الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  6118 70 - حدثنا أبو اليمان ، أخبرنا شعيب ، حدثنا أبو الزناد ، عن عبد الرحمن أنه حدثه أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه ، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إنما مثلي ومثل الناس كمثل رجل استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله جعل الفراش - وهذه الدواب التي تقع في النار - يقعن فيها ، فجعل ينزعهن ويغلبنه فيقتحمن فيها ، فأنا آخذ بحجزكم عن النار وهم يقتحمون فيها .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة من حيث إن فيه منع النبي صلى الله عليه وسلم إياهم عن الإتيان بالمعاصي التي تؤديهم إلى الدخول في النار . وأبو اليمان : الحكم بن نافع ، وشعيب : هو ابن أبي حمزة الحمصي ، وأبو الزناد : بالزاي والنون عبد الله بن ذكوان ، وعبد الرحمن : هو الأعرج .

                                                                                                                                                                                  والحديث مضى في باب قول الله : ووهبنا لداود سليمان فإنه أخرجه هناك بعين هذا السند عن أبي اليمان ، إلى قوله : " وهذه الدواب تقع في النار " ثم اختصره ، وذكر حديثا آخر . قوله : " استوقد " بمعنى أوقد ، ولكن استوقد أبلغ . قوله : " أضاءت " من الإضاءة ، وهي فرط الإنارة . قوله : " الفراش " بفتح الفاء وتخفيف الراء وبالشين المعجمة ، جمع الفراشة ، وقال الكرماني : هي صغار البق . وقيل : هي ما يتهافت في النار من الطيارات . قلت : هذا أصح من الأول . وقال الفراء في تفسيرها : إنها كغوغاء الجراد ، يركب بعضه بعضا . وقال ابن سيده : هي دواب مثل البعوض ، واحدتها : فراشة . وقال الطبري : ليس هي ببعوض ولا ذباب . وقال أبو نصر : هي التي تطير وتتهافت في السراج . وفي مجمع الغرائب : هي ما تتهافت في النار من الطيارات . وقال الداودي : هي طائر فوق البعوض . قوله : " يقعن " خبر قوله " جعل الفراش " . قوله : " وهذه الدواب التي تقع في النار " جملة معترضة ، وأشار بها إلى تفسير الفراش . قوله : " فجعل " بالفاء ، وفي رواية الكشميهني بالواو ، والضمير فيه يرجع إلى الرجل . قوله : " ينزعهن " بفتح الياء والزاي وضم العين المهملة ، أي : يدفعهن ، ويروى " يزعهن " بلا نون من وزعه يزعه وزعا فهو وازع إذا كفه ومنعه . قوله : " فيقتحمن " من الاقتحام وهو الهجوم على الشيء ، يقال : قحم في الأمر أي : رمى بنفسه فيه فجأة ، وأقحمته فاقتحم ، ويقال اقتحم المنزل إذا هجم . قوله : " فيها " أي : في النار . قوله : " فأنا آخذ " ، قال النووي : روي باسم الفاعل ، ويروى بصيغة المضارع من المتكلم ، وقال الطيبي : الفاء فيه فصيحة ، كأنه لما قال " مثلي ومثل الناس " إلى آخره ، أتى بما هو أهم ، وهو قوله : " فأنا آخذ بحجزكم " ومن هذه الدقيقة التفت من الغيبة في قوله : " مثل الناس " إلى الخطاب في قوله " بحجزكم " . قوله : " بحجزكم " بضم الحاء المهملة وفتح الجيم وبالزاي ، جمع حجزة ، وهي معقد الإزار ، ومن السراويل موضع التكة ، ويجوز ضم الجيم في الجمع . قوله : " وهم يقتحمون " [ ص: 77 ] فيها هذه رواية الكشميهني ، وفي رواية غيره " وأنتم تقتحمون " وعلى الأول سأل الكرماني فقال : القياس وأنتم لا هم ، ليوافق لفظ حجزكم ، ثم أجاب بأنه التفات . وفيه إشارة إلى أن من أخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم بحجزته لا اقتحام له فيها .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية