الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        3697 - حدثنا يونس ، قال : ثنا ابن وهب ، أن مالكا حدثه ، عن صدقة بن يسار ، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : ( والله لأن أعتمر قبل الحج وأهدي ، أحب إلي من أن أعتمر بعد الحج في ذي الحجة ) .

                                                        فهذا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أيضا ، قد فضل العمرة التي في أشهر الحج ، على العمرة التي في غير أشهر الحج .

                                                        فدل ذلك على صحة ما روى ابن عباس رضي الله عنهما عن عمر رضي الله عنه ؛ لأن ابن عمر رضي الله عنه لو كان سمع ذلك من عمر رضي الله عنه كما في حديث عقيل عن الزهري ، إذا لما قال بخلاف ذلك ؛ لأنه قد سمع أباه قاله بحضرة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، لا ينكره عليه منكر ، ولا يدفعه عنه دافع ، وهو أيضا ، فلا يدفعه عنه ، ولا يقول له : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان فعل هذا .

                                                        ولكن المحكي في ذلك ، عن عمر رضي الله عنه هو إرادة عمر رضي الله عنه أن يزار البيت ، وباقي الكلام بعد ذلك .

                                                        [ ص: 149 ] فكلام سالم ، خلطه الزهري بروايته ، فلم يتميز .

                                                        فأما قوله : ( إن العمرة في أشهر الحج لا تتم إلا بالهدي لمن يجد الهدي ، أو بالصيام لمن لا يجد الهدي ) .

                                                        فثبت بذلك تمام العمرة في غير أشهر الحج إذا كان ذلك غير واجب فيها ، وأوجب النقصان في العمرة التي في أشهر الحج ، إذا كان واجبا فيها ، وهذا كله إذا كان الحج يتلوها .

                                                        فإن الحجة على من ذهب إلى ذلك - عندنا والله أعلم - أنا رأينا الهدي الذي يجب في المتعة والقران ، يؤكل باتفاق المتقدمين جميعا ، ورأينا الهدي الذي يجب لنقصان في العمرة أو في الحجة ، لا يؤكل منه باتفاقهم جميعا .

                                                        فلما كان الهدي الواجب في المتعة والقران يؤكل منه ، ثبت أنه غير واجب ، لنقصان في العمرة ، أو في الحجة التي بعدها ؛ لأنه لو كان لنقصان لكان من أشكال الدماء الواجبة للنقصان ، ولكان لا يؤكل منه ، كما لا يؤكل منها ، ولكنه دم فضل ، وإصابة خير .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية