الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ريع ]

                                                          ريع : الريع : النماء والزيادة : راع الطعام وغيره يريع ريعا وريوعا ورياعا ، هذه عن اللحياني ، وريعانا وأراع وريع كل ذلك : زكا [ ص: 278 ] وزاد ، وقيل : هي الزيادة في الدقيق والخبز . وأراعه وريعه . وراعت الحنطة وأراعت أي : زكت . قال الأزهري : أراعت زكت ، قال : وبعضهم يقول : راعت ، وهو قليل . ويقال : طعام كثير الريع . وأرض مريعة ، بفتح الميم ، أي : مخصبة . وقال أبو حنيفة : أراعت الشجرة كثر حملها ، قال : وراعت لغة قليلة . وأراعت الإبل : كثر ولدها . وراع الطحين : زاد وكثر ريعا . وكل زيادة ريع . وراع الطعام وأراع أي : صارت له زيادة في العجن والخبز . وفي حديث عمر : املكوا العجين فإنه أحد الريعين ، قال : هو من الزيادة والنماء على الأصل ، يريد زيادة الدقيق عند الطحن وفضله على كيل الحنطة وعند الخبز على الدقيق ، والملك والإملاك إحكام العجين وإجادته ، وقيل : معنى حديث عمر أي : أنعموا عجنه فإن إنعامكم إياه أحد الريعين . وفي حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - في كفارة اليمين : لكل مسكين مد حنطة ريعه إدامه أي : لا يلزمه مع المد إدام ، وإن الزيادة التي تحصل من دقيق المد إذا طحنه يشتري بها الإدام . وفي النوادر : راع في يدي كذا وكذا وراق مثله أي : زاد . وتريعت يده بالجود : فاضت . وريع البذر : فضل ما يخرج من البزر على أصله . وريع الدرع : فضل كميها على أطراف الأنامل ، قال قيس بن الخطيم :


                                                          مضاعفة يغشى الأنامل ريعها كأن قتيرها عيون الجنادب



                                                          والريع : العود والرجوع . راع يريع وراه يريه أي : رجع . تقول : راع الشيء ريعا رجع وعاد ، وراع كرد ، أنشد ثعلب :


                                                          حتى إذا ما فاء من أحلامها     وراع برد الماء في أجرامها



                                                          وقال البعيث :


                                                          طمعت بليلى أن تريع وإنما     تضرب أعناق الرجال المطامع



                                                          وفي حديث جرير : وماؤنا يريع أي : يعود ويرجع . والريع : مصدر راع عليه القيء يريع أي : رجع وعاد إلى جوفه . وليس له ريع أي : مرجوع . وسئل الحسن البصري عن القيء يذرع الصائم هل يفطر ، فقال : هل راع منه شيء ؟ فقال السائل : ما أدري ما تقول فقال : هل عاد منه شيء ؟ وفي رواية : فقال إن راع منه شيء إلى جوفه فقد أفطر أي : إن رجع وعاد . وكذلك كل شيء رجع إليك ، فقد راع يريع ، قال طرفة :


                                                          تريع إلى صوت المهيب وتتقي     بذي خصل روعات أكلف ملبد



                                                          وتريع الماء : جرى . وتريع الودك والزيت والسمن إذا جعلته في الطعام وأكثرت منه فتميع هاهنا وهاهنا لا يستقيم له وجه ، قال مزرد :


                                                          ولما غدت أمي تحيي بناتها     أغرت على العكم الذي كان يمنع
                                                          خلطت بصاع الأقط صاعين عجوة     إلى صاع سمن وسطه يتريع
                                                          ودبلت أمثال الأكار كأنها     رءوس نقاد قطعت يوم تجمع
                                                          وقلت لنفسي : أبشري اليوم إنه     حمى آمن إما تحوز وتجمع
                                                          فإن تك مصفورا فهذا دواؤه     وإن كنت غرثانا فذا يوم تشبع



                                                          ويروى : ربكت بصاع الأقط . ابن شميل : تريع السمن على الخبزة وهو خلوف بعضه بأعقاب بعض . وتريع السراب وتريه إذا جاء وذهب . وريعان السراب : ما اضطرب منه . وريع كل شيء وريعانه : أوله وأفضله . وريعان المطر أوله ، ومنه ريعان الشباب ، قال :


                                                          قد كان يلهيك ريعان الشباب فقد     ولى الشباب وهذا الشيب منتظر



                                                          وتريعت الإهالة في الإناء إذا ترقرقت . وفرس رائع أي : جواد ، وتروعت : بمعنى تليثت أو توقفت . وأنا متريع عن هذا الأمر ومنتو ومنتقض أي : منتشر . والريعة والريع والريع : المكان المرتفع ، وقيل : الريع مسيل الوادي من كل مكان مرتفع ، قال الراعي يصف إبلا :


                                                          لها سلف يعوذ بكل ريع     حمى الحوزات واشتهر الإفالا



                                                          السلف : الفحل . حمى الحوزات أي : حمى حوزاته أن لا يدنو منهن فحل سواه . واشتهر الإفال : جاء بها تشبهه ، والجمع أرياع وريوع ورياع ، الأخيرة نادرة ، قال ابن هرمة :


                                                          ولا حل الحجيج منى ثلاثا     على عرض ولا طلعوا الرياعا



                                                          والريع : الجبل ، والجمع كالجمع ، وقيل : الواحدة ريعة ، والجمع رياع ، وحكى ابن بري عن أبي عبيدة : الريعة جمع ريع خلاف قول الجوهري ، قال ذو الرمة :


                                                          طراق الخوافي واقعا فوق ريعة     ندى ليله في ريشه يترقرق



                                                          والريع : السبيل ، سلك أو لم يسلك ، قال :


                                                          كظهر الترس ليس بهن ريع



                                                          والريع والريع : الطريق المنفرج عن الجبل ، عن الزجاج ، وفي الصحاح : الطريق ولم يقيد ، ومنه قول المسيب بن علس :


                                                          في الآل يخفضها ويرفعها     ريع يلوح كأنه سحل



                                                          شبه الطريق بثوب أبيض . وقوله تعالى : أتبنون بكل ريع آية وقرئ : بكل ريع ، قيل في تفسيره : بكل مكان مرتفع . قال الأزهري : ومن ذلك كم ريع أرضك أي : كم ارتفاع أرضك ، وقيل : معناه بكل فج ، والفج الطريق المنفرج في الجبال خاصة ، وقيل : بكل طريق . وقال الفراء : الريع والريع لغتان مثل الرير والرير . والريع : برج الحمام . وناقة مرياع : سريعة الدرة ، وقيل : سريعة السمن ، وناقة لها ريع إذا جاء سير بعد سير كقولهم بئر ذات غيث . وأهدى أعرابي إلى هشام بن عبد الملك ناقة فلم يقبلها فقال له : إنها مرباع [ ص: 279 ] مرياع مقراع مسناع مسياع ، فقبلها ، المرباع : التي تنتج أول الربيع ، والمرياع : ما تقدم ذكره ، والمقراع التي تحمل أول ما يقرعها الفحل ، والمسناع : المتقدمة في السير ، والمسياع : التي تصبر على الإضاعة . وناقة مسياع مرياع : تذهب في المرعى وترجع بنفسها . وقال الأزهري : ناقة مرياع وهي التي يعاد عليها السفر ، وقال في ترجمة سنع : المرياع التي يسافر عليها ويعاد ، وقول الكميت :


                                                          فأصبح باقي عيشنا وكأنه     لواصفه هذم الهباء المرعبل
                                                          إذا حيص منه جانب ريع جانب     بفتقين يضحى فيهما المتظلل



                                                          أي : انخرق . والريع : فرس عمرو بن عصم صفة غالبة . وفي الحديث ذكر رائعة . هو موضع بمكة ، شرفها الله تعالى ، به قبر آمنة أم النبي - صلى الله عليه وسلم - في قول .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية