الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        3143 - حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قال : ثنا أراه عفان ، قال : ثنا شعبة ، قال : سألت الحكم وحمادا وعبد الرحمن بن القاسم عن صدقة الفطر فقالوا : ( نصف صاع حنطة ) .

                                                        فهذا كل ما روينا في هذا الباب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه من بعده ، وعن تابعيهم من بعدهم ، كلها على أن صدقة الفطر من الحنطة نصف صاع ، ومما سوى الحنطة صاع .

                                                        وما علمنا أن أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا من التابعين ، روي عنه خلاف ذلك ، فلا ينبغي لأحد أن يخالف ذلك ، إذ كان قد صار إجماعا في زمن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم إلى زمن من ذكرنا من التابعين .

                                                        ثم النظر أيضا قد دل على ذلك ، وذلك أنا رأيناهم قد أجمعوا على أنها من الشعير والتمر صاع .

                                                        [ ص: 48 ] فنظرنا في حكم الحنطة في الأشياء التي تؤدى عنها ، التمر والشعير - كيف هو ؟ فوجدنا كفارات الأيمان قد أجمع أن الإطعام فيها من هذه الأصناف أيضا ، ثم اختلف في مقدارها منها .

                                                        فقال قوم : مقدار ذلك من التمر والشعير نصف صاع ، ومن الحنطة مد مثل نصف ذلك .

                                                        وقال آخرون : بل هو من الحنطة نصف صاع ، ومما سوى ذلك صاع .

                                                        وكلهم قد عدل الحنطة بمثليها من التمر والشعير ، فكان النظر على ذلك ، إذ كانت صدقة الفطر صاعا من التمر والشعير ، أن يكون من الحنطة مثل نصف ذلك ، وهو نصف صاع .

                                                        فهذا هو النظر في هذا الباب أيضا ، وقد وافق ذلك ما جاءت به الآثار التي ذكرنا ، فبذلك نأخذ ، وهو قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد رحمهم الله تعالى .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية