الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( حدثنا ابن أبي عمر ) هو محمد بن يحيى بن عمر ينسب إلى جده ( أخبرنا سفيان ) قال ميرك : هو ابن عيينة ( عن أيوب بن موسى ) أي ابن عمرو بن سعيد بن العاص الأموي أخرج حديثه الستة ( عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتما من فضة ) أي للختم به ( وجعل فصه مما يلي كفه ) أي مما يلي بطن كفه كما في الصحيح ، قال العلماء : لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك بشيء ، فيجوز جعل فصه في باطن الكف وظاهرها ، وقد عمل السلف بالوجهين وممن اتخذها في ظاهرها ابن عباس ، قالوا : ولكن الأفضل الأول اقتداء به صلى الله عليه وسلم ; ولأنه أصون لفصه وأسلم وأبعد من الزهو والإعجاب ، كذا ذكره النووي في شرح مسلم ( ونقش فيه ) بصيغة الفاعل ( محمد رسول الله ) أي هذه الألفاظ فمحل الجملة المؤولة بالمفرد منصوب على المفعولية ، والمعنى أمر بنقشه فيه وإن قرئ مجهولا فوجهه معلوم ( ونهى ) أي النبي صلى الله عليه وسلم ( أن ينقش ) بضم القاف أي يحك ( أحد عليه ) أي على خاتمه أو مثل [ ص: 189 ] نقشه ولعل سر النهي أن لا يلتبس أمر الخاتم ، وقد راعى الخلفاء ظاهر النهي ، فلم ينقشوا خاتما آخر واستعملوه حتى فقد ( وهو الذي سقط من معيقيب ) بضم الميم وفتح المهملة وسكون التحتيتين وقاف مكسورة بينهما ، وموحدة في آخرها وهو ابن أبي فاطمة الدوسي بدري ابتلي بالجذام فعولج منه ، بأمر عمر بن الخطاب بالحنظل ، فتوقف أمره وهو مولى سعيد بن العاص وكان أسلم قديما وهاجر إلى الحبشة الهجرة الثانية ، وأقام بها حتى قدم على النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة ، وكان على خاتم النبي صلى الله عليه وسلم واستعمله أبو بكر وعمر وعثمان على بيت المال ، وأما قول ابن حجر أن معيقيب غلام عثمان فغير صحيح ( في بئر أريس ) قال ابن حجر ، وأما ما روي أن معاذا اتخذ خاتما ونقش عليه محمد رسول الله ، وأقره صلى الله عليه وسلم يحمل إن صح على أنه قبل النهي أو خصوصية لمعاذ ، وقال العصام : فإن قلت قد جاء في بعض الطرق أن معاذا رضي الله عنه اتخذ خاتما نقش فيه " محمد رسول الله " فلما علم رسول الله صلى الله عليه وسلم به قال : آمن كل شيء من معاذ حتى خاتمه ، ثم أخذ ذلك الخاتم من معاذ فكان في يده . رواه الدميري في شرح المنهاج للنووي ، قلت : لعل النهي بعد ذلك أو الاتخاذ لعدم بلوغ النهي إياه انتهى . قال ميرك : أو حمل النهي على التنزيه انتهى . فما روي من أخذ الخاتم من معاذ يدفع قول الخصوصية به .

التالي السابق


الخدمات العلمية