شيء عن التقدم العلمي..
ألقى الدكتور محمد كامل محاضرة في هـذا الموضوع نقتبس منها هـذه العبارات، مع تصرف في الصياغة اللفظية، قال:
من قرن وثلث فقط بدأ التطبيق الواعي للعلم في ميادين الصناعة والزراعة والطب...
استطاع عالم انكليزي تحضير مركبات كيماوية ملونة تحل محل الصبغات الطبيعية المعروفة، ونتج عن ذلك الكشف ظهور الأصباغ والأدوية والأسمدة المخصبة، والمبيدات الحشرية والألياف.. إلخ.
استخدمت الأساليب العلمية في جميع الصناعات، وتنافست في هـذا المجال انجلترا وفرنسا وألمانيا أولا، ثم لحقت الولايات المتحدة بهذه الدول في القرن الماضي... وأخيرا الاتحاد السوفيتي واليابان..
بعد الحرب العالمية الثانية أصبح التقدم العلمي يسير بخطوات فساح، ومعدلات خيالية! وثبت أن 80% من الدخل الموجود في الدول الصناعية يرجع [ ص: 37 ] إلى هـذا السبق، وأن 20% يرجع على تراكم رأس المال.
أدرك الناس جميعا خطورة التقدم العلمي من الناحيتين، النظرية والتطبيقية، فشرعوا يتجهون إليه، وصفوة العلماء - في الدول الكبرى - مشغولون الآن ولبضع سنين، بالبحث في قشرة الأرض وما تحتوى عليه من يابسة وماء وهواء، وقد أقروا الآن نظرية في ((التركيبات الأرضية اللوحية!)) - ترجمة حرفية لنص إنجليزي - ولهذه النظرية ارتباط مباشر بعدة قضايا، منها: احتمالات العثور على الثروات المعدنية والنفطية ومستودعات الغاز الطبيعي، واختيار الأماكن التي تدفن فيها النفايات الناتجة عن المفاعلات الذرية، ومتابعة الحركة المعقدة للمحيطات وتياراتها، ومعرفة الأسس لتغير الجو، وحدوث الجفاف، ورسم صور لأعماق البحار واستخراج عينات من صخورها، وأخطار زيادة الكربون في الجو.. إلخ.
ثم هـناك التطبيق العلمي الواسع لكشوف الفضاء، وعمل الأقمار الصناعية، ودراسة الصور التي تقدمها لنا عما يقع في هـذه الأرض من حركات مدنية وعسكرية!! وإمكان الإفادة من هـذه الأقمار في عالم الإعلام والبث الإذاعي.
ترى ماذا نقول للناس في هـذا البث؟
ومضى المحاضر يتحدث عن آفاق التقدم العلمي المعاصر، فتطرق إلى علم الأحياء، وبين أنه خطا إلى الأمام، فبعد أن كان علما وصفيا، يعني بسلوك وتركيب الكائنات الحية كلها، ويشرح وظائف أعضائها، تحول إلى علم تحليلي يهتم بتكوين الخلايا الحية منذ نشأتها الأولى مستعينا بالأجهزة الحديثة مثل: (( الميكروسكوب الألكتروني )) الذي يستطيع تكبير الأشياء آلاف المرات، وأجهزة الطرد المركزي التي أمكنت من فصل أجزاء الخلية وجزيئاتها، والأشعة السينية التي تعطي فكرة عن التركيب البلوري للمواد، [ ص: 38 ] والرنين النووي المغناطيسي الذي يساعد على تركيب الجزئيات، بالإضافة إلى التطورات الكبيرة الناتجة عن استخدام النظائر المشعة !
لقد استطاع العلماء بهذه الأدوات - نقل الجزئيات الحاملة للصفات الوراثية من كائن حي إلى كائن آخر، وقد تدخل ((الكونجرس)) الأميركي ومنع المضي في هـذه البحوث، لأنه خشي أن تتولد من عمليات النقل جراثيم تقضي على الحياة البشرية..
قال المحاضر:
وقد اتجه العلماء ببحوثهم في مجال الهندسة الوراثية إلى البكتريا والفيروسات ، ومنها إلى الكائنات الأكثر تعقيدا بعد توفير ضمانات معينة، طمأنت المسئولين..
وصعد البحث من الأرض إلى السماء، والصورة المرتسمة الآن في أذهان العلماء أن الكون يحتوي على ملايين المجرات الموزعة في الفضاء على جميع الاتجاهات بشكل متجانس، وأن هـذا الكون يتمدد، وقد يظل كذلك حتى ينفجر..
ثم تحدث المحاضر عن ((الحاسبات الألكترونية)) قائلا: إن توسعا هـائلا دخل في صناعتها، وأن المواد نصف الموصلة قد تطورت من 1004 قطعة من المعلومات لكل شريحة سنة 1971 إلى 64 ألف قطعة معلومات لكل شريحة سنة 1978، وأن هـذه الحاسبات ستدخل البيوت في الولايات المتحدة خلال عشرين سنة، ومن الممكن تصور استخدام الحاسب لتنفيذ مطالب معينة عن طريق التليفون، كطهي الطعام في الأفران، وغسل الملابس، وتسجيل المواعيد، والأشراف الطبي على المرضي، والحراسة والإنذار عند الخطر، والجلوس مع الأطفال... إلخ.
إنني أبحث لنفسي هـذا التلخيص كي يشعر المسلمون بأن ضيق الأفق [ ص: 39 ] قاتلهم لا محالة، وأن العزلة عن الكون وعلومه جريمة في حق الإسلام وأهله، وأن تأييد الحق الذي شرفهم الله به لا يتم بالقصور العلمي وحسبان الدين مراسم جوفاء، وأن العبادة كما تكون مناجاة لله في صلاة خاشعة تكون مدارسة لعمله الجليل في كونه الكبير...