال
الحافظ المنذري : قوله " تربت " كلمة معناها الحث والتحريض ، وقيل هي هنا دعاء عليه بالفقر ، وقيل بكثرة المال ، واللفظ مشترك بينهما قابل لكل منهما . قال والآخر هنا أظهر ومعناه اظفر بذات الدين ولا تلتفت إلى المال أكثر الله مالك . وروي الأول عن
الزهري وأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قال له ذلك ; لأنه رأى الفقر خيرا له من الغنى ، والله أعلم بمراد نبيه صلى الله عليه وسلم انتهى .
وقال في المطالع : قوله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=16699تربت يداك } قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : خسرت يداك . وقال
ابن بكير وغيره : استغنت ، وأنكره أهل اللغة أي لا يقال في الغنى إلا أترب .
وقال
الداودي : إنما هو تربت أي استغنيت ، وهي لغة للقبط جرت على ألسنة العرب ، وهي تردها الرواية الصحيحة ومعروف كلام العرب وقيل معناه ضعف عقلك أتجهل هذا ؟ وقيل افتقرت يداك من العلم . وقيل هو حض على تعلم مثل . وقيل معناه لله درك . وقيل امتلأت ترابا . وقيل تربت أصابها التراب ، ومنه ترب جبينك وأصله القتيل يقتل فيقع على جبينه فيتترب ثم استعمل استعمال هذه الألفاظ .
قال : والأصح فيه وفي مثله من هذه الألفاظ أنه دعاء يدعم به الكلام ويوصل تهويلا للخبر ، مثل انج لا أبا لك ، وثكلته أمه ، وهوت أمه ، وويل أمه ، وحلقى عقرى ، وأل وعل ، لا يراد وقوع شيء من ذلك ، وأن أصله الدعاء ، لكنهم قد أخرجوه عن أصله إلى التأكيد زيادة ، وإلى التعجب والاستحسان تارة ، وإلى الإنكار والتعظيم أخرى . انتهى والله أعلم .
فعلى العاقل إذا أراد أن يتزوج أن يرغب في الدين فإنه المعتمد والعمود ، وهو الغاية والمقصود .
ويحكى أن
نوح بن مريم قاضي
مرو أراد أن يزوج ابنه ، فشاور جارا له مجوسيا ، فقال : الناس يستفتونك وأنت تستفتيني ، قال لا بد أن تشير علي . فقال إن رئيسنا
nindex.php?page=showalam&ids=16848كسرى كان يختار المال ، ورئيس
النصارى قيصر كان يختار الجمال ، وجاهلية العرب كانت تختار الحسب والنسب ، ورئيسكم
محمدا كان يختار الدين ، فانظر أنت بأيهم تقتدي .
[ ص: 426 ] ثم وصف الناظم ذات الدين المرغوب في نكاحها بأوصاف زائدة على كونها دينة فقال ( الودود ) بالنصب على المفعولية وبالرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف ، وهو من الأوصاف التي يستوي فيه المذكر والمؤنث ; لأنه فعول بمعنى فاعل وكذا ولود كصبور بمعنى صابر أي وادة لزوجها بمعنى أنها تحبه ( الولود الأصل ) أي التي من أصل ذوات أولاد يعني أمهاتها ذوات أولاد ، لما روى
أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15395والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم وقال صحيح الإسناد عن
nindex.php?page=showalam&ids=249معقل بن يسار رضي الله عنه قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=25553جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله : إني أصبت امرأة ذات حسب ومنصب ومال إلا أنها لا تلد أفأتزوجها ؟ فنهاه . ثم أتاه الثانية فقال له مثل ذلك ، ثم أتاه الثالثة فقال تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم } .
فدل على أن نساءها كثيرات الأولاد ، لأن فعول من صيغ المبالغة ( ذات ) أي صاحبة ( التعبد ) أي العبادة الكثيرة من القيام والصيام والذكر والتأله ، فإن المقصود من الخلق العبادة بشهادة قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=56وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } .
حسيبة أصل من كرام تفز إذا بولد كرام والبكارة فاقصد ( حسيبة أصل ) الحسب ما تعده من مفاخر آبائك ، أو الكرم أو الشرف في الفعل أو الفعال الصالحة ، أو الشرف الثابت في الآباء . وبعضهم قال : الحسب والكرم قد يكونان لمن لا آباء له شرفاء ، والشرف والمجد لا يكونان إلا بهم . وفي المطالع : حسب الرجل آباؤه الكرام الذين تعد مناقبهم وتحسب عند المفاخر ، انتهى .
وفي المطلع : الحسيبة هي النسيبة . وأصل الحسب الشرف بالآباء وما يعده الإنسان من مفاخرهم ، يعني أنها تكون حسيبة من جهة أصلها .
فإن قلت : قد علمنا أن الحسيبة كذلك فما فائدة زيادة أصل ؟ فالجواب أنها حشو للوزن أو لزيادة التنصيص ، فإن ذلك طافح في الكلام الفصيح . ويحتمل وهو الأظهر أنه إنما زادها احترازا من توهم إرادة المال والدين . قال في القاموس : الحسب ما تعده من مفاخر آبائك أو
[ ص: 427 ] المال أو الدين ، فصرح بأن هذه المرأة حسيبة من جهة الأصل ، وأما الدين فقد ذكره سابقا والله أعلم .
ثم زاد ذلك بيانا بقوله متولدة وناشئة ( من ) قوم ( كرام ) غير لئام . قال في القاموس : الكرم محركة ضد اللؤم ، يقال كرم بضم الراء كرامة وكرما وكرمة محركتين فهو كريم وكريمة والجمع كرماء وكرام وكرائم انتهى .
وفي أسمائه تعالى الكريم . قال في النهاية : هو الجواد المعطي الذي لا ينفذ عطاؤه وهو الكريم المطلق . قال والكريم الجامع لأنواع الخير والشرف والفضائل ، ومنه حديث {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11179إن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم } لأنه اجتمع له شرف النبوة والعلم والجمال والعفة وكرم الأخلاق والعدل ورياسة الدنيا والدين ، فهو نبي ابن نبي ابن نبي ابن نبي رابع أربعة في النبوة .
ثُمَّ أَرْشَدَ النَّاظِمُ إلَى الِامْتِثَالِ لِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=10811الْحَثِّ عَلَى نِكَاحِ ذَاتِ الدِّينِ الْوَلُودِ الْوَدُودِ فَقَالَ :
مَطْلَبٌ : يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ أَنْ يَخْتَارَ ذَاتَ الدِّينِ الْوَدُودَ الْوَلُودَ الْحَسِيبَةَ :
عَلَيْك بِذَاتِ الدِّينِ تَظْفَرُ بِالْمُنَى الْ وَدُودِ الْوَلُودِ الْأَصْلِ ذَاتِ التَّعَبُّدِ
( عَلَيْك ) أَيْ الْزَمْ أَيُّهَا الْأَخُ الْمَرِيدُ النِّكَاحَ ( بِ ) نِكَاحِ ( ذَاتِ ) أَيْ صَاحِبَةِ ( الدِّينِ ) أَيْ الدَّيِّنَةِ مِنْ بَيْتِ دِينٍ وَأَمَانَةٍ وَعِفَّةٍ وَصِيَانَةٍ ، إذْ الدِّيَانَةُ تَقْتَضِي ذَلِكَ كُلَّهُ ، فَإِنْ فَعَلْت ( تَظْفَرُ ) أَيْ تَفُوزُ ( بِالْمُنَى ) أَيْ الْمَطْلُوبِ وَتَسْتَرِيحُ مِنْ الْهَمِّ وَالْعَنَاءِ .
أَخْرَجَ الْإِمَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ
وَالْبَزَّازُ وَأَبُو يَعْلَى nindex.php?page=showalam&ids=13053وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=44أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=25719تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ عَلَى إحْدَى خِصَالٍ : لِجَمَالِهَا وَمَالِهَا وَخُلُقِهَا وَدِينِهَا فَعَلَيْك بِذَاتِ الدِّينِ وَالْخُلُقِ تَرِبَتْ يَمِينُك } .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=16973أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ : لِمَالِهَا وَلِحَسَبِهَا وَلِجَمَالِهَا وَلِدِينِهَا ، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاك } .
