الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              السلوك الرشيد..

              وأرشد المسالك: أن نهتم بالمحكم من التنزيل، ونصرف إليه اهتمامنا، وأن نتجاوز المتشابه ، فلا نحاول إعمال الفكر فيه، إذ ليس للعقل مجال فيما وراء المادة.

              هذا مع تقرير أن الفارق بعيد بين ما يحكم العقل باستحالته وبين ما يحس العجز عن سبر حقيقته، فكون الواحد ثلاثة مستحيل! أما كونه أزليا أبديا، لا أول له ولا آخر، فحق وإن غاب على العقل إدراكه.

              أتراني أحسن فيما انتهيت إليه؟ لقد بذلت الجهد وأبرأت الذمة وخدمت الأمة! وسيقول قوم: لا، إنك انتهيت بنا إلى غير ما ننتظر، ولهؤلاء الإخوة [ ص: 137 ] أسوق هـذه الملاحظات..

              إن أعداء حلوا مكان أعداء، وأسلحة شرعت مكان أسلحة، فلتتغير وسائل الدفاع!

              كنت أستمع إلى الأستاذ في الفصل وهو يقرر موقف الإسلام من الفلاسفة، ويذكر أبياتا مطلعها: بثلاثة كفر الفلاسفة العدى!!

              وكان ينظر شزرا في ركن من الفصل كأن الفلاسفة قابعون فيه يستمعون إلى قرار الاتهام.

              والثلاثة المذكورة: القول بقدم العالم، وإنكار الجزاء الحسي، وإنكار علم الله بالجزئيات.

              إن هـؤلاء المتهمين ماتوا، ونبت مكانهم كفار لهم قضايا أخرى... ولقد انتهى سخف الجهمية والكرامية وأمثالهم، ويمكن أن تدرس قضاياهم مع المخلفات الفكرية، ويتجه الانتباه إلى ألوان أخرى من الانحراف جدت في العالم..

              والعقل الإنساني الآن يوم يؤمن بالله كما وصفه القرآن الكريم، فسوف يزهد في كثير من الخلافات القديمة، ولن يقف طويلا أمام المتشابهات، إنه عقل رفض البحث في كنه الضوء، وأحسن الانتفاع بالضوء في مجالات كثيرة..

              نعم، يوم يؤمن هـذا العقل فسوف يتجاوز قضايا المصاطب التي خلقها الفراغ! المهم أن نجعله يؤمن!

              الصراع بين المسلمين وغيرهم قد انتقل إلى ميادين يجب أن ندرسها ونستعد لها بعقل يفهم الوحي والكون معا.

              وتوجد بين الشباب المسلم طوائف غريبة، فيها ورثة لفكر الخوارج وفقه [ ص: 138 ] الظاهرية، وخيال المجسمين! وفيها من يرفع خسيسته بشتم الأئمة تحت علم السنة، ومن يعيد الكهانة القديمة باسم دين الفطرة، ومن ينشر البداوة ويحارب التقدم الحضاري باسم التقوى والمحافظة على معالم الإسلام..

              ونترك النزاع باسم العقيدة إلى النزاع باسم العبادة..

              التالي السابق


              الخدمات العلمية