( حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن ، حدثنا ، حدثنا عمرو بن عاصم أنبأنا ) وفي نسخة أخبرنا ( حماد بن سلمة حميد وثابت عن أنس قال : لقد سقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ) قال ابن حجر : يقال سقاه وأسقاه بمعنى في الأصل ، ولكن جعلوا للخير سقى وسقاهم ربهم شرابا طهورا وأسقى لضده لأسقيناهم ماء غدقا انتهى .
وفيه مع جهل الجاعلين أن قوله تعالى : وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا أي كثيرا لا دلالة فيه على أن الإسقاء مستعمل في ضد الخير ، بل يدل على المبالغة في السقي ، كما هو مستفاد من زيادة الهمزة ; ولذا قال تعالى : وأسقيناكم ماء فراتا [ ص: 295 ] وقال عز وجل : نسقيكم مما في بطونه من البابين ، وأكثر القراء على أنه من الإسقاء وقد قال الله تعالى في ضد الخير : وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم نعم . قد يستعمل الإسقاء لمعان أخر ، على ما في القاموس ، ولعل أنسا عدل عنه مع أن الأبلغ في المقام ما يفيد المبالغة خوف الالتباس ، وقال : سقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ( بهذا القدح ) الظاهر أن المشار إليه القدح المذكور في الحديث السابق ، إذ لم يثبت في الأحاديث الصحيحة تعدد القدح النبوي عند أنس ، فالمراد به القدح الكائن من الخشب الغليظ بعد الصنع المضبب بحديد ، فالتضبيب من فعله صلى الله عليه وسلم ، كما هو الظاهر من الإشارة ; لأنها ترجع إلى المذكور بجميع خصوصياته المذكورة ، ولابن حجر هنا كلام بين طرفيه تناف في المعنى ، وفي رواية مسلم على ما في المشكاة بقدحي هذا ( الشراب ) أي جنس ما يشرب من أنواع الأشربة ( كله ) تأكيد وأبدل منه الأربعة المذكورة بدل البعض من الكل ، اهتماما بها ولكونها أشهر أنواعه ، فقال : ( الماء ) وبدأ به ; لأنه الأهم الأتم ( والنبيذ ) وهو ماء يجعل فيه تمرات أو غيرها ، من الحلويات كالزبيب والعسل وكالحنطة والشعير على ما في النهاية ليحلو .
" وكان ينبذ له أول الليل ، ويشربه إذا أصبح يومه ذلك ، والليلة التي تجيء والغد إلى العصر ، فإن بقي شيء منه سقاه الخادم أو أمر فصب " . رواه مسلم ، وهذا النبيذ له نفع عظيم في زيادة القوة ، ولم يكن يشربه بعد ثلاث أيام خوفا من تغيره إلى الإسكار ، ( والعسل ) أي ماء العسل ; لأنه يلحس ولا يشرب اللهم إلا أن يقال بالتغليب ، كذا ذكروه لكن قال تعالى : يخرج من بطونها شراب ( واللبن ) .