مطلب : من هجر اللذات نال المنى : فمن
nindex.php?page=treesubj&link=27209هجر اللذات نال المنى ومن أكب على اللذات عض على اليد ( فمن ) أي أي رجل مؤمن أو امرأة مؤمنة ( هجر اللذات ) أي صرمها ولم يلو إليها عنانه ، ولم يشغل بها جنانه ، ولا لطخ بها لسانه ، ولا نافس في اكتسابها ، ولم ينكب على انتهابها . بل رفضها وثنى عنها العنان ، ولها شنى ، ومال عنها وانحنى ( نال ) أي أصاب ( المنى ) أي مناه بمعنى تمنيته يعني ما يتمناه ويطلبه من النعيم المقيم ، في دار الخلد والتكريم ، ومن
[ ص: 452 ] تحصيل العلوم والمعارف والأخبار والآثار ، الواردة عن النبي المختار ، والصحابة الأخيار ، والتابعين الأطهار ، والأئمة الأبرار . كل هذا إنما يحصل بهجر اللذات ورفض الشهوات .
( ومن ) أي كل إنسان ( أكب ) أي أقبل ( على اللذات ) المحرمة ، وكذا المباحة المشغلة عن العلوم ينحوها ، وانهمك في الشهوات الملهية عن نيل الكمالات ( عض ) بأسنانه ( على اليد ) تأسفا على ما فرط في أيامه ، وتلهفا على ما تثبط في دهوره وأعوامه ، فهو مأخوذ من قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=27ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا . يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا } .
واللذات جمع لذة وهي نقيض الألم ، يقال لذه ولذ به لذاذا ولذاذة ، والتذه والتذ به واستلذه وجده لذيذا ، ولذا هو صار لذيذا .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني بإسناد مقارب عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=25705الزهد في الدنيا يريح القلب والجسد } .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12455ابن أبي الدنيا عن
الضحاك مرسلا قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=302أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال يا رسول الله من أزهد الناس ؟ قال من لم ينس القبر والبلى ، وترك أفضل زينة الدنيا ، وآثر ما يبقى على ما يفنى ، ولم يعد غدا في أيامه ، وعد نفسه من الموتى } .
وروى الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بإسناد صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان في صحيحه
nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم وقال صحيح الإسناد عن
nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=34488ما طلعت شمس قط إلا بعث بجنبتيها ملكان يناديان يسمعان أهل الأرض إلا الثقلين : يا أيها الناس هلموا إلى ربكم فإن ما قل وكفى خير مما كثر وألهى } .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم وقال صحيح الإسناد عن
أبي مالك الأشعري رضي الله عنه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=21932لما حضرته الوفاة قال : يا معشر الأشعريين ليبلغ الشاهد منكم الغائب إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : حلوة الدنيا مرة الآخرة ، ومرة الدنيا حلوة الآخرة } .
وروى
الترمذي وصححه
nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان في صحيحه عن
nindex.php?page=showalam&ids=331كعب بن مالك [ ص: 453 ] رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=89129 : ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه } . ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني وأبو يعلى وإسنادهما جيد من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=34360ما ذئبان ضاريان جائعان باتا في زريبة غنم أغفلها أهلها يفترسان ويأكلان بأسرع فيها فسادا من حب المال والشرف في دين المرء المسلم } ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=13863البزار بنحوه عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر مرفوعا .
وروى الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=25701الدنيا دار من لا دار له ، ولها يجمع من لا عقل له } ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي وزاد {
nindex.php?page=hadith&LINKID=42825ومال من لا مال له } وإسنادهما جيد
. وعن
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم قال : استسقى
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر فجيء بماء قد شيب بعسل فقال إنه لطيب لكني أسمع الله عز وجل نعى على قوم شهواتهم فقال : أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها فأخاف أن يكون حسناتنا عجلت لنا فلم يشربه ذكره
رزين ، قال الحافظ
nindex.php?page=showalam&ids=16383المنذري : ولم أره .
وقال
الحسن : المؤمن في الدنيا كالغريب لا يجزع من ذلها ولا ينافس في عزها الناس منه في راحة ، ونفسه منه في شغل .
واعلم أن الرجل العاقل المراقب لم يقصد بالأكل والشرب التلذذ بل دفع الجوع مما يوافق بدنه ويقويه على الطاعة ، فإن قصد الالتذاذ بشيء من المتناولات أحيانا لم يعب عليه ذلك ، وإنما يعاب عليه الانهماك في ذلك ، ولذا قال الناظم ( أكب على اللذات ) يعني أقبل عليها بكلية ، وهذا ليس من شأن أهل الإيمان ، بل شأنهم الإقبال على الله في جميع شؤونهم .
والأكل والشرب سلم يتوصلون به إلى التقوى على العبادة والطاعة ، فإذا أكلوا أو شربوا أو لبسوا أو نكحوا أو فعلوا من نحو هذه الأشياء شيئا فعلوه بهذه النية ، وإذا تركوا شيئا من ذلك تركوه لله عز وجل ، فيكون فعلهم وتركهم عبادة ، وكذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=28780كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف . قال الله عز وجل إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به إنه ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي } .
[ ص: 454 ] فلما كان الصيام مجرد ترك حظوظ النفس وشهواتها الأصلية التي جبلت على الميل إليها لله عز وجل أضافه سبحانه لنفسه ، مع أن الأعمال كلها لله سبحانه ، ولهذا قال : إنه ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي . قال بعض
السلف : طوبى لمن ترك شهوة حاضره لموعد غيب لم يره .
مطلب :
nindex.php?page=treesubj&link=19951_27209التقرب بترك الشهوات وهجر اللذات .
فيه فوائد وفي التقرب بترك الشهوات وهجر اللذات فوائد : منها كسر النفس فإن الانهماك في اللذات من الأكل والشرب ومباشرة النساء تحمل النفس على الأشر والبطر والغفلة ، ومنها تخلي القلب للفكر والذكر ، فإن تناول الشهوات والانهماك في اللذات ، قد يقسي القلب ويعميه ويحول بين العبد وبين الذكر والفكر ويستدعي الغفلة ، وخلو الباطن من الطعام والشراب ينور القلب ويوجب رقته ويزيل قسوته ، ومنها الاشتغال بما هو أهم منها من دراسة العلم والإمعان في تفهمه وتعلمه وتعليمه ، ومنها الإعراض والنزاهة عن اشتغال القلب بما هو صائر إلى النجاسة فكلما أكثر من ذلك كان حمله للنجاسة أكثر ، وغاية الالتذاذ بذلك في مقدار أصبعين أو ثلاثة ثم يستوي طيبه وخبيثه . فمن راقب هذه الحالة ترك الانهماك في اللذات لا محالة .
مَطْلَبٌ : مَنْ هَجَرَ اللَّذَّاتِ نَالَ الْمُنَى : فَمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=27209هَجَرَ اللَّذَّاتِ نَالَ الْمُنَى وَمَنْ أَكَبَّ عَلَى اللَّذَّاتِ عَضَّ عَلَى الْيَدِ ( فَمَنْ ) أَيْ أَيُّ رَجُلٍ مُؤْمِنٍ أَوْ امْرَأَةٍ مُؤْمِنَةٍ ( هَجَرَ اللَّذَّاتِ ) أَيْ صَرَمَهَا وَلَمْ يَلْوِ إلَيْهَا عِنَانَهُ ، وَلَمْ يَشْغَلْ بِهَا جَنَانَهُ ، وَلَا لَطَّخَ بِهَا لِسَانَهُ ، وَلَا نَافَسَ فِي اكْتِسَابِهَا ، وَلَمْ يَنْكَبَّ عَلَى انْتِهَابِهَا . بَلْ رَفَضَهَا وَثَنَى عَنْهَا الْعِنَانَ ، وَلَهَا شَنَى ، وَمَالَ عَنْهَا وَانْحَنَى ( نَالَ ) أَيْ أَصَابَ ( الْمُنَى ) أَيْ مُنَاهُ بِمَعْنَى تَمْنِيَتَهُ يَعْنِي مَا يَتَمَنَّاهُ وَيَطْلُبُهُ مِنْ النَّعِيمِ الْمُقِيمِ ، فِي دَارِ الْخُلْدِ وَالتَّكْرِيمِ ، وَمِنْ
[ ص: 452 ] تَحْصِيلِ الْعُلُومِ وَالْمَعَارِفِ وَالْأَخْبَارِ وَالْآثَارِ ، الْوَارِدَةِ عَنْ النَّبِيِّ الْمُخْتَارِ ، وَالصَّحَابَةِ الْأَخْيَارِ ، وَالتَّابِعِينَ الْأَطْهَارِ ، وَالْأَئِمَّةِ الْأَبْرَارِ . كُلُّ هَذَا إنَّمَا يَحْصُلُ بِهَجْرِ اللَّذَّاتِ وَرَفْضِ الشَّهَوَاتِ .
( وَمَنْ ) أَيْ كُلُّ إنْسَانٍ ( أَكَبَّ ) أَيْ أَقْبَلَ ( عَلَى اللَّذَّاتِ ) الْمُحَرَّمَةِ ، وَكَذَا الْمُبَاحَةِ الْمُشْغِلَةِ عَنْ الْعُلُومِ يَنْحُوهَا ، وَانْهَمَكَ فِي الشَّهَوَاتِ الْمُلْهِيَةِ عَنْ نَيْلِ الْكَمَالَاتِ ( عَضَّ ) بِأَسْنَانِهِ ( عَلَى الْيَدِ ) تَأَسُّفًا عَلَى مَا فَرَّطَ فِي أَيَّامِهِ ، وَتَلَهُّفًا عَلَى مَا تَثَبَّطَ فِي دُهُورِهِ وَأَعْوَامِهِ ، فَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=27وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْت مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا . يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا } .
وَاللَّذَّاتُ جَمْعُ لَذَّةٍ وَهِيَ نَقِيضُ الْأَلَمِ ، يُقَالُ لَذَّهُ وَلَذَّ بِهِ لِذَاذًا وَلَذَاذَةً ، وَالْتَذَّهُ وَالْتَذَّ بِهِ وَاسْتَلَذَّهُ وَجَدَهُ لَذِيذًا ، وَلِذَا هُوَ صَارَ لَذِيذًا .
وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ مُقَارِبٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=25705الزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا يُرِيحُ الْقَلْبَ وَالْجَسَدَ } .
وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12455ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا عَنْ
الضَّحَّاكِ مُرْسَلًا قَالَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=302أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَزْهَدُ النَّاسِ ؟ قَالَ مَنْ لَمْ يَنْسَ الْقَبْرَ وَالْبِلَى ، وَتَرَك أَفْضَلَ زِينَةِ الدُّنْيَا ، وَآثَرَ مَا يَبْقَى عَلَى مَا يَفْنَى ، وَلَمْ يَعُدَّ غَدًا فِي أَيَّامِهِ ، وَعَدَّ نَفْسَهُ مِنْ الْمَوْتَى } .
وَرَوَى الْإِمَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ
nindex.php?page=showalam&ids=13053وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=14070وَالْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=4أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=34488مَا طَلَعَتْ شَمْسٌ قَطُّ إلَّا بَعَثَ بِجَنْبَتَيْهَا مَلَكَانِ يُنَادِيَانِ يُسْمِعَانِ أَهْلَ الْأَرْضِ إلَّا الثَّقَلَيْنِ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ هَلُمُّوا إلَى رَبِّكُمْ فَإِنَّ مَا قَلَّ وَكَفَى خَيْرٌ مِمَّا كَثُرَ وَأَلْهَى } .
وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=14070الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ عَنْ
أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=21932لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ : يَا مَعْشَرَ الْأَشْعَرِيِّينَ لِيُبَلِّغَ الشَّاهِدُ مِنْكُمْ الْغَائِبَ إنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : حُلْوَةُ الدُّنْيَا مُرَّةُ الْآخِرَةِ ، وَمُرَّةُ الدُّنْيَا حُلْوَةُ الْآخِرَةِ } .
وَرَوَى
التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13053وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=331كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ [ ص: 453 ] رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=89129 : مَا ذِئْبَانِ جَائِعَانِ أُرْسِلَا فِي غَنَمٍ بِأَفْسَدَ لَهَا مِنْ حِرْصِ الْمَرْءِ عَلَى الْمَالِ وَالشَّرَفِ لِدِينِهِ } . وَرَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطَّبَرَانِيُّ وَأَبُو يَعْلَى وَإِسْنَادُهُمَا جَيِّدٌ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِلَفْظٍ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=34360مَا ذِئْبَانِ ضَارِيَانِ جَائِعَانِ بَاتَا فِي زَرِيبَةِ غَنَمٍ أَغْفَلَهَا أَهْلُهَا يَفْتَرِسَانِ وَيَأْكُلَانِ بِأَسْرَعَ فِيهَا فَسَادًا مِنْ حُبِّ الْمَالِ وَالشَّرَفِ فِي دِينِ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ } وَرَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13863الْبَزَّارُ بِنَحْوِهِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا .
وَرَوَى الْإِمَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=25701الدُّنْيَا دَارُ مَنْ لَا دَارَ لَهُ ، وَلَهَا يَجْمَعُ مَنْ لَا عَقْلَ لَهُ } وَرَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13933الْبَيْهَقِيُّ وَزَادَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=42825وَمَالُ مَنْ لَا مَالَ لَهُ } وَإِسْنَادُهُمَا جَيِّدٌ
. وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15944زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ : اسْتَسْقَى
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ فَجِيءَ بِمَاءٍ قَدْ شِيبَ بِعَسَلٍ فَقَالَ إنَّهُ لَطَيِّبٌ لَكِنِّي أَسْمَعُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ نَعَى عَلَى قَوْمٍ شَهَوَاتِهِمْ فَقَالَ : أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمْ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَأَخَافُ أَنْ يَكُونَ حَسَنَاتُنَا عُجِّلَتْ لَنَا فَلَمْ يَشْرَبْهُ ذَكَرَهُ
رَزِينٌ ، قَالَ الْحَافِظُ
nindex.php?page=showalam&ids=16383الْمُنْذِرِيُّ : وَلَمْ أَرَهُ .
وَقَالَ
الْحَسَنُ : الْمُؤْمِنُ فِي الدُّنْيَا كَالْغَرِيبِ لَا يَجْزَعُ مِنْ ذُلِّهَا وَلَا يُنَافِسُ فِي عِزِّهَا النَّاسُ مِنْهُ فِي رَاحَةٍ ، وَنَفْسُهُ مِنْهُ فِي شُغْلٍ .
وَاعْلَمْ أَنَّ الرَّجُلَ الْعَاقِلَ الْمُرَاقِبَ لَمْ يَقْصِدْ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ التَّلَذُّذَ بَلْ دَفْعَ الْجُوعِ مِمَّا يُوَافِقُ بَدَنَهُ وَيُقَوِّيه عَلَى الطَّاعَةِ ، فَإِنْ قَصَدَ الِالْتِذَاذَ بِشَيْءٍ مِنْ الْمُتَنَاوِلَاتِ أَحْيَانًا لَمْ يُعَبْ عَلَيْهِ ذَلِكَ ، وَإِنَّمَا يُعَابُ عَلَيْهِ الِانْهِمَاكُ فِي ذَلِكَ ، وَلِذَا قَالَ النَّاظِمُ ( أَكَبَّ عَلَى اللَّذَّاتِ ) يَعْنِي أَقْبَلْ عَلَيْهَا بِكُلِّيَّةٍ ، وَهَذَا لَيْسَ مِنْ شَأْنِ أَهْلِ الْإِيمَانِ ، بَلْ شَأْنُهُمْ الْإِقْبَالَ عَلَى اللَّهِ فِي جَمِيعِ شُؤُونِهِمْ .
وَالْأَكْلُ وَالشُّرْبُ سُلَّمٌ يَتَوَصَّلُونَ بِهِ إلَى التَّقْوَى عَلَى الْعِبَادَةِ وَالطَّاعَةِ ، فَإِذَا أَكَلُوا أَوْ شَرِبُوا أَوْ لَبِسُوا أَوْ نَكَحُوا أَوْ فَعَلُوا مِنْ نَحْوِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ شَيْئًا فَعَلُوهُ بِهَذِهِ النِّيَّةِ ، وَإِذَا تَرَكُوا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ تَرَكُوهُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَيَكُونُ فِعْلُهُمْ وَتَرْكُهُمْ عِبَادَةً ، وَكَذَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=28780كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ . قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إلَّا الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ إنَّهُ تَرَكَ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ مِنْ أَجْلِي } .
[ ص: 454 ] فَلَمَّا كَانَ الصِّيَامُ مُجَرَّدَ تَرْكِ حُظُوظِ النَّفْسِ وَشَهَوَاتِهَا الْأَصْلِيَّةِ الَّتِي جُبِلَتْ عَلَى الْمِيلِ إلَيْهَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَضَافَهُ سُبْحَانَهُ لِنَفْسِهِ ، مَعَ أَنَّ الْأَعْمَالَ كُلَّهَا لِلَّهِ سُبْحَانَهُ ، وَلِهَذَا قَالَ : إنَّهُ تَرَكَ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ مِنْ أَجْلِي . قَالَ بَعْضُ
السَّلَفِ : طُوبَى لِمَنْ تَرَكَ شَهْوَةَ حَاضِرِهِ لِمَوْعِدٍ غُيِّبَ لَمْ يَرَهُ .
مَطْلَبٌ :
nindex.php?page=treesubj&link=19951_27209التَّقَرُّبُ بِتَرْكِ الشَّهَوَاتِ وَهَجْرِ اللَّذَّاتِ .
فِيهِ فَوَائِدُ وَفِي التَّقَرُّبِ بِتَرْكِ الشَّهَوَاتِ وَهَجْرِ اللَّذَّاتِ فَوَائِدُ : مِنْهَا كَسْرُ النَّفْسِ فَإِنَّ الِانْهِمَاكَ فِي اللَّذَّاتِ مِنْ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَمُبَاشَرَةِ النِّسَاءِ تَحْمِلُ النَّفْسَ عَلَى الْأَشَرِ وَالْبَطَرِ وَالْغَفْلَةِ ، وَمِنْهَا تَخَلِّي الْقَلْبِ لِلْفِكْرِ وَالذِّكْرِ ، فَإِنَّ تَنَاوُلَ الشَّهَوَاتِ وَالِانْهِمَاكَ فِي اللَّذَّاتِ ، قَدْ يُقَسِّي الْقَلْبَ وَيُعْمِيهِ وَيَحُولُ بَيْن الْعَبْدِ وَبَيْنَ الذِّكْرِ وَالْفِكْرِ وَيَسْتَدْعِي الْغَفْلَةَ ، وَخُلُوَّ الْبَاطِنِ مِنْ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ يُنَوِّرُ الْقَلْبَ وَيُوجِبُ رِقَّتَهُ وَيُزِيلُ قَسْوَتَهُ ، وَمِنْهَا الِاشْتِغَالُ بِمَا هُوَ أَهَمُّ مِنْهَا مِنْ دِرَاسَةِ الْعِلْمِ وَالْإِمْعَانِ فِي تَفَهُّمِهِ وَتَعَلُّمِهِ وَتَعْلِيمِهِ ، وَمِنْهَا الْإِعْرَاضُ وَالنَّزَاهَةُ عَنْ اشْتِغَالِ الْقَلْبِ بِمَا هُوَ صَائِرٌ إلَى النَّجَاسَةِ فَكُلَّمَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ كَانَ حَمْلُهُ لِلنَّجَاسَةِ أَكْثَرُ ، وَغَايَةُ الِالْتِذَاذِ بِذَلِكَ فِي مِقْدَارِ أُصْبُعَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ ثُمَّ يَسْتَوِي طَيِّبُهُ وَخَبِيثُهُ . فَمَنْ رَاقَبَ هَذِهِ الْحَالَةَ تَرَكَ الِانْهِمَاكَ فِي اللَّذَّاتِ لَا مَحَالَةَ .