الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        [ المسألة ] السادسة : في الوصية للوارث . يقدم عليها أنه ينبغي أن لا يوصي بأكثر من ثلث ماله . فلو خالف وله وارث [ خاص ] فرد بطلت الوصية في الزيادة على الثلث ، وإن أجاز دفع المال بالزيادة إلى الموصى له . وهل إجازته تنفيذ لتصرف الموصي ، أم ابتداء عطية من الوارث ؟ قولان . أظهرهما : تنفيذ . وإن لم يكن وارث خاص ، فالزيادة على الثلث باطلة على الصحيح المعروف ، وبه قطع الجمهور ، [ ص: 109 ] لأن الحق للمسلمين ، فلا مجيز . وحكى أبو عاصم العبادي وجها في صحتها . وقال المتولي : للإمام ردها . وهل له إجازتها ؟ يبنى على أن الإمام ، هل يعطى حكم الوارث الخاص . وفي الوصية للوارث طريقان . أصحهما : أنه كما لو أوصى لأجنبي بزيادة على الثلث ، فتبطل برد سائر الورثة . فإن أجازوا ، فعلى القولين : أحدهما : إجازتهم ابتداء عطية ، والوصية باطلة . وأظهرهما : أنها تنفيذ . والطريق الثاني : القطع ببطلانها وإن أجازت الورثة . والفرق [ أن ] المنع من الزيادة هناك لحق الورثة ، فإذا رضوا أجاز . والمنع هنا لتغيير الفروض التي قدرها الله تعالى سبحانه للورثة ، فلا أثر لرضاهم . فإن قلنا : تنفيذ ، كفى لفظ الإجازة ، ولا يحتاج إلى هبة وتجديد قبول وقبض ، وليس للمجيز الرجوع وإن كان قبل القبض . وإن قلنا : ابتداء عطية ، فلا يكفي قبول الوصية أولا ، بل لا بد من قبول آخر في المجلس ، ولا بد من القبض ، وللمجيز الرجوع قبل القبض ، وهل يشترط لفظ التمليك أو لفظ الإعتاق إن كان الموصى به إعتاقا ؟ وجهان : أصحهما : نعم ، ولا يكفي لفظ الإجارة ، كما لو تصرف تصرفا فاسدا من بيع أو هبة ثم أجازه .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        خلف زوجة هي بنت عمه ، وأباها ، وكان أوصى لها ، فأجاز أبوها الوصية ، فلا رجوع له إن جعلنا الإجازة تنفيذا ، وإن جعلناها ابتداء عطية ، فله الرجوع .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        أعتق عبدا في مرضه ، أو أوصى بعتقه ، ولا مال له سواه ، أو زادت قيمته [ ص: 110 ] على الثلث ، فإن قلنا : الإجازة ابتداء عطية من الورثة ، فولاء ما زاد على الثلث للمجيزين ذكورهم وإناثهم بحسب استحقاقهم . وإن قلنا : تنفيذ ، فولاء جميعه للميت يرثه ذكور العصبة . وحكي عن ابن اللبان وجه : أن الولاء للميت على القولين ، وهو شاذ ضعيف . ولو أعتق المريض عبدا ، فمات قبل سيده ، فهل يموت كله حرا ، أم لا ؟ فيه خلاف مذكور في " باب العتق " .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية