الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              التفريط في خدمة العربية..

              وقد رأيت أن الأستاذ الدكتور ألقى محاضرته باللغة العامية لأنه - مع إيمانه كان عاجزا عن التحدث بالفصحى..!

              وتفريط العرب في خدمة اللغة العربية فضيحة مشهورة، وهو تفريط بدأ هـين النتائج في عصور خلت، ثم استفحل شره في العصر الأخير حتى بلغ الخزي بنا وبلغتنا أن طالبا في بيروت سأل أستاذه عن المعنى العربي لمصطلح أجنبي! فقال له الأستاذ المرتد: وهل العربية لغة؟؟

              وسماسرة الغزو الثقافي يضاعفون جهودهم في هـذه الأيام العجاف للقضاء على اللغة قضاء تاما في أغلب ميادين النشاط الفني والعلمي...!

              والمفروض أن تكون اللغة العربية لغة عالمية، فهي اللغة الوحيدة للوحي الإلهي الباقي على ظهر الأرض! وتعليمها وتعميمها واجب كفائي - بتعريف الأصوليين - وبالتالي فهو فرض عين على المدرسين العرب، وعلى المجامع والمعاهد التي خصصت لذلك.

              وهو أبرك وأغزر مثوبة من قضاء الليل في التسبيح والتحميد! لأن العربية إذا انهزمت وانفرط عقدها ضاع القرآن نفسه، ونشأت أجيال أعجمية لا تفهمه إذا بقي من يقرؤه!! [ ص: 40 ]

              وصورة واقعنا الآن أن ألف مليون مسلم يقدسون القرآن شكلا، وأن سبعهم من العرب الذين يندر فيهم المجيدون لقواعد اللغة وآدابها، وقد وصل إلى مناصب الحكم دهماء لا يحسنون الخطابة السياسية باللغة الفصحى.

              ولغتنا لا وجود لها في الكليات العملية لأن الدراسة باللغات الإنكليزية، أو الفرنسية أو الروسية، أما ألفاظ الحضارة التي نحتت لها في اللغات الأخرى ألوف المفردات والتراكيب فليس لها مقابل لدينا..

              وريبتي شديدة في المجامع المتخصصة، ما الذي قامت به، وهذا عملها؟ وإذا كان لها عمل ما حالت عوائق مصطنعة دون ظهوره فما أخرسها عن الجؤار بالشكوى واللغة تموت؟

              وسبب الريبة أن الدكتور طه حسين ظل رئيسا لمجمع اللغة العربية عدة سنين، وهو يصل إليه محمولا لعجزه عن المسير ـأو عن التفكيرـ ومع ذلك فقد استبقي عن عمد! لأنه لا يهتم بالدفاع عن اللغة إلا مؤمن غيور، والرجل في ذلك المجال معروف!

              والسؤال الذي لا نفتأ نردده: ماذا يصنع حراس اللغة العربية واللغة تموت يوما بعد يوم؟ إن موت لغتنا يعني هـلاكنا الروحي والمادي معا..!

              التالي السابق


              الخدمات العلمية