والصحيح أنه اسم أعجمي معرب ، قال في النهاية : الخوان ما يوضع عليه الطعام عند الأكل ، واعلم أنه يطلق الخوان في المتعارف على ما له أرجل ، ويكون مرتفعا عن الأرض واستعماله لم يزل من دأب المترفين ، وصنيع الجبارين لئلا يفتقروا إلى خفض الرأس عند الأكل ، فالأكل عليه بدعة ، لكنها جائزة ( ولا في سكرجة ) بضم السين المهملة والكاف والراء المشددة ، وقد تفتح الراء ، إناء صغير يؤكل فيه الشيء القليل من الإدام ، وهي فارسية وأكثر ما يوضع فيها الكواميخ ونحوها مما يشتهي ويهضم ، وقيل : الصواب فتح رائه ; لأنه معرب عن مفتوحها ، قال ميرك : جمهور أهل الحديث على أن الراء في سكرجة مضمومة ، ونقل عن ابن مكي أنه صوب فتح الراء ، والعرب يستعملونها في الكواميخ ، وما أشبهها من الجوارشات ، والمخللات على الموائد ، حول الأطعمة للتشهي والهضم ، قيل : لم يأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم من السكرجة ; لأن الأكل منها معتاد أهل الكبر والخيلاء ، أو أنه من علامات البخل ، انتهى .
والأظهر لأنه من دأب المترفين وعادة الحريصين على الأكل المفرطين ( ولا خبز ) ماض مجهول ( له ) أي لأجله صلى الله عليه وسلم ( مرقق ) مرفوع على أنه نائب الفاعل ، وفي نسخة صحيحة مرققا بالنصب على أنه حال من المفعول ، أو بتقدير أعني ، فالجار هو النائب ، وهو بفتح القاف المشددة أي ملين محسن ، كخبز الحوارى وشبهه ، وقيل : الخبز المرقق هو الرغيف الواسع الرقيق ، ويقال له الرقاق ، بالضم كطويل وطوال ، وهذا معنى ما قال ، هو الخفيف ، وقيل : هو السميد ، وما يصنع منه الكعك وغيره ، قال ابن الجوزي العسقلاني : وهو غريب ولا شك أن ترقيق الخبز دأب أرباب التكلف ، وقد تقرر أنه صلى الله عليه وسلم كان بريئا من التكلف والتنعم ، وظاهر السياق أنه لم يأكله قبل البعثة ، ولا بعدها ، وأنه كان يأكله إذا خبز لغيره ، وهو محتمل لكن ظاهر الحديث الآتي آخر الباب [ ص: 242 ] أنه لم يأكله مطلقا ، ويؤيده خبر عن البخاري أنس ، ، والسميط ما أزيل شعره ، بماء سخن وشوي بجلده ، وإنما يفعل ذلك بصغير السن ، كالسخلة وهي من فعل المترفين ، وفي معناها الدجاجة ، لكن سيأتي أنه أكل الدجاجة ، قال ما أعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رغيفا مرققا ، حتى لحق بالله ، وشاة سميطا بعينه ، حتى لحق بالله ابن الأثير : ولعله يعني أنه لم ير السميط في مأكوله ، إذ لو كان غير معهود ، لم يكن في ذلك تمدح ، انتهى .
وفي رواية من حين ابتعثه الله تعالى ، فيحتمل أنها للتقييد ; لأنه قبل البعثة ذهب إلى الشام ، وفيه المرقق ، فيحتمل أنه أكله ويحتمل أنها لبيان الواقع ( قال ) أي يونس ( فقلت لقتادة فعلى ما ) كذا هو في نسخ الشمائل بإشباع فتحة الميم وكذا هو عند بعض رواة ، وعند أكثرهم فعلى م بميم مفردة ذكره البخاري ميرك .
واعلم أن حرف الجر إذا دخل على ما الاستفهامية حذف الألف ; لكثرة الاستعمال ، لكن قد ترد في الاستعمالات القليلة على الأصل ، نحو قول حسان :
على ما قال يشتمني لئيم
.ثم اعلم أنه إذا اتصل الجار بما الاستفهامية المحذوفة الألف نحو : حتام ، وإلام وعلام ، كتب معها بالألفات لشدة الاتصال بالحروف ، هذا والمعنى فعلى أي شيء ( كانوا يأكلون ) إن جعلت الواو للتعظيم ، كما في رب ارجعون ، أو له صلى الله عليه وسلم ، ولأهل بيته فظاهر أو للصحابة ، فإنما عدل عن القياس ; لأنهم يتأسون بأحواله ، ويقتدون بأقواله وأفعاله ، فكان السؤال عن أحوالهم في ماله ، كالسؤال عن حاله صلى الله عليه وسلم وآله ، ( قال ) أي قتادة موقوفا ( على هذه السفر ) بضم ففتح جمع سفرة ، وفي النهاية : هي في الأصل طعام يتخذه المسافر ، والغالب أنه يحمله في جلد مستدير ، فنقل اسمه إلى ذلك الجلد ، وسمي كما سميت المزادة راوية ، وغير ذلك من الأسماء المنقولة ، واشتهرت لما يوضع عليه الطعام ، جلدا كان أو غيره ، ما عدا المائدة لما مر أنها شعار المتكبرين غالبا ( قال : محمد بن بشار يونس هذا الذي روى عن قتادة ، هو يونس الإسكاف ) بكسر فسكون أي صانع القفش وفي نسخة بجر الإسكاف .