الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        3066 - حدثنا أبو بشر الرقي ، قال : ثنا معاذ بن معاذ العنبري ، عن ابن عون ، عن أنس بن سيرين ، قال : أرسل إلي أنس بن مالك رضي الله عنه فأبطأت عليه ثم أرسل إلي فأتيته ، فقال : إن كنت أرى أني لو أمرتك أن تعض على حجر كذا وكذا ، ابتغاء مرضاتي ، لفعلت ، اخترت لك عملا ، فكرهته أو أكتب لك سنة عمر رضي الله عنه ؟ قال : قلت : اكتب لي سنة عمر رضي الله عنه .

                                                        قال : فكتب : خذ من المسلمين ، من أربعين درهما ، درهما ، ومن أهل الذمة من كل عشرين درهما ، درهما ، وممن لا ذمة له ، من كل عشرة دراهم ، درهما .

                                                        قال : قلت : من لا ذمة له ؟ قال : الروم كانوا يقدمون من الشام .

                                                        فلما فعل عمر رضي الله عنه هذا بحضرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم ينكره عليه منهم أحد منكر ، كان ذلك حجة وإجماعا منهم عليه .

                                                        فهذا وجه هذا الباب من طريق الآثار .

                                                        وأما وجهه من طريق النظر ، فإنا قد رأيناهم ، أنهم لا يختلفون أن للإمام أن يبعث إلى أرباب المواشي السائمة [ ص: 33 ] حتى يأخذ منهم صدقة مواشيهم إذا وجبت فيها الصدقة ، وكذلك يفعل في ثمارهم ، ثم يضع ذلك في مواضع الزكوات على ما أمره به عز وجل ، لا يأبى ذلك أحد من المسلمين .

                                                        فالنظر على ذلك أن يكون بقية الأموال أن الذهب والفضة وأموال التجارات كذلك .

                                                        فأما معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس على المسلمين عشور ، إنما العشور على اليهود والنصارى .

                                                        فعلى ما قد فسرته فيما تقدم من هذا الباب ، وقد سمعت أبا بكرة يحكي ذلك ، عن أبي عمر الضرير .

                                                        وهذا كله قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد ، رحمهم الله .

                                                        وقد روي عن يحيى بن آدم في تفسير قول النبي صلى الله عليه وسلم : ليس على المسلمين عشور ، إنما العشور على اليهود والنصارى معنى غير المعنى الذي ذكرنا ، وذلك أنه قال : إن المسلمين لا يجب عليهم بمرورهم على العاشر في أموالهم ما لم يكن واجبا عليهم ، لو لم يمروا بها عليه ؛ لأن عليهم الزكاة على أي حال كانوا عليها .

                                                        واليهود والنصارى لو لم يمروا بأموالهم على العاشر ، لم يجب عليهم فيها شيء .

                                                        فالذي رفع عن المسلمين ، هو الذي يوجبه المرور بالمال على العاشر ، ولم يرفع ذلك عن اليهود والنصارى .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية