الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ رغب ]

                                                          رغب : الرغب والرغب والرغب والرغبة والرغبوت والرغبى والرغبى والرغباء : الضراعة والمسألة . وفي حديث الدعاء : رغبة ورهبة إليك . قال ابن الأثير : أعمل لفظ الرغبة وحدها ، ولو أعملهما معا ، لقال : رغبة إليك ورهبة منك ، ولكن لما جمعهما في النظم حمل أحدهما على الآخر ، كقول الراجز :


                                                          وزججن الحواجب والعيونا



                                                          وقول الآخر :


                                                          متقلدا سيفا ورمحا



                                                          وفي حديث عمر - رضي الله عنه - قالوا له عند موته : جزاك الله خيرا ، فعلت وفعلت ، فقال : راغب وراهب ، يعني : أن قولكم لي هذا القول ، إما قول راغب فيما عندي ، أو راهب مني ، وقيل : أراد إنني راغب فيما عند الله ، وراهب من عذابه ، فلا تعويل عندي على ما قلتم من الوصف والإطراء . ورجل رغبوت : من الرغبة . وقد رغب إليه ورغبه هو ، عن ابن الأعرابي وأنشد :


                                                          إذا مالت الدنيا على المرء رغبت [ ص: 182 ]     إليه ومال الناس حيث يميل



                                                          وفي الحديث أن أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - قالت : أتتني أمي راغبة في العهد الذي كان بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين قريش ، وهي كافرة ، فسألتني ، فسألت النبي - صلى الله عليه وسلم - : أصلها ؟ فقال : نعم . قال الأزهري : قولها أتتني أمي راغبة ، أي : طائعة ، تسأل شيئا . يقال : رغبت إلى فلان في كذا وكذا أي : سألته إياه . وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : كيف أنتم إذا مرج الدين ، وظهرت الرغبة ؟ وقوله : ظهرت الرغبة أي : كثر السؤال وقلت العفة ، ومعنى ظهور الرغبة : الحرص على الجمع ، مع منع الحق . رغب يرغب رغبة إذا حرص على الشيء ، وطمع فيه . والرغبة : السؤال والطمع . وأرغبني في الشيء ورغبني ، بمعنى . ورغبه : أعطاه ما رغب ، قال ساعدة بن جؤية :


                                                          لقلت لدهري : إنه هو غزوتي     وإني وإن رغبتني غير فاعل



                                                          والرغيبة من العطاء : الكثير والجمع الرغائب ، قال النمر بن تولب :


                                                          لا تغضبن على امرئ في ماله     وعلى كرائم صلب مالك فاغضب
                                                          ومتى تصبك خصاصة فارج الغنى     وإلى الذي يعطي الرغائب فارغب



                                                          ويقال : إنه لوهوب لكل رغيبة أي لكل مرغوب فيه . والمراغب : الأطماع . والمراغب : المضطربات للمعاش . ودعا الله رغبة ورغبة ، عن ابن الأعرابي . وفي التنزيل العزيز : ويدعوننا رغبا ورهبا قال : ويجوز رغبا ورهبا ، قال : ولا نعلم أحدا قرأ بها ، ونصبا على أنهما مفعول لهما ، ويجوز فيهما المصدر . ورغب في الشيء رغبا ورغبة ورغبى ، على قياس سكرى ، ورغبا بالتحريك : أراده ، فهو راغب ، وارتغب فيه مثله . وتقول : إليك الرغباء ومنك النعماء . وقال يعقوب : الرغبى والرغباء مثل النعمى والنعماء . وفي الحديث أن ابن عمر كان يزيد في تلبيته : والرغبى إليك والعمل . وفي رواية : والرغباء بالمد ، وهما من الرغبة كالنعمى ، والنعماء من النعمة . أبو زيد : يقال للبخيل يعطي من غير طبع جود ، ولا سجية كرم : رهباك خير من رغباك ، يقول : فرقه منك خير لك ، وأحرى أن يعطيك عليه من حبه لك . قال ومثل العامة في هذا : فرق خير من حب . قال أبو الهيثم : يقول لأن ترهب ، خير من أن يرغب فيك . قال : وفعلت ذلك رهباك أي : من رهبتك . قال ويقال : الرغبى إلى الله تعالى والعمل أي : الرغبة ، وأصبت منك الرغبى أي : الرغبة الكثيرة . وفي حديث ابن عمر : لا تدع ركعتي الفجر فإن فيهما الرغائب ، قال الكلابي : الرغائب ما يرغب فيه من الثواب العظيم ، يقال : رغيبة ورغائب ، وقال غيره : هي ما يرغب فيه ذو رغب النفس ، ورغب النفس سعة الأمل وطلب الكثير ، ومن ذلك صلاة الرغائب ، واحدتها رغيبة ، والرغيبة : الأمر المرغوب فيه . ورغب عن الشيء : تركه متعمدا ، وزهد فيه ولم يرده . ورغب بنفسه عنه : رأى لنفسه عليه فضلا . وفي الحديث : إني لأرغب بك عن الأذان . يقال : رغبت بفلان عن هذا الأمر إذا كرهته له ، وزهدت له فيه . والرغب - بالضم - : كثرة الأكل وشدة النهمة والشره . وفي الحديث : الرغب شؤم ، ومعناه الشره والنهمة ، والحرص على الدنيا ، والتبقر فيها ، وقيل : سعة الأمل وطلب الكثير . وقد رغب - بالضم - رغبا ورغبا ، فهو رغيب . التهذيب ورغب البطن كثرة الأكل ، وفي حديث مازن :


                                                          وكنت امرأ بالرغب والخمر مولعا



                                                          أي : بسعة البطن ، وكثرة الأكل ، وروي بالزاي ، يعني الجماع ، قال ابن الأثير : وفيه نظر . والرغاب - بالفتح - : الأرض اللينة . وأرض رغاب ورغب : تأخذ الماء الكثير ، ولا تسيل إلا من مطر كثير ، وقيل : هي اللينة الواسعة الدمثة وقد رغبت رغبا . والرغيب : الواسع الجوف . ورجل رغيب الجوف إذا كان أكولا . وقد رغب يرغب رغابة يقال : حوض رغيب وسقاء رغيب . وقال أبو حنيفة : واد رغيب ضخم واسع كثير الأخذ للماء ، وواد زهيد : قليل الأخذ . وقد رغب رغبا ورغبا وكل ما اتسع فقد رغب رغبا . وواد رغب : واسع . وطريق رغب ، كذلك والجمع رغب ، قال الحطيئة :


                                                          مستهلك الورد كالأستي قد جعلت     أيدي المطي به عادية رغبا



                                                          ويروى ركبا ، جمع ركوب ، وهي الطريق التي بها آثار . وتراغب المكان إذا اتسع ، فهو متراغب . وحمل رغيب ومرتغب : ثقيل ، قال ساعدة بن جؤية :


                                                          تحوب قد ترى إني لحمل     على ما كان مرتغب ثقيل



                                                          وفرس رغيب الشحوة : كثير الأخذ من الأرض بقوائمه ، والجمع رغاب . وإبل رغاب : كثيرة ، قال لبيد :


                                                          ويوما من الدهم الرغاب كأنها     اشاء دنا قنوانه أو مجادل



                                                          وفي الحديث : أفضل الأعمال منح الرغاب ، قال ابن الأثير : هي الواسعة الدر ، الكثيرة النفع ، جمع الرغيب ، وهو الواسع . جوف رغيب ، وواد رغيب . وفي حديث حذيفة : ظعن بهم أبو بكر ظعنة رغيبة ، ثم ظعن بهم عمر كذلك أي : ظعنة واسعة كثيرة ، قال الحربي : هو إن شاء الله تسيير أبي بكر الناس إلى الشام ، وفتحه إياها بهم ، وتسيي ر عمر إياهم إلى العراق ، وفتحها بهم . وفي حديث أبي الدرداء : بئس العون على الدين : قلب نخيب ، وبطن رغيب . وفي حديث الحجاج لما أراد قتل سعيد بن جبير : ائتوني بسيف رغيب أي : واسع الحدين ، يأخذ في ضربته كثيرا من المضرب . ورجل مرغب : ميل غني ، عن ابن الأعرابي ، وأنشد :


                                                          ألا لا يغرن امرأ من سوامه     سوام أخ داني القرابة مرغب



                                                          شمر : رجل مرغب أي : موسر ، له مال كثير رغيب . والرغبانة من النعل : العقدة التي تحت الشسع . وراغب ورغيب ورغبان : أسماء .

                                                          [ ص: 183 ] ورغباء : بئر معروفة ، قال كثير عزة :


                                                          إذا وردت رغباء في يوم وردها     قلوصي دعا إعطاشه وتبلدا



                                                          والمرغاب : نهر بالبصرة . ومرغابين : موضع ، وفي التهذيب : اسم لنهر بالبصرة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية