( حدثنا ( أخبرنا قتيبة ) أي ابن سعيد روى عنه الستة ( عن أبو عوانة ) هو الوضاح أبي بشر ) سيأتي ذكره ( عن نافع عن ابن عمر اتخذ خاتما من فضة ) أي أمر بصياغته أو وجده مصوغا فاتخذه ( فكان يختم به ) أي الكتب التي يرسلها للملوك ، وهو من حد ضرب أي يضعه على الشيء ، وفي نسخة ضعيفة يتختم به ، قال أن النبي صلى الله عليه وسلم الحنفي : ومعناهما واحد ، والأظهر ما قاله العصام [ ص: 171 ] من أن معنى تختمت لبست الخاتم ، لكنه ينافي قوله : ( ولا يلبسه ) بفتح الموحدة ، قال ميرك : ووجه الجمع بينه وبين الروايات الدالة على أنه صلى الله عليه وسلم كان يلبس الخاتم هو أن جملة ولا يلبسه حال ، فيفيد أنه كان يتختم به في حال عدم اللبس ، وهو لا يدل على أنه لا يلبسه مطلقا ، ولعل السر فيه إظهار التواضع ، وترك الإراءة والكبر ; لأن لا يخلو عن تكبر وخيلاء ، ويجوز أن يجعل قوله : ولا يلبسه معطوفا على قوله : يختم به ، والمراد أنه لا يلبسه على سبيل الاستمرار والدوام بل في بعض الأوقات ضرورة الاحتياج إليه للختم به ، كما هو مصرح به في بعض الأحاديث ، ويحتمل أن يكون مراد الراوي من هذه العبارة بيان أنه صلى الله عليه وسلم الختم في حال لبس الخاتم ; لأن لبس الخاتم ليس من عادة العرب ، كما أشار إليه أراد من اتخاذ الخاتم الختم به لا اللبس والتزين الخطابي ، ويؤيده مفهوم الحديث الوارد في سبب اتخاذ الخاتم ، والله أعلم انتهى . قال العصام : والأول هو الأقرب ، وأغرب ابن حجر حيث قال : ولبسه حالة الختم بعيد لا يحتاج لنفيه ، وقال الحنفي : يجوز أن يتعدد خاتمه صلى الله عليه وسلم كما يكون للسلاطين والحكام ، وكان يلبس منها بعضا دون بعض ، وقد تقرر عند أرباب هذا الفن أن التوفيق مقدم على الترجيح ، وتعقبه العصام بأنه بعيد جدا ; لأنه إنما يتخذ للحاجة فيبعد أن يتخذه صلى الله عليه وسلم متعددا ، وسيأتي ما يؤيد الحنفي ، والحاصل أنه ثبت لبس الخاتم له صلى الله عليه وسلم على خلاف سيأتي في الأحاديث أنه كان يلبسه في يمينه أو يساره ، ولخبر : إذا دخل الخلاء نزع خاتمه ، قال كان ابن حجر : ولبسه مندوب ولو لمن لم يحتج إليه لختم انتهى . وهو مخالف لقول بعض أئمتنا إنه إنما يندب لمن كان يحتاج إليه للختم ، ويؤيده سبب ورود اتخاذ الخاتم ، وهو مباح للرجال والنساء إجماعا ، وكرهت طائفة لبسه مطلقا ، وهو شاذ ، نعم ثبت أنه صلى الله عليه وسلم لما اتخذ خاتما من ورق واتخذوا مثله، طرحه فطرحوا خواتيمهم ، وهذا يدل على عدم ندب ، وأجاب عنه الخاتم لمن ليس له حاجة إلى الختم البغوي بأنه إنما طرحه خوفا عليهم من التكبر والخيلاء ، وأجاب بعضهم عنه بأنه وهم من راويه وإنما الذي لبسه يوما ثم ألقاه خاتم ذهب كما ثبت ذلك ، من غير وجه عن الزهري ابن عمر وأنس أو خاتم حديد ، فقد روى أبو داود بسند جيد أنه كان له خاتم حديد ملوي عليه فضة فلعله هو الذي طرحه ، وكان ، وقالت : طائفة يكره إذا قصد به الزينة ، وآخرون يكره لغير ذي سلطان ، للنهي عنه لغيره ، رواه يختم به ولا يلبسه أبو داود ، لكن نقل عن والنسائي أحمد أنه ضعفه انتهى . وقال : وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاضي خان أنه كان يتختم بالعقيق ، ثم التختم بالفضة إنما يباح لمن يحتاج إلى التختم ، كالقاضي وعند عدم الحاجة فالترك أفضل ، وإذا تختم بالفضة ينبغي أن يكون الفص إلى باطن الكف من اليسرى ( قال أبو عيسى ) أي المصنف ( أبو بشر ) أي المذكور في السند ( اسمه جعفر بن أبي وحشي ) بفتح فسكون [ ص: 172 ] مهملة وتشديد ياء ، وفي نسخة وحشية بغير انصراف ، اختلف فيه ثقة وضعفا .