الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( حدثنا محمود بن غيلان حدثنا أبو داود الحفري ) بفتح المهملة والفاء نسبة إلى موضع بالكوفة ( عن سفيان عن الربيع بن صبيح عن يزيد بن أبان ) بالصرف وعدمه ( عن أنس بن مالك قال : حج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على رحل ) أي راكبا على قتب جمل ( رث ) بفتح راء وتشديد مثلثة أي خلق بال ( وعليه ) أي والحال أن على الرحل لا على الرسول - صلى الله عليه وسلم - كما توهمه الحنفي وجوزهما ، وقدم الثاني كما اقتصر بعض الشراح على الأخير ( قطيفة ) أي كساء له خمل وهو هدب القطيفة ، أي الخيوط بطرفه المرسلة من السدى عن غير لحمة عليها ( لا تساوي ) أي لا يبلغ مقدار ثمنها ( أربعة دراهم فقال : اللهم اجعله ) أي حجي ( حجا لا رياء فيه ) بالهمزة وفي نسخة بالياء وهو مما اشتهر على الألسنة لثقل الهمزتين فخففت الأولى لكسرة ما قبلها ، وبه قرأ أبو جعفر من العشرة ، ووقف عليه حمزة من السبعة ، وما نقله الحنفي من المغرب : ورياء بالياء خطا خطأ مع أن البيهقي قال : يقال راءى فلان الناس يرائيهم مراءة وراياهم مراياة على القلب بمعنى انتهى ، ولا شك أن الرياء على القلب إنما يكون [ ص: 168 ] بالياء فقط وفي الحديث من راءى راءى الله به ، أي من عمل عملا لكي يراه الناس شهر الله رياءه يوم القيامة ( ولا سمعة ) بضم سين فسكون ميم ، يقال : فعل ذلك سمعة أي ليسمعه الناس ويمدحوه ، وفي الحديث : من سمع سمع الله به ، أي من فعله سمعة شهره تسميعا وفي النهاية ومنه الحديث إنما فعله سمعة ورياء أي ليسمعه الناس ويرده . انتهى ، والتحقيق أنهما متغايران باعتبار أصل اللغة من حيث الاشتقاق ، وإن كان يطلق أحدهما على الآخر تغليبا ، حيث أن المراد بهما ما لم يكن لوجه الله وابتغاء مرضاته وعدم الاكتفاء بعلمه سبحانه ، وهذا من عظم تواضعه - صلى الله عليه وسلم - إذ لا يتطرق الرياء والسمعة إلا لمن حج على المراكب البهية والملابس السنية ، قال العسقلاني : في إسناد هذا الحديث ضعف ، وأخرجه ابن حبان أيضا قال ميرك شاه وضعفه لأجل الربيع بن صبيح فإنه ضعيف له مناكير ، ويزيد بن أبان أيضا متروك منكر الحديث ، وبه شاهد ضعيف أيضا عن سعيد بن بشير ، عن عبد الله بن حكم الكناني رجل من أهل اليمن من مواليهم ، عن بشر بن قدامة الضبابي قال : أبصرت عيناي حين كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واقفا بعرفات على ناقة حمراء قصواء تحته قطيفة بولانية ، وهو يقول : اللهم اجعلها حجة غير رياء ولا هباء ولا سمعة ، والناس يقولون : هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قال الذهبي في الميزان : تفرد به ابن عبد الحكم ، وسعيد بن بشير مجهول انتهى ، ويفهم من السياق أن ضمير عليه في قوله : عليه قطيفة ، راجع إلى الرحل لا إلى الرسول كما توهمه بعض من لا نصيب له في هذا العلم ، ويؤيده أيضا ما سيأتي من هذا الباب بلفظ : حج على رحل رث وقطيفة بالجر عطفا على رحل ، ووقع عند البخاري من حديث أسامة بن زيد : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عاد سعد بن عبادة على حمار عليه إكاف عليه قطيفة ، قال العسقلاني : على الثالثة بدل من الثانية وهي بدل من الأولى ، والحاصل أن الإكاف على الحمار ، والقطيفة فوق الإكاف ، والراكب فوق القطيفة انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية