الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ رمض ]

                                                          رمض : الرمض والرمضاء : شدة الحر . والرمض : حر الحجارة من شدة حر الشمس ، وقيل : هو الحر والرجوع عن المبادي إلى المحاضر ، وأرض رمضة الحجارة . والرمض : شدة وقع الشمس على الرمل وغيره ، والأرض رمضاء . ومنه حديث عقيل : فجعل يتتبع الفيء من شدة الرمض ، وهو ، بفتح الميم ، المصدر ، يقال : رمض يرمض رمضا . ورمض الإنسان رمضا : مضى على الرمضاء ، والأرض رمضة . ورمض يومنا ، بالكسر ، يرمض رمضا : اشتد حره . وأرمض الحر القوم : اشتد عليهم . والرمض : مصدر قولك رمض الرجل يرمض رمضا إذا احترقت قدماه في شدة الحر ; وأنشد :


                                                          فهن معترضات والحصى رمض والريح ساكنة والظل معتدل



                                                          ورمضت قدمه من الرمضاء أي : احترقت . ورمضت الغنم ترمض رمضا إذا رعت في شدة الحر فحبنت رئاتها وأكبادها وأصابها فيها قرح . وفي الحديث : صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال ; وهي الصلاة التي سنها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في وقت الضحى عند ارتفاع النهار . وفي الصحاح : أي : إذا وجد الفصيل حر الشمس من الرمضاء ، يقول : فصلاة الضحى تلك الساعة ; قال ابن الأثير : هو أن تحمى الرمضاء ، وهي الرمل فتبرك الفصال من شدة حرها وإحراقها أخفافها . وفي الحديث : فلم تكتحل حتى كادت عيناها ترمضان ، يروى بالضاد ، من الرمضاء وشدة الحر . وفي حديث صفية : تشكت عينيها حتى كادت ترمض ، فإن روي بالضاد أراد حتى تحمى . ورمض الفصال : أن تحترق الرمضاء وهو الرمل فتبرك الفصال من شدة حرها وإحراقها أخفافها وفراسنها . ويقال : رمض الراعي مواشيه وأرمضها إذا رعاها في الرمضاء وأربضها عليها .وقال عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، لراعي الشاء : عليك الظلف من الأرض لا ترمضها ; والظلف من الأرض : المكان الغليظ الذي لا رمضاء فيه . وأرمضتني الرمضاء أي : أحرقتني . يقال : رمض الراعي ماشيته وأرمضها إذا رعاها في الرمضاء . والترمض : صيد الظبي في وقت الهاجرة تتبعه حتى إذا تفسخت قوائمه من شدة الحر أخذته . وترمضنا الصيد : رميناه في الرمضاء حتى احترقت قوائمه فأخذناه . [ ص: 225 ] ووجدت في جسدي رمضة أي : كالمليلة . والرمض : حرقة الغيظ . وقد أرمضه الأمر ورمض له ، وقد أرمضني هذا الأمر فرمضت ; قال رؤبة :


                                                          ومن تشكى مغلة الإرماض     أو خلة أعركت بالإحماض



                                                          قال أبو عمرو : الإرماض كل ما أوجع . يقال : أرمضني أي : أوجعني . وارتمض الرجل من كذا أي : اشتد عليه وأقلقه ; وأنشد ابن بري :


                                                          إن أحيحا مات من غير مرض     ووجد في مرمضه حيث ارتمض
                                                          عساقل وجبأ فيها قضض

                                                          وارتمضت كبده : فسدت . وارتمضت لفلان : حزنت له . والرمضي من السحاب والمطر : ما كان في آخر القيظ وأول الخريف ، فالسحاب رمضي والمطر رمضي ، وإنما سمي رمضيا لأنه يدرك سخونة الشمس وحرها . والرمض : المطر يأتي قبل الخريف فيجد الأرض حارة محترقة . والرمضية : آخر المير ، وذلك حين تحترق الأرض لأن أول المير الربعية ثم الصيفية ثم الدفئية ، ويقال : الدثئية ثم الرمضية . ورمضان : من أسماء الشهور معروف ، قال :


                                                          جارية في رمضان الماضي     تقطع الحديث بالإيماض



                                                          أي : إذا تبسمت قطع الناس حديثهم ونظروا إلى ثغرها . قال أبو عمر مطرز : هذا خطأ ، الإيماض لا يكون في الفم إنما يكون في العينين ، وذلك أنهم كانوا يتحدثون فنظرت إليهم فاشتغلوا بحسن نظرها عن الحديث ومضت ، والجمع رمضانات ورماضين وأرمضاء وأرمضة وأرمض ; عن بعض أهل اللغة ، وليس بثبت . قال مطرز : كان مجاهد يكره أن يجمع رمضان ويقول : بلغني أنه اسم من أسماء الله عز وجل قال ابن دريد : لما نقلوا أسماء الشهور عن اللغة القديمة سموها بالأزمنة التي هي فيها فوافق رمضان أيام رمض الحر وشدته فسمي به . الفراء يقال هذا شهر رمضان ، وهما شهرا ربيع ، ولا يذكر الشهر مع سائر أسماء الشهور العربية . يقال : هذا شعبان قد أقبل . وشهر رمضان مأخوذ من رمض الصائم يرمض إذا حر جوفه من شدة العطش ، قال الله عز وجل : شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن وشاهد شهري ربيع قول أبي ذؤيب :


                                                          به أبلت شهري ربيع كليهما     فقد مار فيها نسؤها واقترارها



                                                          نسؤها : سمنها . واقترارها : شبعها . وأتاه فلم يصبه فرمض : وهو أن ينتظره شيئا . الكسائي : أتيته فلم أجده فرمضته ترميضا ; قال شمر : ترميضه أن تنتظره شيئا ثم تمضي . ورمض النصل يرمضه ويرمضه رمضا : حدده . ابن السكيت : الرمض مصدر رمضت النصل رمضا إذا جعلته بين حجرين ثم دققته ليرق . وسكين رميض بين الرماضة أي : حديد . وشفرة رميض ونصل رميض أي : وقيع ، وأنشد ابن بري للوضاح بن إسماعيل :


                                                          وإن شئت فاقتلنا بموسى رميضة     جميعا فقطعنا بها عقد العرا



                                                          وكل حاد رميض . ورمضته أنا أرمضه وأرمضه إذا جعلته بين حجرين أملسين ثم دققته ليرق . وفي الحديث : إذا مدحت الرجل في وجهه فكأنما أمررت على حلقه موسى رميضا ; قال شمر : الرميض الحديد الماضي ; فعيل بمعنى مفعول ; وقال :


                                                          وما رمضت عند القيون شفار



                                                          أي : أحدت . وقال مدرك الكلابي فيما روى أبو تراب عنه : ارتمزت الفرس بالرجل وارتمضت به أي : وثبت به . والمرموض : الشواء الكبيس . ومررنا على مرمض شاة ومنده شاة ، وقد أرمضت الشاة فأنا أرمضها رمضا ، وهو أن تسلخها إذا ذبحتها وتبقر بطنها وتخرج حشوتها ، ثم توقد على الرضاف حتى تحمر فتصير نارا تتقد ، ثم تطرحها في جوف الشاة وتكسر ضلوعها لتنطبق على الرضاف ، فلا يزال يتابع عليها الرضاف المحرقة حتى يعلم أنها قد أنضجت لحمها ، ثم يقشر عنها جلدها الذي يسلخ عنها وقد استوى ، لحمها ، ويقال : لحم مرموض ، وقد رمض رمضا . ابن سيده : رمض الشاة يرمضها رمضا أوقد على الرضف ثم شق الشاة شقا وعليها جلدها ، ثم كسر ضلوعها من باطن لتطمئن على الأرض ، وتحتها الرضف وفوقها الملة ، وقد أوقدوا عليها فإذا نضجت قشروا جلدها وأكلوها ، وذلك الموضع مرمض ، واللحم مرموض . والرميض : قريب من الحنيذ غير أن الحنيذ يكسر ثم يوقد فوقه . وارتمض الرجل : فسد بطنه ومعدته ، عن ابن الأعرابي .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية