الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ربض ]

                                                          ربض : ربضت الدابة والشاة والخروف تربض ربضا وربوضا وربضة حسنة ، وهو كالبروك للإبل ، وأربضها هو وربضها . ويقال للدابة : هي ضخمة الربضة أي : ضخمة آثار المربض ، وربض الأسد على فريسته والقرن على قرنه ، وأسد رابض ورباض ، قال :


                                                          ليث على أقرانه رباض



                                                          ورجل رابض : مريض ، وهو من ذلك . والربيض : الغنم في مرابضها كأنه اسم للجمع ، قال امرؤ القيس :


                                                          ذعرت به سربا نقيا جلوده     كما ذعر السرحان جنب الربيض



                                                          والربيض : الغنم برعاتها المجتمعة في مربضها . يقال : هذا ربيض بني فلان . وفي حديث معاوية : لا تبعثوا الرابضين الترك والحبشة أي : المقيمين الساكنين ، يريد لا تهيجوهم عليكم ما داموا لا يقصدونكم . والربيض والربضة : شاء برعاتها اجتمعت في مربض واحد . والربضة : الجماعة من الغنم والناس وفيها ربضة من الناس ، والأصل للغنم . والربض : مرابض البقر . وربض الغنم : مأواها ، قال العجاج يصف الثوسر الوحشي :


                                                          واعتاد أرباضا لها آري     من معدن الصيران عدملي



                                                          العدملي : القديم . وأراد بالأرباض جمع ربض ، شبه كناس الثور بمأوى الغنم . والربوض : مصدر الشيء الرابض . وقوله - صلى الله عليه وسلم - للضحاك بن سفيان حين بعثه إلى قومه : إذا أتيتهم فاربض في دارهم ظبيا ، قال ابن سيده : قيل في تفسيره قولان : أحدهما ، وهو قول ابن قتيبة عن ابن الأعرابي أنه أراد أقم في دارهم آمنا لا تبرح كما يقيم الظبي الآمن في كناسه قد أمن حيث لا يرى أنيسا ، والآخر ، وهو قول الأزهري : أنه - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يأتيهم ، مستوفزا مستوحشا لأنهم كفرة لا يأمنهم ، فإذا رابه منهم ريب نفر عنهم شاردا كما ينفر الظبي ، وظبيا في القولين منتصب على الحال ، وأوقع الاسم موقع اسم الفاعل كأنه قدره متظبيا ، قال : حكاه الهروي في الغريبين . وفي الحديث : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : مثل المنافق مثل الشاة بين الربضين إذا أتت هذه نطحتها ، ورواه بعضهم : بين الربيضين ، فمن قال بين الربضين أراد مربضي غنمين ، إذا أتت مربض هذه الغنم نطحها غنمه ، ومن رواه بين الربيضين فالربيض الغنم نفسها والربض موضعها الذي تربض فيه ، أراد أنه مذبذب كالشاة الواحدة بين قطيعين من الغنم أو بين مربضيهما ، ومنه قوله :


                                                          عنتا باطلا وظلما كما يع     تر عن حجرة الربيض الظباء



                                                          وأراد النبي - صلى الله عليه وسلم - بهذا المثل قول الله - عز وجل - : مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء . قالوا : ربض الغنم مأواها ، سمي ربضا ; لأنها تربض فيه ، وكذلك ربض الوحش مأواه وكناسه . ورجل ربضة ومتربض : مقيم عاجز . وربض الكبش : عجز عن الضراب ، وهو من ذلك ، غيره : ربض الكبش ربوضا أي : حسر وترك الضراب وعدل عنه ولا يقال فيه جفر . وأرنبة رابضة : ملتزقة بالوجه . وربض الليل : ألقى بنفسه ، وهذا على المثل قال :


                                                          كأنها وقد بدا عوارض     والليل بين قنوين رابض
                                                          بجلهة الوادي قطا روابض



                                                          وقيل : هو الدوارة من بطن الشاء . وربض الناقة : بطنها ، أراه إنما سمي بذلك لأن حشوتها في بطنها ، والجمع أرباض . قال أبو حاتم : الذي يكون في بطون البهائم متثنيا المربض ، والذي أكبر منها الأمغال ، واحدها مغل ، والذي مثل الأثناء حفث وفحث ، والجمع أحفاث وأفحاث . وربضته بالمكان : ثبته . اللحياني : يقال إنه لربض عن الحاجات وعن الأسفار على فعل أي : لا يخرج فيها . والربض والربض والربض : امرأة الرجل لأنها تربضه أي : تثبته فلا يبرح . وربض الرجل وربضه . امرأته . وفي حديث نجبة : زوج ابنته من رجل وجهزها وقال لا يبيت عزبا وله عندنا ربض ربض الرجل : امرأته التي تقوم بشأنه ، وقيل : هو كل من استرحت إليه كالأم والبنت والأخت وكالغنم والمعيشة والقوت . ابن الأعرابي : الربض والربض والربض الزوجة أو الأم أو الأخت تعزب ذا قرابتها . ويقال : ما ربض امرأ مثل أخت . والربض : جماعة الشجر الملتف . ودوحة ربوض : عظيمة واحدة . والربوض : الشجرة العظيمة . الجوهري : شجرة ربوض أي : عظيمة غليظة قال ذو الرمة :


                                                          تجوف كل أرطاة ربوض     من الدهنا تفرعت الحبالا



                                                          ربوض : ضخمة ، والحبال : جمع حبل وهو رمل مستطيل ، وفي تفرعت ضمير يعود على الأرطاة ، وتجوف : دخل جوفها ، والجمع من ربوض ربض ، ومنه قول الشاعر :


                                                          وقالوا : ربوض ضخمة في جرانه     وأسمر من جلد الذراعين مقفل



                                                          أراد بالربوض سلسلة ربوضا أوثق بها ، جعلها ضخمة ثقيلة ، وأراد بالأسمر قدا غل به فيبس عليه . وفي حديث أبي لبابة : أنه ارتبط بسلسلة ربوض إلى أن تاب الله عليه ، وهي الضخمة الثقيلة اللازقة بصاحبها وفعول من أبنية المبالغة يستوي فيه المذكر والمؤنث . وقرية ربوض : عظيمة مجتمعة . وفي الحديث : أن قوما من بني إسرائيل باتوا بقرية ربوض . ودرع ربوض : واسعة . وقربة ربوض : واسعة . [ ص: 81 ] وحلب من اللبن ما يربض القوم أي : يسعهم . وفي حديث أم معبد : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قال عندها دعا بإناء يربض الرهط ، قال أبو عبيد : معناه أنه يرويهم حتى يثقلهم فيربضوا فيناموا لكثرة اللبن الذي شربوه ويمتدوا على الأرض ، من ربض بالمكان يربض إذا لصق به وأقام ملازما له ، ومن قال يريض الرهط فهو من أراض الوادي . والربض : ما ولي الأرض من بطن البعير وغيره والربض : ما تحوى من مصارين البطن . الليث : الربض ما ولي الأرض من البعير إذا برك ، والجمع الأرباض ، وأنشد :


                                                          أسلمتها معاقد الأرباض



                                                          قال أبو منصور : غلط الليث في الربض وفيما احتج به له ، فأما الربض فهو ما تحوى من مصارين البطن ، كذلك قال أبو عبيد ، قال : وأما معاقد الأرباض فالأرباض الحبال ، ومنه قول ذي الرمة :


                                                          إذا مطونا نسوع الرحل مصعدة     يسلكن أخرات أرباض المداريج



                                                          فالأخرات : حلق الحبال ، وقد فسر أبو عبيدة الأرباض بأنها حبال الرحل . ابن الأعرابي : الربض والمربض والمربض والربيض مجتمع الحوايا . والربض : أسفل من السرة . والمربض : تحت السرة وفوق العانة . والربض : كل امرأة قيمة بيت . وربض الرجل . كل شيء أوى إليه من امرأة أو غيرها ، قال :


                                                          جاء الشتاء ولما أتخذ ربضا     يا ويح كفي من حفر القراميص !



                                                          وربضه كربضه . وربضته تربضه : قامت بأموره وآوته . وقال ابن الأعرابي : تربضه ، ثم رجع عن ذلك ، ومنه قيل لقوت الإنسان الذي يقيمه ويكفيه من اللبن : ربض . والربض : قيم البيت . الرياشي : أربضت الشمس إذا اشتد حرها حتى تربض الشاة والظبي من شدة الرمضاء . وفي المثل : ربضك منك وإن كان سمارا ، السمار : الكثير الماء يقول : قيمك منك لأنه مهتم بك وإن لم يكن حسن القيام عليك ، وذلك أن السمار هو اللبن المخلوط بالماء ، والصريح لا محالة أفضل منه ، والجمع أرباض وفي الصحاح : معنى المثل أي : منك أهلك وخدمك ومن تأوي إليه وإن كانوا مقصرين ، قال : وهذا كقولهم أنفك منك وإن كان أجدع . والربض : ما حول المدينة ، وقيل : هو الفضاء حول المدينة ، قال بعضهم : الربض والربض - بالضم - وسط الشيء والربض بالتحريك ، نواحيه ، وجمعها أرباض ، والربض حريم المسجد . قال ابن خالويه : ربض المدينة - بضم الراء والباء أساسها وبفتحهما : ما حولها . وفي الحديث : أنا زعيم يبيت في ربض الجنة - هو بفتح الباء - ما حولها خارجا عنها تشبيها بالأبنية التي تكون حول المدن وتحت القلاع ، ومنه حديث ابن الزبير وبناء الكعبة : فأخذ ابن مطيع العتلة من شق الربض الذي يلي دار بني حميد ، الربض - بضم الراء وسكون الباء - : أساس البناء ، وقيل وسطه ، وقيل هو والربض سواء كسقم وسقم . والأرباض أمعاء البطن وحبال الرحل ، قال ذو الرمة :


                                                          إذا غرقت أرباضها ثني بكرة     بتيماء لم تصبح رؤوما سلوبها



                                                          وعم أبو حنيفة بالأرباض الحبال ، وفسر ابن الأعرابي قول ذي الرمة :


                                                          يسلكن أخرات أرباض المداريج



                                                          بأنها بطون الإبل ، والواحد من كل ذلك ربض . أبو زيد : الربض سفيف يجعل مثل النطاق فيجعل في حقوي الناقة حتى يجاوز الوركين من الناحيتين جميعا ، وفي طرفيه حلقتان يعقد فيهما الأنساع ثم يشد به الرحل ، وجمعه أرباض . التهذيب : أنكر شمر أن يكون الربض وسط الشيء ، قال : والربض ما مس الأرض ، وقال ابن شميل : ربض الأرض - بتسكين الباء - ما مس الأرض منه . والربض ، فيما قال بعضهم : أساس المدينة والبناء ، والربض : ما حوله من خارج ، وقال بعضهم : هما لغتان .

                                                          وفلان ما تقوم رابضته وما تقوم له رابضة أي : أنه إذا رمى فأصاب أو نظر فعان قتل مكانه . ومن أمثالهم في الرجل الذي يتعين الأشياء فيصيبها بعينه قولهم : لا تقوم لفلان رابضة وذلك إذا قتل كل شيء يصيبه بعينه ، قال : وأكثر ما يقال في العين . وفي الحديث : أنه رأى قبة حولها غنم ربوض ، جمع رابض . ومنه حديث عائشة : رأيت كأني ضرب وحولي بقر ربوض . وكل شيء يبرك على أربعة ، فقد ربض ربوضا . ويقال : ربضت الغنم ، وبركت الإبل ، وجثمت الطير ، والثور الوحشي يربض في كناسه . الجوهري : وربوض البقر والغنم والفرس والكلب مثل بروك الإبل وجثوم الطير ، تقول منه : ربضت الغنم تربض - بالكسر - ربوضا . والمرابض للغنم : كالمعاطن للإبل ، واحدها مربض مثال مجلس . والربضة : مقتل قوم قتلوا في بقعة واحدة . والربض : جماعة الطلح والسمر . وفي الحديث : الرابضة ملائكة أهبطوا مع آدم - عليه السلام - يهدون الضلال ، قال : ولعله من الإقامة . قال الجوهري : الرابضة بقية حملة الحجة لا تخلو منهم الأرض ، وهو في الحديث . وفي حديث في الفتن : روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه ذكر من أشراط الساعة أن تنطق الرويبضة في أمر العامة ، قيل : وما الرويبضة يا رسول الله ؟ قال : الرجل التافه الحقير ينطق في أمر العامة قال أبو عبيد : ومما يثبت حديث الرويبضة الحديث الآخر : من أشراط الساعة أن يرى رعاء الشاء رؤوس الناس . قال أبو منصور : الرويبضة تصغير رابضة وهو الذي يرعى الغنم ، وقيل : هو العاجز الذي ربض عن معالي الأمور ، وقعد عن طلبها وزيادة الهاء للمبالغة في وصفه جعل الرابضة راعي الربيض ، كما يقال داهية قال : والغالب أنه قيل للتافه من الناس رابضة ورويبضة لربوضه في بيته وقلة انبعاثه في الأمور الجسيمة ، قال : ومنه يقال رجل ربض عن الحاجات والأسفار إذا كان لا ينهض فيها . والربضة : القطعة العظيمة من الثريد . وجاء بثريد كأنه ربضة أرنب أي : جثتها ، قال ابن سيده : ولم أسمع به إلا في هذا الموضع . ويقال : أتانا بتمر مثل ربضة الخروف أي : قدر الخروف الرابض . وفي حديث عمر : ففتح الباب فإذا شبه الفصيل الرابض أي : الجالس المقيم ، ومنه [ ص: 82 ] الحديث : كربضة العنز ، ويروى بكسر الراء ، أي : جثتها إذا بركت . وفي حديث علي - رضي الله عنه : والناس حولي كربيضة الغنم أي : كالغنم الربض . وفي حديث القراء الذين قتلوا يوم الجماجم : كانوا ربضة الربضة : مقتل قوم قتلوا في بقعة واحدة . وصب الله عليه حمى ربيضا أي : من يهزأ به . ورباض ومربض ورباض : أسماء .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية