( حدثنا أنبأنا ) وفي نسخة أخبرنا ( إسحاق بن منصور عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن أنس بن مالك ) قال أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - احتجم ، وهو محرم النووي : إذا بغير حاجة فإن تضمنت قطع شعر فهي حرام لقطع الشعر ، وإن لم يتضمن بأن كان في موضع لا شعر فيه أو كان في موضع فيه شعر ولم يقطع جازت عند الجمهور ، ولا فدية ، وكرهها أراد المحرم الحجامة مالك وعن الحسن فيها الفدية ، وإن لم يقطع شعرا ، وإن كان لضرورة جاز قطع الشعر ويجب الفدية وخص أهل الظاهر الفدية بشعر الرأس انتهى .
واستدل بهذا الحديث على جواز وربط الجرح والدمل وقطع العرق وقلع الضرس وغير ذلك من وجوه التداوي إذا لم يكن في ذلك ارتكاب ما نهي المحرم عنه من تناول الطيب وقطع الشعر ، ولا فدية عليه في شيء من ذلك ، والله أعلم ، ثم قوله ( بملل ) ظرف لاحتجم والجملة ما بينهما حالية ، وهو بفتح الميم واللام الأولى موضع بين الفصد مكة والمدينة على سبعة عشر ميلا من المدينة على ما ذكره صاحب النهاية ( على ظهر القدم ) قال العسقلاني : كذا وقع في حديث أنس ، وهو حديث صحيح أخرجه أبو داود أيضا وصححه والنسائي ابن خزيمة ، ورجاله رجال الصحيح إلا أن وابن حبان أبا داود حكى عن أحمد أن رواه عن سعيد بن أبي عروبة قتادة فأرسله وسعيد أحفظ من معمر وليست هذه بعلة قادحة قال ميرك : وأما ما أخرجه من حديث البخاري ابن عباس وعبد الله بن [ ص: 225 ] بحينة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - احتجم ، وهو محرم في وسط رأسه من شقيقة كانت به ، ولفظ في إحدى الروايات عنه ، وفي أخرى عنه أيضا ابن عباس ) ولفظ حديث احتجم النبي - صلى الله عليه وسلم - في رأسه ، وهو محرم من وجع به بماء يقال له ( لحي جمل ابن بحينة مكة ، وهو محرم في وسط رأسه ، فظاهره التعارض في مكان الاحتجام ومحله أيضا من البدن ويمكن الجمع بالحمل على التعدد وجزم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - احتجم بلحي جمل من طريق الحازمي وغيره أن الحجامة وقعت في وسط الرأس كانت في حجة الوداع فيمكن أن تكون التي في ظهر القدم وقعت فيها أيضا ويمكن أن يكون في إحدى عمراته ، والله أعلم قال ميرك : وقوله ( لحي جمل ) وقع في بعض الروايات بالتثنية ، وفي بعضها بالإفراد واللام مفتوحة ، ويجوز كسرها والمهملة ساكنة ، وجمل بفتح الجيم والميم موضع بطريق مكة ذكره البغوي في معجمه في اسم العقيق ، وقال هي بئر جمل التي ورد في حديث أبي جهم في التيمم ، وقال وغيره هي بقعة معروفة ، وهي عقب ابن وضاح الجحفة على سبعة أميال من السقيا وزعم بعضهم أن المراد بلحي الجمل الآلة التي احتجم بها أي احتجم بعظم جمل ، وهو وهم والمعتمد الأول لما في حديث المتقدم ذكره حيث قال بماء يقال له لحي جمل ، وقوله في وسط رأسه بفتح الواو والمهملة ، ويجوز تسكينها أي : متوسطه ، وهو ما فوق اليافوخ فيما بين أعلى القرنين ، قال ابن عباس الليث : كانت هذه الحجامة في فأس الرأس ، وأما التي في أعلاه فلا ؛ لأنها ربما أعمت ، وقوله من شقيقة كانت به ، قال الشيخ العسقلاني : بشين معجمة وقافين على وزن عظيمة وجع بأحد جانبي الرأس وفي مقدمه ، وذكر أهل الطب أن من الأمراض المزمنة أبخرة مرتفعة أو أخلاطا حارة أو باردة ترتفع إلى الدماغ فإن لم تجد منفذا أحدثت الصداع فإن مالت إلى أحد شقي الرأس أحدثت الشقيقة ، وإن مالت إلى قمة الرأس أحدثت داء البيضة قال : وقد أخرج أحمد من حديث بريدة أنه - صلى الله عليه وسلم - كان ربما أخذته الشقيقة فمكثت يوما أو يومين لا يخرج قال وأخرج ابن سعد في الطبقات من حديث - رضي الله عنهما - ابن عباس أهل خيبر فلم يزل شاكيا . أن النبي - صلى الله عليه وسلم - احتجم ، وهو محرم من أكلة أكلها من شاة سمتها امرأة من
وأخرج من طريق عقيل عن عن ابن شهاب الزهري أنه وضع يده على المكان الناتئ من الرأس فوق اليافوخ فقال هذا موضع محجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال سعد بن أبي وقاص عقيل وغير واحد : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يسميها المغيثة أمرني جبريل حين أكلت طعام اليهودية ، وأخرج أبو عبيد من مرسل قال : عبد الرحمن بن أبي ليلى احتجم النبي - صلى الله عليه وسلم - على رأسه حين طب يعني سحر قال وورد في حديث أخرجه فضل الحجامة على الرأس من طريق ابن عدي عمر بن رباح عن عن أبيه عن عبد الله بن طاوس رفعه ( ابن عباس الحجامة في الرأس تنفع من سبع : من الجنون والجذام والبرص والنعاس والصداع [ ص: 226 ] ووجع الضرس والعين ) وعمرو متروك رماه وغيره بالكذب قال الفلاس ميرك : ولكن للحديث شاهد أخرجه ابن سعد من طريق عن الليث بن سعد الحجام بن عبد الله البكيري عن قال بلغني بكير بن الأشج أن الأقرع بن حابس دخل على النبي - صلى الله عليه وسلم - في القمحدوة فقال يا لم احتجمت وسط رأسك فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يا ابن أبي كبشة ابن حابس إن فيها شفاء من وجع الرأس والأضراس والنعاس والبرص ) وأشك في الجنون ، ليث شك ، وهذا ، وإن كان مرسلا لكن رجاله ثقات قال العسقلاني : قال الأطباء إن ، وقد ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - فعلها ، والله سبحانه أعلم . الحجامة في وسط الرأس نافعة جدا