ذكر مدينة شهاب الدين غازي أرزن . ملك
كان حسام الدين صاحب مدينة أرزن من ديار بكر لم يزل مصاحبا للملك الأشرف ، مشاهدا جميع حروبه وحوادثه ، وينفق أمواله من طاعته ، ويبذل نفسه وعساكره في مساعدته ، فهو يعادي أعداءه ، ويوالي أولياءه .
ومن جملة موافقته أنه كان في خلاط لما حصرها جلال الدين ، فأسره جلال الدين ، وأراد أن يأخذ منه مدينة أرزن ، فقيل له : إن هذا من بيت قديم عريق في الملك ، وإنه ورث أرزن هذه من أسلافه ، وكان لهم سواها من البلاد ، فخرج الجميع من أيديهم ، فعطف عليه ورق له ، وأبقى عليه مدينته ، وأخذ عليه العهود والمواثيق أنه لا يقاتله .
فلما جاء الملك الأشرف وعلاء الدين محاربين لجلال الدين ، لم يحضر معهم في الحرب ، فلما انهزم جلال الدين ، سار ابن الملك العادل ، وهو أخو شهاب الدين غازي الأشرف ، وله مدينة ميافارقين ، ومدينة حاني ، وهو بمدينة أرزن ، فحصره بها ، ثم ملكها صلحا ، وعوضه عنها بمدينة حاني من ديار بكر .
وحسام الدين هذا نعم الرجل ، حسن السيرة ، كريم ، جواد ، لا يخلو بابه من جماعة يردون إليه يستمنحونه ، وسيرته جميلة في ولايته ورعيته ، وهو من بيت قديم يقال له بيت طغان أرسلان ، كان له مع أرزن بدليس ووسطان وغيرهما ، ويقال لهم بيت الأحدب ، وهذه البلاد معهم من أيام ، فأخذ [ ص: 443 ] ملكشاه بن ألب أرسلان السلجوقي بكتمر صاحب خلاط منهم بدليس ، أخذها من عم حسام الدين هذا ; لأنه كان موافقا ، فقصده لصلاح الدين يوسف بن أيوب بكتمر لذلك ، وبقيت أرزن بيد هذا إلى الآن ، فأخذت منه ، ولكل أول آخر ، فسبحان من لا أول له ولا آخر لبقائه .