ولما ذكر الناظم كف اللسان عن العوراء خشي أن يتوهم متوهم اختصاص ذلك باللسان ، فدفع هذا الوهم بقوله :
مطلب : ينبغي
nindex.php?page=treesubj&link=19456_19423_19373_19322_19276تحصين الجوارح عن الفحشاء كلها لتشهد له يوم القيامة : وحصن عن الفحشا الجوارح كلها تكن لك في يوم الجزا خير شهد ( وحصن ) بتشديد الصاد المهملة أي منع ( عن ) جميع ( الفحشا ) بالقصر ضرورة من القول والعمل ، وكل ما اشتد قبحه من الذنوب ، وكل ما نهى الله عنه ، وأكثر ما تستعمل في الزنا واللواط ، كقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=32ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا } . {
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=80أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين } . والفحشاء البخل في أداء الزكاة .
ومراد الناظم كل قبيح نهى الله ورسوله عنه فكف وحصن ( الجوارح ) جمع جارحة ( كلها ) وهي العين والأذن واللسان والبطن والفرج واليد والرجل . وتقدم الكلام عليها في صدر الكتاب ، فإن أنت حصنتها عن الفواحش ( تكن ) الجوارح المذكورة ( لك ) أيها الأخ المتقي لله فيها المحصنها عن كل ما يشينها ( في يوم الجزاء ) الذي هو يوم القيامة فيجازي كل أحد بما عمل من المليح والقبيح ولا يظلم ربك أحدا ( خير شهد ) بضم الشين المعجمة وفتح الهاء مشددة جمع شاهد . وفي صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس رضي الله عنه قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=28972كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فضحك ، فقال : هل تدرون مم أضحك ؟ قلنا الله ورسوله أعلم ، قال من مخاطبة العبد ربه فيقول : يا رب ألم تجرني من الظلم ، يقول بلى ، فيقول إني لا أجيز اليوم على نفسي شاهدا إلا مني ، فيقول كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا والكرام الكاتبين شهودا ، قال فيختم على فيه ويقال لأركانه انطقي فتنطق بأعماله ، ثم يخلى بينه وبين الكلام فيقول بعدا لكن وسحقا فعنكن كنت أناضل } أي بالضاد المعجمة يعني أجادل وأخاصم وأدافع ، فإذا لم يكن العبد عمل بالجوارح مكروها لم تشهد عليه إلا بخير أعماله وسديد أفعاله وطيب أقواله ، فهي حينئذ خير شهود له عند ربه ومولاه .
[ ص: 494 ] وفي القرآن العظيم {
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=19ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله } الآيات .
وَلَمَّا ذَكَرَ النَّاظِمُ كَفَّ اللِّسَانِ عَنْ الْعَوْرَاءِ خَشِيَ أَنْ يَتَوَهَّمَ مُتَوَهِّمٌ اخْتِصَاصَ ذَلِكَ بِاللِّسَانِ ، فَدَفَعَ هَذَا الْوَهْمَ بِقَوْلِهِ :
مَطْلَبٌ : يَنْبَغِي
nindex.php?page=treesubj&link=19456_19423_19373_19322_19276تَحْصِينُ الْجَوَارِحِ عَنْ الْفَحْشَاءِ كُلِّهَا لِتَشْهَدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : وَحَصِّنْ عَنْ الْفَحْشَا الْجَوَارِحَ كُلَّهَا تَكُنْ لَك فِي يَوْمِ الْجَزَا خَيْرَ شُهَّدِ ( وَحَصِّنْ ) بِتَشْدِيدِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ مَنْعٌ ( عَنْ ) جَمِيعِ ( الْفَحْشَا ) بِالْقَصْرِ ضَرُورَةً مِنْ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ ، وَكُلِّ مَا اشْتَدَّ قُبْحُهُ مِنْ الذُّنُوبِ ، وَكُلِّ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ ، وَأَكْثَرُ مَا تُسْتَعْمَلُ فِي الزِّنَا وَاللِّوَاطِ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=32وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا } . {
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=80أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ الْعَالَمِينَ } . وَالْفَحْشَاءُ الْبُخْلُ فِي أَدَاءِ الزَّكَاةِ .
وَمُرَادُ النَّاظِمِ كُلُّ قَبِيحٍ نَهَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ عَنْهُ فَكُفَّ وَحَصِّنْ ( الْجَوَارِحَ ) جَمْعُ جَارِحَةٍ ( كُلَّهَا ) وَهِيَ الْعَيْنُ وَالْأُذُنُ وَاللِّسَانُ وَالْبَطْنُ وَالْفَرْجُ وَالْيَدُ وَالرِّجْلُ . وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي صَدْرِ الْكِتَابِ ، فَإِنْ أَنْتَ حَصَّنْتهَا عَنْ الْفَوَاحِشِ ( تَكُنْ ) الْجَوَارِحُ الْمَذْكُورَةُ ( لَك ) أَيُّهَا الْأَخُ الْمُتَّقِي لِلَّهِ فِيهَا الْمُحَصِّنُهَا عَنْ كُلِّ مَا يَشِينُهَا ( فِي يَوْمِ الْجَزَاءِ ) الَّذِي هُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ فَيُجَازِي كُلَّ أَحَدٍ بِمَا عَمِلَ مِنْ الْمَلِيحِ وَالْقَبِيحِ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّك أَحَدًا ( خَيْرَ شُهَّدِ ) بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْهَاءِ مُشَدَّدَةً جَمْعُ شَاهِدٍ . وَفِي صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=28972كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضَحِكَ ، فَقَالَ : هَلْ تَدْرُونَ مِمَّ أَضْحَكُ ؟ قُلْنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ مِنْ مُخَاطَبَةِ الْعَبْدِ رَبَّهُ فَيَقُولُ : يَا رَبُّ أَلَمْ تُجِرْنِي مِنْ الظُّلْمِ ، يَقُولُ بَلَى ، فَيَقُولُ إنِّي لَا أُجِيزُ الْيَوْمَ عَلَى نَفْسِي شَاهِدًا إلَّا مِنِّي ، فَيَقُولُ كَفَى بِنَفْسِك الْيَوْمَ عَلَيْك حَسِيبًا وَالْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ شُهُودًا ، قَالَ فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ وَيُقَالُ لِأَرْكَانِهِ انْطِقِي فَتَنْطِقُ بِأَعْمَالِهِ ، ثُمَّ يُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَلَامِ فَيَقُولُ بُعْدًا لَكِنْ وَسُحْقًا فَعَنْكُنَّ كُنْت أُنَاضِلُ } أَيْ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ يَعْنِي أُجَادِلُ وَأُخَاصِمُ وَأُدَافِعُ ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْعَبْدُ عَمِلَ بِالْجَوَارِحِ مَكْرُوهًا لَمْ تَشْهَدْ عَلَيْهِ إلَّا بِخَيْرِ أَعْمَالِهِ وَسَدِيدِ أَفْعَالِهِ وَطَيِّبِ أَقْوَالِهِ ، فَهِيَ حِينَئِذٍ خَيْرُ شُهُودٍ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَمَوْلَاهُ .
[ ص: 494 ] وَفِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=19وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ حَتَّى إذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ } الْآيَاتِ .