الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5356 3 - حدثني الحسين، حدثنا أحمد بن منيع، حدثنا مروان بن شجاع، حدثنا سالم الأفطس، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: الشفاء في ثلاثة: شربة عسل، وشرطة محجم، وكية نار، وأنهى أمتي عن الكي. رفع الحديث.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة. والحسين كذا وقع غير منسوب في رواية الكل، وجزم جماعة أنه الحسين بن محمد بن زياد النيسابوري المعروف بالقباني، وقال الكلاباذي: كان يلازم البخاري لما كان بنيسابور، وعاش بعد البخاري ثلاثا وثلاثين سنة، وكان من أقران مسلم. ورواية البخاري عنه من رواية الأكابر عن الأصاغر، وقال الحاكم: هو ابن يحيى بن جعفر [ ص: 231 ] البيكندي، وأحمد بن منيع بفتح الميم وكسر النون وسكون الياء آخر الحروف وبعين مهملة البغوي وهو من شيوخ البخاري، وكانت وفاته في سنة أربع وأربعين ومائتين، وله أربع وثمانون سنة، وليس له في البخاري سوى هذا الحديث، ومروان بن شجاع الجزري، وسالم هو ابن عجلان الأفطس الجزري.

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه ابن ماجه، عن أحمد بن منيع به، وهذا الحديث أوله موقوف لكن آخره يشعر بأنه مرفوع، أشار إليه بقوله: "رفع الحديث" أي: رفع ابن عباس هذا الحديث.

                                                                                                                                                                                  قوله: "الشفاء في ثلاث" لم يرد النبي صلى الله تعالى عليه وسلم الحصر في الثلاثة، فإن الشفاء قد يكون في غيرها، وإنما نبه بهذه الثلاثة على أصول العلاج; لأن المرض إما دموي أو صفراوي أو سوداوي أو بلغمي، فالدموي بإخراج الدم وذلك بالحجامة، وإنما خصت بالذكر لكثرة استعمال العرب وإلفهم لها بخلاف الفصد، فإنه وإن كان في معنى الحجم لكنه لم يكن معهودا على أن قوله: "وشرطة محجم" يتناول الفصد ووضع العلق أيضا وغيرهما في معناهما، والحجم في البلاد الحارة أنجح من الفصد، والفصد في البلاد التي ليست بحارة أنجح من الحجم، وبقية الأمراض بالدواء المسهل اللائق بكل خلط منها، ونبه عليه بذكر العسل. وأما الكي فإنه يقع آخرا لإخراج ما يتعسر إخراجه من الفضلات.

                                                                                                                                                                                  فإن قلت: كيف نهى عنه مع إثباته الشفاء فيه؟

                                                                                                                                                                                  قلت: هذا لكونهم كانوا يرون أنه يحسم الداء بطبعه فكرهه لذلك، وأما إثبات الشفاء فيه عند تعيينه بالطريق الموصل إليه فمع الاعتقاد بأن الله تعالى هو الشافي، ويؤخذ من هذين الوجهين أنه لا يترك مطلقا ولا يستعمل مطلقا، بل يستعمل بالوجه الذي ذكرنا، وكيف وقد كوى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم سعد بن معاذ وغيره، واكتوى غير واحد من الصحابة.

                                                                                                                                                                                  قوله: "محجم" بكسر الميم الآلة التي يجتمع فيها دم الحجامة عند المص، ويراد به ههنا الحديدة التي يشرط بها موضع الحجامة، يقال: شرط الحاجم إذا ضرب على موضع الحجامة لإخراج الدم.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية