الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        3748 - حدثنا يزيد بن سنان ، قال : ثنا ابن أبي مريم . ( ح ) .

                                                        3749 - وحدثنا ابن أبي داود ، قال : ثنا عبد الله بن صالح ، قالا : ثنا ابن لهيعة ، عن أبي الزبير ، عن جابر رضي الله عنه في ركوب الهدي : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : اركبها بالمعروف إذا ألجئت إليها ، حتى تجد ظهرا .

                                                        فأباح النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ركوبها في حال الضرورة ، ومنع من ذلك إذا ارتفعت الضرورة ووجد غيرها ، فثبت بذلك أن هذا حكم الهدي من طريق الآثار ، تركب للضرورات ، وتترك لارتفاع الضرورات .

                                                        ثم اعتبرنا حكم ذلك من طريق النظر ، كيف هو ؟ فرأينا الأشياء على ضربين ، فمنها ما الملك فيه متكامل ، لم يدخله شيء يزيل عنه شيئا من أحكام الملك ، كالعبد الذي لم يدبره مولاه ، وكالأمة التي لم تلد من مولاها ، وكالبدنة التي لم يوجبها صاحبها ، فكل ذلك جائز بيعه ، وجائز الانتفاع به ، وجائز تمليك منافعه بإبدال ، وبلا إبدال .

                                                        ومنها ما قد دخله شيء منع من بيعه ، ولم يزل عنه حكم الانتفاع به ، من ذلك أم الولد التي لا يجوز لمولاها بيعها ، والمدبر في قول من لا يرى بيعه .

                                                        فذلك لا بأس بالانتفاع به وبتمليك منافعه للذي يريد أن ينتفع بها ببدل ، أو بلا بدل ، فكان ماله أن ينتفع به ، فله أن يملك منافعه من شاء بإبدال ، وبلا إبدال .

                                                        ثم رأينا البدنة إذا أوجبها ربها ، فكل قد أجمع أنه لا يجوز له أن يؤاجرها ولا يتعوض بمنافعها بدلا .

                                                        فلما كان ليس له تمليك منافعها ببدل ، كان كذلك ليس له الانتفاع بها ، ولا يكون له الانتفاع بشيء إلا شيء له التعوض بمنافعه إبدالا منها .

                                                        فهذا هو النظر أيضا ، وهو قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد رحمهم الله .

                                                        [ ص: 163 ] وقد روي ذلك عن جماعة من المتقدمين .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية