ذرأ : في صفات الله - عز وجل - الذارئ وهو الذي ذرأ الخلق ، أي : خلقهم ، وكذلك البارئ ؛ قال الله - عز وجل - : ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا ، أي : خلقنا . وقال - عز وجل - : جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا يذرؤكم فيه . قال أبو إسحاق : المعنى يذرؤكم به ، أي : يكثركم بجعله منكم ومن الأنعام أزواجا ، ولذلك ذكر الهاء في " فيه " . وأنشد الفراء فيمن جعل " في " بمعنى الباء ، كأنه قال يذرؤكم به :
وأرغب فيها عن لقيط ورهطه ولكنني عن سنبس لست أرغب
وذرأ الله الخلق يذرؤهم ذرءا : خلقهم .
وفي حديث الدعاء : . وكأن الذرء مختص بخلق الذرية . أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق وذرأ وبرأ
وفي حديث عمر رضي الله عنه كتب إلى خالد : وإني لأظنكم آل المغيرة ذرء النار ، يعني خلقها الذين خلقوا لها .
ويروى : ذرو النار - بالواو - يعني الذين يفرقون فيها ، من ذرت الريح التراب إذا فرقته .
وقال ثعلب في قوله تعالى : يذرؤكم فيه معناه : يكثركم فيه ، أي في الخلق .
قال : والذرية والذرية منه ، وهي نسل الثقلين .
قال : وكان ينبغي أن تكون مهموزة فكثرت ، فأسقط الهمز وتركت العرب همزها ، وجمعها ذراري . والذرء : عدد الذرية ، تقول : أنمى الله ذرأك وذروك ، أي : ذريتك .
قال : جعل ابن بري الجوهري الذرية أصلها ذريئة - بالهمز - فخففت همزتها ، وألزمت التخفيف . قال : ووزن الذرية على ما ذكره فعيلة من ذرأ الله الخلق ، وتكون بمنزلة مريقة ، وهي الواحدة من العصفر ، وغير الجوهري يجعل الذرية فعلية من الذريء ، وفعلولة ، فيكون الأصل ذرورة ثم قلبت الراء الأخيرة ياء لتقارب الأمثال ثم قلبت الواو ياء وأدغمت في الياء وكسر ما قبل الياء فصار ذرية . والزرع أول ما تزرعه يسمى الذريء . وذرأنا الأرض : بذرناها . وزرع ذريء ، على فعيل . وأنشد : لعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود
شققت القلب ثم ذرأت فيه هواك فليم فالتأم الفطور
والصحيح ثم ذريت ، غير مهموز . ويروى ذررت . وأصل ليم لئم ، فترك الهمز ليصح الوزن .
والذرأ بالتحريك : الشيب في مقدم الرأس . وذرئ رأس فلان يذرأ إذا ابيض . وقد علته ذرأة أي شيب . والذرأة ، بالضم : الشمط . قال أبو نخيلة السعدي :
وقد علتني ذرأة بادي بدي ورثية تنهض بالتشدد
بادي بدي : ، أي : أول كل شيء من بدأ فترك الهمز لكثرة الاستعمال وطلب التخفيف . وقد يجوز أن يكون من بدا يبدو إذا ظهر .
والرثية : انحلال الركب والمفاصل . وقيل : هو أول بياض الشيب . ذرئ ذرأ ، وهو أذرأ ، والأنثى ذرآء . وذرئ شعره وذرأ - لغتان - . قال أبو محمد الفقعسي :
قالت سليمى إنني لا أبغيه أراه شيخا عاريا تراقيه
محمرة من كبر مآقيه مقوسا قد ذرئت مجاليه
يقلي الغواني والغواني تقليه
[ ص: 23 ] رأين شيخا ذرئت مجاليه قال : وصوابه كما أنشدناه . والمجالي : ما يرى من الرأس إذا استقبل الوجه ، الواحد مجلى ، وهو موضع الجلا . ومنه يقال : جدي أذرأ وعناق ذرآء إذا كان في رأسها بياض ، وكبش أذرأ ونعجة ذرآء : في رءوسهما بياض . والذرآء من المعز : الرقشاء الأذنين وسائرها أسود ، وهو من شيات المعز دون الضأن . ابن بري
وفرس أذرأ وجدي أذرأ ، أي أرقش الأذنين .
ملح ذرآني وذرآني : شديد البياض ، بتحريك الراء وتسكينها ، والتثقيل أجود ، وهو مأخوذ من الذرأة ، ولا تقل : أنذراني . وأذرأني فلان وأشكعني ، أي : أغضبني . وأذرأه ، أي : أغضبه وأولعه بالشيء .
أبو زيد : أذرأت الرجل بصاحبه إذراء إذا حرشته عليه وأولعته به فدبر به . غيره : أذرأته ، أي : ألجأته .
وحكى أبو عبيد أذراه ، بغير همز ، فرد ذلك عليه علي بن حمزة فقال : إنما هو أذرأه . وأذرأه أيضا : ذعره .
وبلغني ذرء من خبر ، أي طرف منه ولم يتكامل . وقيل : هو الشيء اليسير من القول . قال صخر بن حبناء :
أتاني عن مغيرة ذرء قول وعن عيسى فقلت له : كذاكا
وأذرأت الناقة ، وهي مذرئ : أنزلت اللبن . قال الأزهري : قال الليث في هذا الباب : يقال ذرأت الوضين إذا بسطته على الأرض .
قال أبو منصور : وهذا تصحيف منكر ، والصواب درأت الوضين إذا بسطته على الأرض ثم أنخته عليه لتشد عليه الرحل .
وقد تقدم في حرف الدال المهملة ، ومن قال ذرأت بالذال المعجمة بهذا المعنى فقد صحف ، والله أعلم .