[ ص: 115 ] فصل قبول التوبة إلى طلوع الشمس من مغربها ) .
روى أحمد وغيرهما من حديث ومسلم أبي موسى { } . إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار . ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها
وعن صفوان بن عسال مرفوعا { } رواه باب من قبل المغرب مسيرة عرضه أربعون أو سبعون سنة خلقه الله عز وجل يوم خلق السموات والأرض مفتوحا للتوبة لا يغلق حتى تطلع الشمس منه أحمد والترمذي وقال حسن صحيح والنسائي . وابن ماجه وغيره من حديث ولمسلم مرفوعا { أبي هريرة } وعن من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه مرفوعا { أبي هريرة } متفق عليه . لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها ، فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعون ، فذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا
وعن مرفوعا { أبي سعيد يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل } قال : طلوع الشمس من مغربها } رواه { أحمد والترمذي وقال حسن غريب . ورواه بعضهم ولم يرفعه قال في شرح مسلم قال العلماء هذا . حد لقبول التوبة
وقد روى مسلم والترمذي عن مرفوعا { أبي هريرة والدجال ، ودابة الأرض } فهذا المراد به أن طلوع الشمس آخر الثلاثة خروجا فلا تعارض بينه وبين ما سبق . ثلاثة إذا خرجن لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل : طلوع الشمس من مغربها ،
وقال فيه أن حكم هاتين الآيتين في أن نفسا لا ينفعها إيمانها الحكم في طلوع الشمس من مغربها كذا قال . ابن هبيرة
[ ص: 116 ] وأما ما روى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { أبو هريرة سليمان وعصا موسى فتجلو وجه المؤمن وتخطم أنف الكافر بالخاتم حتى إن أهل الخوان ليجتمعون فيقول هذا يا مؤمن وهذا يا كافر ويقول هذا يا كافر ويقول هذا يا مؤمن } رواه تخرج الدابة ومعها خاتم أحمد والترمذي وحسنه وعنده { وابن ماجه } فهذا إن صح وفيه نظر فلا تعارض لأنه إن كان خروجها قبل طلوع الشمس فليس في الخبر تصريح بأن الإيمان لا ينفع بخروجها وقد لا يتفق إيمان أحد بعد خروج الدابة وإن كان نافعا والزمان بينها وبين طلوع الشمس قريب ، وإن كان بعد طلوع الشمس فالمراد أن الناس لما آمنوا عند طلوع الشمس من مغربها فقد يشتبه من تقدم إسلامه بمن تأخر فخرجت الدابة فميزت وبينت هذا من هذا بأمر جلي واضح . وليس في الخبر أيضا تصريح بأن الإيمان ينفع إلى خروجها بعد طلوع الشمس ، وقوله " وتخطم أنف الكافر " أي تسمه بسمة يعرف بها ، والخطام سمة في عرض الوجه إلى الخد ، والخوان هو الشيء الذي يؤكل عليه . تجلو وجه المؤمن بالعصا
وعن عبد الله بن السعدي مرفوعا { } رواه لا تنقطع الهجرة ما قوتل العدو عن أحمد الحكم بن نافع عن عن إسماعيل بن عياش ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد عن مالك بن يخامر عن أبي السعدي ، وفي آخره مقال معاوية وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { وعبد الله بن عمرو بن العاص } إن الهجرة خصلتان إحداهما تهجر السيئات والأخرى تهاجر إلى الله عز وجل وإلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تنقطع الهجرة ما تقبلت التوبة ، ولا تزال التوبة مقبولة حتى تطلع الشمس من مغربها ، فإذا طلعت طبع الله عز وجل على كل قلب بما فيه وكفي الناس العمل حديثه عن أهل بلده جيد عند أكثر المحدثين ، إسماعيل بن عياش حمصي وضمضم حمصي ، وليس المراد بهذا الخبر ترك ما كان يعمله من الفرائض قبل طلوع الشمس من المغرب ، فيجب الإتيان بما كان يعمله من الفرائض قبل ذلك وينفعه ما يأتي به من الإيمان الذي كان يأتي به قبل ذلك فقوله " وكفي الناس العمل " أي عملا لم يكونوا يفعلونه . [ ص: 117 ]
وقد ذكر ابن حامد أن المذهب : لا ينقطع التكليف خلافا للمعتزلة والمشهور في التفسير أن المراد بقوله تعالى : { يوم يأتي بعض آيات ربك } .
طلوع الشمس من المغرب وهو الصواب ، وصححه ابن الجوزي وغيره وقد ذكر أقوالا ضعيفة قال المفسرون منهم ابن الجوزي : وإنما لم ينفع الإيمان والعمل الصالح حينئذ لظهور الآية التي تضطرهم إلى الإيمان ، ثم ذكر ابن الجوزي عن الضحاك أن من أدركه بعض الآيات وهو على عمل صالح مع إيمانه قبل منه كما يقبل منه قبل الآية . انتهى كلامه فظاهره مخالفة كلام الضحاك لما سبق وليس بمراد فالعمل الصالح الذي سببه ظهور الآية لا ينفع لأن الآية اضطرته إليه ، وأما ما كان يعمله فظهور الآية لا تأثير لها فيه فيبقى الحكم كما كان قبل الآية .
قال : النفس المؤمنة إن لم تكسب في إيمانها خيرا حتى طلعت الشمس من مغربها لم ينفعها ما تكسبه . وطلوع الشمس من مغربها على ظاهره عند أهل العلم لا كما تأوله من تأوله من الباطنية ، وهو رد على من زعم أن الله عز وجل لا يفعل ذلك من الحكماء والمنجمين . وفيه بيان عجز ابن هبيرة نمرود في مناظرته والله سبحانه أعلم .