[ ص: 425 ]
قَالَ
الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ : قَوْلُهُ " تَرِبَتْ " كَلِمَةٌ مَعْنَاهَا الْحَثُّ وَالتَّحْرِيضُ ، وَقِيلَ هِيَ هُنَا دُعَاءٌ عَلَيْهِ بِالْفَقْرِ ، وَقِيلَ بِكَثْرَةِ الْمَالِ ، وَاللَّفْظُ مُشْتَرِكٌ بَيْنَهُمَا قَابِلٌ لِكُلٍّ مِنْهُمَا . قَالَ وَالْآخَرُ هُنَا أَظْهَرُ وَمَعْنَاهُ اظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ وَلَا تَلْتَفِتْ إلَى الْمَالِ أَكْثَرَ اللَّهُ مَالَك . وَرُوِيَ الْأَوَّلُ عَنْ
الزُّهْرِيِّ وَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا قَالَ لَهُ ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ رَأَى الْفَقْرَ خَيْرًا لَهُ مِنْ الْغِنَى ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِمُرَادِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْتَهَى .
وَقَالَ فِي الْمَطَالِعِ : قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=16699تَرِبَتْ يَدَاك } قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ : خَسِرَتْ يَدَاك . وَقَالَ
ابْنُ بُكَيْرٍ وَغَيْرُهُ : اسْتَغْنَتْ ، وَأَنْكَرَهُ أَهْلُ اللُّغَةِ أَيْ لَا يُقَالُ فِي الْغِنَى إلَّا أَتْرَبَ .
وَقَالَ
الدَّاوُدِيُّ : إنَّمَا هُوَ تَرِبْت أَيْ اسْتَغْنَيْت ، وَهِيَ لُغَةٌ لِلْقِبْطِ جَرَتْ عَلَى أَلْسِنَةِ الْعَرَبِ ، وَهِيَ تَرُدُّهَا الرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ وَمَعْرُوفُ كَلَامِ الْعَرَبِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ ضَعُفَ عَقْلُك أَتَجْهَلُ هَذَا ؟ وَقِيلَ افْتَقَرَتْ يَدَاك مِنْ الْعِلْمِ . وَقِيلَ هُوَ حَضٌّ عَلَى تَعَلُّمِ مِثْلٍ . وَقِيلَ مَعْنَاهُ لِلَّهِ دَرُّك . وَقِيلَ امْتَلَأَتْ تُرَابًا . وَقِيلَ تَرِبَتْ أَصَابَهَا التُّرَابُ ، وَمِنْهُ تَرِبَ جَبِينُك وَأَصْلُهُ الْقَتِيلُ يُقْتَلُ فَيَقَعُ عَلَى جَبِينِهِ فَيَتَتَرَّبُ ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ اسْتِعْمَالَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ .
قَالَ : وَالْأَصَحُّ فِيهِ وَفِي مِثْلِهِ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ أَنَّهُ دُعَاءٌ يُدْعَمُ بِهِ الْكَلَامُ وَيُوصَلَ تَهْوِيلًا لِلْخَبَرِ ، مِثْلَ اُنْجُ لَا أَبًا لَكَ ، وَثَكِلَتْهُ أُمُّهُ ، وَهَوَتْ أُمُّهُ ، وَوَيْلُ أُمِّهِ ، وَحَلْقَى عَقْرَى ، وَأَلَّ وَعَلَّ ، لَا يُرَادُ وُقُوعُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ، وَأَنَّ أَصْلَهُ الدُّعَاءُ ، لَكِنَّهُمْ قَدْ أَخْرَجُوهُ عَنْ أَصْلِهِ إلَى التَّأْكِيدِ زِيَادَةً ، وَإِلَى التَّعَجُّبِ وَالِاسْتِحْسَانِ تَارَةً ، وَإِلَى الْإِنْكَارِ وَالتَّعْظِيمِ أُخْرَى . انْتَهَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
فَعَلَى الْعَاقِلِ إذَا أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَنْ يَرْغَبَ فِي الدِّينِ فَإِنَّهُ الْمُعْتَمَدُ وَالْعَمُودُ ، وَهُوَ الْغَايَةُ وَالْمَقْصُودُ .
وَيُحْكَى أَنَّ
نُوحَ بْنَ مَرْيَمَ قَاضِيَ
مَرْوَ أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَ ابْنَهُ ، فَشَاوَرَ جَارًا لَهُ مَجُوسِيًّا ، فَقَالَ : النَّاسُ يَسْتَفْتُونَك وَأَنْتَ تَسْتَفْتِينِي ، قَالَ لَا بُدَّ أَنْ تُشِيرَ عَلَيَّ . فَقَالَ إنَّ رَئِيسَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16848كِسْرَى كَانَ يَخْتَارُ الْمَالَ ، وَرَئِيسَ
النَّصَارَى قَيْصَرَ كَانَ يَخْتَارُ الْجَمَالَ ، وَجَاهِلِيَّةَ الْعَرَبِ كَانَتْ تَخْتَارُ الْحَسَبَ وَالنَّسَبَ ، وَرَئِيسَكُمْ
مُحَمَّدًا كَانَ يَخْتَارُ الدِّينَ ، فَانْظُرْ أَنْتَ بِأَيِّهِمْ تَقْتَدِي .
[ ص: 426 ] ثُمَّ وَصَفَ النَّاظِمُ ذَاتَ الدِّينِ الْمَرْغُوبَ فِي نِكَاحِهَا بِأَوْصَافٍ زَائِدَةٍ عَلَى كَوْنِهَا دَيِّنَةً فَقَالَ ( الْوَدُودَ ) بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ وَبِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ ، وَهُوَ مِنْ الْأَوْصَافِ الَّتِي يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذَّكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ ; لِأَنَّهُ فَعُولٌ بِمَعْنَى فَاعِلٌ وَكَذَا وَلُودٌ كَصَبُورٍ بِمَعْنَى صَابِرٍ أَيْ وَادَّةٌ لِزَوْجِهَا بِمَعْنَى أَنَّهَا تُحِبُّهُ ( الْوَلُودُ الْأَصْلِ ) أَيْ الَّتِي مِنْ أَصْلِ ذَوَاتِ أَوْلَادٍ يَعْنِي أُمَّهَاتِهَا ذَوَاتِ أَوْلَادٍ ، لِمَا رَوَى
أَبُو دَاوُد nindex.php?page=showalam&ids=15395وَالنَّسَائِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=14070وَالْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=249مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=25553جَاءَ رَجُلٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ : إنِّي أَصَبْت امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ وَمَنْصِبٍ وَمَالٍ إلَّا أَنَّهَا لَا تَلِدُ أَفَأَتَزَوَّجُهَا ؟ فَنَهَاهُ . ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الْأُمَمَ } .
فَدَلَّ عَلَى أَنَّ نِسَاءَهَا كَثِيرَاتُ الْأَوْلَادِ ، لِأَنَّ فَعُولٌ مِنْ صِيَغِ الْمُبَالَغَةِ ( ذَاتَ ) أَيْ صَاحِبَةَ ( التَّعَبُّدِ ) أَيْ الْعِبَادَةِ الْكَثِيرَةِ مِنْ الْقِيَامِ وَالصِّيَامِ وَالذِّكْرِ وَالتَّأَلُّهِ ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْخَلْقِ الْعِبَادَةُ بِشَهَادَةِ قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=56وَمَا خَلَقْت الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إلَّا لِيَعْبُدُونِ } .
حَسِيبَةُ أَصْلٍ مِنْ كِرَامٍ تَفُزْ إذًا بِوُلْدٍ كِرَامٍ وَالْبَكَارَةَ فَاقْصِدْ ( حَسِيبَةَ أَصْلٍ ) الْحَسَبُ مَا تَعُدُّهُ مِنْ مَفَاخِرِ آبَائِك ، أَوْ الْكَرَمُ أَوْ الشَّرَفُ فِي الْفِعْلِ أَوْ الْفِعَالُ الصَّالِحَةُ ، أَوْ الشَّرَفُ الثَّابِتُ فِي الْآبَاءِ . وَبَعْضُهُمْ قَالَ : الْحَسَبُ وَالْكَرَمُ قَدْ يَكُونَانِ لِمَنْ لَا آبَاءَ لَهُ شُرَفَاءُ ، وَالشَّرَفُ وَالْمَجْدُ لَا يَكُونَانِ إلَّا بِهِمْ . وَفِي الْمَطَالِعِ : حَسَبُ الرَّجُلِ آبَاؤُهُ الْكِرَامُ الَّذِينَ تُعَدُّ مَنَاقِبُهُمْ وَتُحْسَبُ عِنْدَ الْمَفَاخِرِ ، انْتَهَى .
وَفِي الْمُطْلِعِ : الْحَسِيبَةُ هِيَ النَّسِيبَةُ . وَأَصْلُ الْحَسَبِ الشَّرَفُ بِالْآبَاءِ وَمَا يَعُدُّهُ الْإِنْسَانُ مِنْ مَفَاخِرِهِمْ ، يَعْنِي أَنَّهَا تَكُونُ حَسِيبَةً مِنْ جِهَةِ أَصْلِهَا .
فَإِنْ قُلْت : قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ الْحَسِيبَةَ كَذَلِكَ فَمَا فَائِدَةُ زِيَادَةِ أَصْلٍ ؟ فَالْجَوَابُ أَنَّهَا حَشْوٌ لِلْوَزْنِ أَوْ لِزِيَادَةِ التَّنْصِيصِ ، فَإِنَّ ذَلِكَ طَافِحٌ فِي الْكَلَامِ الْفَصِيحِ . وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ إنَّمَا زَادَهَا احْتِرَازًا مِنْ تَوَهُّمِ إرَادَةِ الْمَالِ وَالدِّينِ . قَالَ فِي الْقَامُوسِ : الْحَسَبُ مَا تَعُدُّهُ مِنْ مَفَاخِرِ آبَائِك أَوْ
[ ص: 427 ] الْمَالِ أَوْ الدِّينِ ، فَصَرَّحَ بِأَنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ حَسِيبَةٌ مِنْ جِهَةِ الْأَصْلِ ، وَأَمَّا الدِّينُ فَقَدْ ذَكَرَهُ سَابِقًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
ثُمَّ زَادَ ذَلِكَ بَيَانًا بِقَوْلِهِ مُتَوَلِّدَةٌ وَنَاشِئَةٌ ( مِنْ ) قَوْمٍ ( كِرَامٍ ) غَيْرِ لِئَامٍ . قَالَ فِي الْقَامُوسِ : الْكَرَمُ مُحَرَّكَةٌ ضِدَّ اللُّؤْمِ ، يُقَالُ كَرُمَ بِضَمِّ الرَّاءِ كَرَامَةً وَكَرَمًا وَكَرَمَةً مُحَرَّكَتَيْنِ فَهُوَ كَرِيمٌ وَكَرِيمَةٌ وَالْجَمْعُ كُرَمَاءُ وَكِرَامٌ وَكَرَائِمُ انْتَهَى .
وَفِي أَسْمَائِهِ تَعَالَى الْكَرِيمُ . قَالَ فِي النِّهَايَةِ : هُوَ الْجَوَّادُ الْمُعْطِي الَّذِي لَا يَنْفُذُ عَطَاؤُهُ وَهُوَ الْكَرِيمُ الْمُطْلَقُ . قَالَ وَالْكَرِيمُ الْجَامِعُ لِأَنْوَاعِ الْخَيْرِ وَالشَّرَفِ وَالْفَضَائِلِ ، وَمِنْهُ حَدِيثُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=11179إنَّ الْكَرِيمَ ابْنَ الْكَرِيمِ ابْنِ الْكَرِيمِ ابْنِ الْكَرِيمِ يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ إبْرَاهِيمَ } لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ لَهُ شَرَفُ النُّبُوَّةِ وَالْعِلْمِ وَالْجَمَالِ وَالْعِفَّةِ وَكَرَمِ الْأَخْلَاقِ وَالْعَدْلِ وَرِيَاسَةِ الدُّنْيَا وَالدِّينِ ، فَهُوَ نَبِيُّ ابْنُ نَبِيِّ ابْنِ نَبِيِّ ابْنِ نَبِيِّ رَابِعُ أَرْبَعَةٍ فِي النُّبُوَّةِ .