الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ص: 228 ] [ رمل ]

                                                          رمل : الرمل : نوع معروف من التراب ، وجمعه الرمال ، والقطعة منها رملة ، ابن سيده : واحدته رملة ، وبه سميت المرأة ، وهي الرمال والأرمل ، قال العجاج :


                                                          يقطعن عرض الأرض بالتمحل جوز الفلا من أرمل وأرمل



                                                          ورمل الطعام : جعل فيه الرمل . وفي حديث الحمر الأهلية : أمر أن تكفأ القدور وأن يرمل اللحم بالتراب أي : يلت بالتراب لئلا ينتفع به . ورمل الثوب ونحوه : لطخه بالدم ، ويقال : أرمل السهم إرمالا إذا أصابه الدم فبقي أثره ، وقال أبو النجم يصف سهاما :


                                                          محمرة الريش على ارتمالها     من علق أقبل في شكالها



                                                          ويقال : رمل فلان بالدم وضمخ بالدم وضرج بالدم كله إذا لطخ به ، وقد ترمل بدمه . الجوهري : رمله بالدم فترمل وارتمل أي : تلطخ ، قال أبو أخزم الطائي :


                                                          إن بني رملوني بالدم     شنشنة أعرفها من أخزم



                                                          ورمل النسج يرمله رملا ورمله وأرمله : رققه . ورمل السرير والحصير يرمله رملا : زينه بالجوهر ونحوه . أبو عبيد : رملت الحصير وأرملته ، فهو مرمول ومرمل إذا نسجته وسففته . وفي الحديث : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مضطجعا على رمال سرير قد أثر في جنبه ، قال الشاعر :


                                                          إذ لا يزال على طريق لاحب     وكأن صفحته حصير مرمل



                                                          وفي حديث عمر ، رضي الله عنه : دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا هو جالس على رمال سرير ، وفي رواية : حصير ، الرمال : ما رمل أي : نسج قال الزمخشري : ونظيره الحطام والركام لما حطم وركم ، وقال غيره : الرمال جمع رمل بمعنى مرمول كخلق الله بمعنى مخلوقة ، والمراد أنه كان السرير قد نسج وجهه بالسعف ولم يكن على السرير وطاء سوى الحصير . والروامل : نواسج الحصير ، الواحدة راملة ، وقد أرمله ، وأنشد أبو عبيد :


                                                          كأن نسج العنكبوت المرمل



                                                          وقد رمل سريره وأرمله إذا رمل شريطا أو غيره فجعله ظهرا له ، ويقال : خبيص مرمل إذا عصد عصدا شديدا حتى صارت فيه طرائق موضونة . وطعام مرمل إذا ألقي فيه الرمل . والرمل ، بالتحريك : الهرولة . ورمل يرمل رملا : وهو دون المشي وفوق العدو . ويقال : رمل الرجل يرمل رملانا ورملا إذا أسرع في مشيته وهز منكبيه ، وهو في ذلك لا ينزو ، والطائف بالبيت يرمل رملانا اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وبأصحابه ، وذلك بأنهم رملوا ليعلم أهل مكة أن بهم قوة ، وأنشد المبرد :


                                                          ناقته ترمل في النقال     متلف مال ومفيد مال



                                                          والنقال : المناقلة ، وهو أن تضع رجليها مواضع يديها ، ورملت بين الصفا والمروة رملا ورملانا . وفي حديث الطواف : رمل ثلاثا ومشى أربعا . وفي حديث عمر ، رضي الله عنه : فيم الرملان والكشف عن المناكب وقد أطأ الله الإسلام ؟ قال ابن الأثير : يكثر مجيء المصدر على هذا الوزن في أنواع الحركة كالنزوان والنسلان والرسفان وأشباه ذلك ، وحكى الحربي فيه قولا غريبا قال : إنه تثنية الرمل وليس مصدرا ، وهو أن يهز منكبيه ولا يسرع ، والسعي أن يسرع في المشي ، وأراد بالرملين الرمل والسعي ، قال وجاز أن يقال للرمل والسعي الرملان ، لأنه كما خف اسم الرمل وثقل اسم السعي غلب الأخف فقيل الرملان ، كما قالوا القمران والعمران ، قال : وهذا القول من ذلك الإمام كما تراه ، فإن الحال التي شرع فيها رمل الطواف ، وقول عمر فيه ما قال يشهد بخلافه لأن رمل الطواف هو الذي أمر به النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه في عمرة القضاء ليري المشركين قوتهم حيث قالوا : وهنتهم حمى يثرب وهو مسنون في بعض الأطواف دون البعض ، وأما السعي بين الصفا والمروة فهو شعار قديم من عهد هاجر أم إسماعيل ، عليهما السلام ، فإذا المراد بقول عمر ، رضي الله عنه ، رملان الطواف وحده الذي سن لأجل الكفار ، وهو مصدر ، قال : وكذلك شرحه أهل العلم لا خلاف بينهم فيه فليس للتثنية وجه . والرمل : ضرب من عروض يجيء على فاعلاتن فاعلاتن ، قال :


                                                          لا يغلب النازع ما دام الرمل     ومن أكب صامتا فقد حمل



                                                          ابن سيده : الرمل من الشعر كل شعر مهزول غير مؤتلف البناء ، وهو مما تسمي العرب من غير أن يحدوا في ذلك شيئا نحو قوله :


                                                          أقفر من أهله ملحوب     فالقطبيات فالذنوب



                                                          ونحو قوله :


                                                          ألا لله قوم و     لدت أخت بني سهم



                                                          أراد ولدتهم ، قال : وعامة المجزوء يجعلونه رملا ، كذا سمع من العرب ، قال ابن جني : قوله وهو مما تسمي العرب ، مع أن كل لفظة ولقب استعمله العروضيون فهو من كلام العرب ، تأويله إنما استعملته في الموضع الذي استعمله فيه العروضيون ، وليس منقولا عن موضعه لا نقل العلم ولا نقل التشبيه على ما تقدم من قولك في ذينك ، ألا ترى أن العروض والمصراع والقبض والعقل وغير ذلك من الأسماء التي استعملها أصحاب هذه الصناعة قد تعلقت العرب بها ؟ ولكن ليس في المواضع التي نقلها أهل هذا العلم إليها ، إنما العروض الخشبة التي في وسط البيت المبني لهم ، والمصراع أحد صفقي الباب فنقل ذلك ونحوه تشبيها ، وأما الرمل فإن العرب وضعت فيه اللفظة نفسها عبارة عندهم عن الشعر الذي وصفه باضطراب البناء والنقصان عن الأصل ، فعلى هذا وضعه أهل هذه الصناعة ، لم ينقلوه نقلا علميا ولا نقلا تشبيهيا ، قال : وبالجملة فإن الرمل كل ما كان غير القصيد من الشعر وغير الرجز . [ ص: 229 ] وأرمل القوم : نفد زادهم ، وأرملوه : أنفدوه ، قال السليك بن السلكة :


                                                          إذا أرملوا زادا عقرت مطية     تجر برجليها السريح المخدما



                                                          وفي حديث أم معبد : وكان القوم مرملين مسنتين ، قال أبو عبيد : المرمل الذي نفد زاده ، ومنه حديث أبي هريرة : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة فأرملنا وأنفضنا ، ومنه حديث أم معبد ، أي : نفد زادهم ، قال : وأصله من الرمل كأنهم لصقوا بالرمل كما قيل للفقير الترب . ورجل أرمل وامرأة أرملة : محتاجة ، وهم الأرملة والأرامل والأراملة ، كسروه تكسير الأسماء لقلته ، وكل جماعة من رجال ونساء أو رجال دون نساء أو نساء دون رجال أرملة ، بعد أن يكونوا محتاجين . ويقال للفقير الذي لا يقدر على شيء من رجل أو امرأة أرملة ، ولا يقال للمرأة التي لا زوج لها وهي موسرة أرملة ، والأرامل : المساكين . ويقال : جاءت أرملة من نساء ورجال محتاجين ، ويقال للرجال المحتاجين الضعفاء أرملة ، وإن لم يكن فيهم نساء . وحكى ابن بري عن ابن قتيبة قال : إذا قال الرجل هذا المال لأرامل بني فلان فهو للرجال والنساء ، لأن الأرامل يقع على الذكور والنساء ، قال : وقال ابن الأنباري يدفع للنساء دون الرجال لأن الغالب على الأرامل أنهن النساء ، وإن كانوا يقولون رجل أرمل ، كما أن الغالب على الرجال أنهم الذكور دون الإناث وإن كانوا يقولون رجلة ، وفي شعر أبي طالب يمدح سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم :


                                                          ثمال اليتامى عصمة للأرامل



                                                          قال : الأرامل المساكين من نساء ورجال . قال : ويقال لكل واحد من الفريقين على انفراده أرامل ، وهو بالنساء أخص وأكثر استعمالا ، وقد تكرر ذكر ذلك . والأرمل : الذي ماتت زوجته ، والأرملة التي مات زوجها ، وسواء كانا غنيين أو فقيرين . ابن بزرج : يقال إن بيت فلان لضخم وإنهم لأرملة ما يحملونه إلا ما استفقروا له ، يعني العارية ، قوله إنهم لأرملة لا يحملونه إلا ما استفقروا له ، يعني أنهم قوم لا يملكون الإبل ولا يقدرون على الارتحال إلا على إبل يستعيرونها ، من أفقرته ظهر بعيري إذا أعرته إياه . ويقال للذكر أرمل إذا كان لا امرأة له ، تقوله العرب ، وكذلك رجل أيم وامرأة أيمة ; قال الراجز :


                                                          أحب أن أصطاد ضبا سحبلا     رعى الربيع والشتاء أرملا



                                                          قال ابن جني : قلما يستعمل الأرمل في المذكر إلا على التشبيه والمغالطة ، قال جرير :


                                                          كل الأرامل قد قضيت حاجتها     فمن لحاجة هذا الأرمل الذكر ؟



                                                          يريد بذلك نفسه . وامرأة أرملة : لا زوج لها ، أنشد ابن بري :


                                                          ليبك على ملحان ضيف مدفع     وأرملة تزجي مع الليل أرملا



                                                          وقال أبو خراش :


                                                          بذي فخر تأوي إليه الأرامل



                                                          وأنشد ابن قتيبة شاهدا على الأرمل الذي لا امرأة له قول الراجز :


                                                          رعى الربيع والشتاء أرملا



                                                          قال : أراد ضبا لا أنثى له ليكون سمينا . وأرملت المرأة إذا مات عنها زوجها ، وأرملت : صارت أرملة . وقال شمر : رملت المرأة من زوجها وهي أرملة . ابن الأنباري : الأرملة التي مات عنها زوجها ، سميت أرملة لذهاب زادها وفقدها كاسبها ومن كان عيشها صالحا به ، من قول العرب : أرمل القوم والرجل إذا ذهب زادهم ، قال : ولا يقال له إذا ماتت امرأته أرمل إلا في شذوذ ، لأن الرجل لا يذهب زاده بموت امرأته إذا لم تكن قيمة عليه والرجل قيم عليها وتلزمه عيلولتها ومؤنتها ولا يلزمها شيء من ذلك . قال : ورد على القتيبي قوله فيمن أوصى بماله للأرامل أنه يعطي منه الرجال الذين مات أزواجهم ، لأنه يقال رجل أرمل وامرأة أرملة . قال أبو بكر : وهذا مثل الوصية للجواري لا يعطى منه الغلمان ، ووصية الغلمان لا يعطى منه الجواري ، وإن كان يقال للجارية غلامة . والمرمل : القيد الصغير . والرمل : المطر الضعيف ، وفي الصحاح : القليل من المطر . وعام أرمل : قليل المطر والنفع والخير ، وسنة رملاء كذلك . وأصابهم رمل من مطر أي : قليل ، والجمع أرمال ، والأزمان أقوى منها . قال شمر : لم أسمع الرمل بهذا المعنى إلا للأموي . وأرامل العرفج : أصوله . وأرمولة العرفج : جذموره ، وجمعها أراميل ; قال :


                                                          فجئت كالعود النزيع الهادج     قيد في أرامل العرافج
                                                          في أرض سوء جذبة هجاهج



                                                          الهجاهج : الأرض التي لا نبت فيها . والرمل : خطوط في يدي البقرة الوحشية ورجليها يخالف سائر لونها ، وقيل : الرملة الخط الأسود . غيره : يقال لوشي قوائم الثور الوحشي رمل ، واحدتها رملة ، قال الجعدي :


                                                          كأنها بعدما جد النجاء بها     بالشيطين مهاة سرولت رملا



                                                          ويقال للضبع أم رمال . ورملة : مدينة بالشام . والأرمل : الأبلق . قال أبو عبيد : الأرمل من الشاء الذي اسودت قوائمه كلها . وحكى ابن بري عن ابن خالويه قال : الرمل ، بضم الراء وفتح الميم ، خطوط سود تكون على ظهر الغزال وأفخاذه ، وأنشد بيت الجعدي أيضا ، قال : وقال أيضا :


                                                          بذهاب الكور أمسى أهله     كل موشي شواه ذي رمل



                                                          ونعجة رملاء : سوداء القوائم كلها وسائرها أبيض . وغلام أرمولة : كقولك بالفارسية زاذه ، قال أبو منصور : لا أعرف الأرمولة عربيتها ولا فارسيتها . ورامل ورميل ورميلة ويرمول كلها : أسماء .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية