الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ رغل ]

                                                          رغل : الرغلة : القلفة كالغرلة . والأرغل : الأقلف ، وكذلك الأغرل . وغلام أرغل بين الرغل أي : أغرل ، وهو الأقلف ، وأنشد ابن بري لشاعر :


                                                          فإني امرؤ من بني عامر وإنك دارية ثيتل     تبول العنوق على أنفه
                                                          كما بال ذو الودعة الأرغل

                                                          الثيتل : الوغل ، والثيتل في هذا البيت : الذي يقعد مع النساء ، والدارية : الذي يلزم داره . وفي حديث ابن عباس : أنه كان يكره ذبيحة الأرغل أي : الأقلف ، هو مقلوب الأغرل كجبذ وجذب . وعيش أرغل وأغرل أي : واسع ناعم ، وكذلك عام أرغل . والرغلة رضاعة في غفلة . يقال : رغل المولود أمه يرغلها رغلا رضعها ، وخص بعضهم به الجدي . قال الرياشي : رغل الجدي أمه وأرغلها رضعها ، قال الشاعر :


                                                          يسبق فيها الحمل العجيا     رغلا إذا ما آنس العشيا



                                                          يقول : إنه يبادر بالعشي إلى الشاة يرغلها دون ولدها ، يصفه باللؤم . قال أبو زيد : ويقال فلان رم رغول إذا اغتنم كل شيء وأكله ، قال أبو وجزة السعدي :


                                                          رم رغول إذا اغبرت موارده     ولا ينام له جار إذا اخترفا



                                                          يقول : إذا أجدب لم يحتقر شيئا وشره إليه ، وإن أخصب لم ينم جاره خوفا من غائلته . وفصيل راغل أي : لاهج ، ورغل البهمة أمه يرغلها كذلك . والرغل : البهمة لذلك ، وكأنه سمي بالمصدر ، عن ابن الأعرابي . والرغول : البهمة يرغل أمه أي : يرضعها . وأرغلت القطاة فرخها إذا زقته ، بالراء والزاي ، وينشد بيت ابن أحمر :


                                                          فأرغلت في حلقه رغلة     لم تخطئ الجيد ولم تشفتر



                                                          بالروايتين . وفي حديث مسعر : أنه قرأ على عاصم فلحن فقال : أرغلت أي : صرت صبيا ترضع بعدما مهرت القراءة ، من قولهم رغل الصبي يرغل إذا أخذ ثدي أمه فرضعه بسرعة ، ويروى بالزاي لغة فيه . وأرغلت المرأة ، وهي مرغل : أرضعت ولدها ، بالراء والزاي ، جميعا . وأرغلت ولدها : أرضعته . وأرغل إليه : مال كأرغن . وأرغل أيضا : أخطأ ووضع الشيء في غير موضعه . وأرغلت الإبل عن مراتعها أي : ضلت . والرغل : أن يجاوز السنبل الإلحام ، وقد [ ص: 185 ] أرغل الزرع ، عن أبي حنيفة . والرغل - بالضم - : ضرب من الحمض ، والجمع أرغال ، قال أبو حنيفة : الرغل حمضة ، تنفرش وعيدانها صلاب وورقها ، نحو من ورق الجماجم إلا أنها بيضاء ، ومنابتها السهول ، قال أبو النجم :


                                                          تظل حفراه من التهدل     في روض ذفراء ورغل مخجل



                                                          قال الليث : الرغل نبات تسميه الفرس السرمق ; وأنشد :


                                                          بات من الخلصاء في رغل أغن



                                                          قال أبو منصور : غلط الليث في تفسير الرغل أنه السرمق ، والرغل من شجر الحمض وورقه مفتول ، والإبل تحمض به ، قال : وأنشدني أعرابي ونحن بالصمان :


                                                          ترعى من الصمان روضا آرجا     ورغلا باتت به لواهجا



                                                          وأرغلت الأرض : أنبتت الرغل . ورغال : الأمة ، قالت دختنوس :


                                                          فخر البغي بحدج رب     بتها إذا الناس استقلوا
                                                          لا رجلها حملت ولا     لرغال فيه مستظل



                                                          قال : رغال هي الأمة لأنها تطعم وتستطعم . ورغلان : اسم . وأبو رغال : كنية ، وقيل : كان رجلا عشارا في الزمن الأول جائرا فقبره يرجم إلى اليوم ، وقبره بين مكة والطائف ، وكان عبدا لشعيب - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - قال جرير :


                                                          إذا مات الفرزدق فارجموه     كما ترمون قبر أبي رغال



                                                          وقيل : كان أبو رغال دليلا للحبشة حين توجهوا إلى مكة فمات في الطريق . رأيت حاشية هنا صورتها : أبو رغال اسمه زيد بن مخلف عبد كان لصالح النبي - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - بعثه مصدقا ، وإنه أتى قوما ليس لهم لبن إلا شاة واحدة ، ولهم صبي قد ماتت أمه فهم يعاجونه بلبن تلك الشاة ، يعني يغذونه ، والعجي الذي يغذى بغير لبن أمه ، فأبى أن يأخذ غيرها ، فقالوا : دعها نحايي بها هذا الصبي ، فأبى ، فيقال إنه نزلت به قارعة من السماء ، ويقال : بل قتله رب الشاة ، فلما فقده صالح - على نبينا وعليه الصلاة والسلام - قام في الموسم ينشد الناس ، فأخبر بصنيعه فلعنه فقبره بين مكة والطائف يرجمه الناس .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية