وبعد فإني سوف أنظم جملة من الأدب المأثور عن خير مرشد ( وبعد ) الواو نائبة عن أما ، وأما نائبة عن مهما .
وبعد كلمة يؤتى
[ ص: 34 ] بها عند إرادة الانتقال من أسلوب إلى غيره ، أي بعد حمد الله والصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه رضوان الله عليهم . ويستحب
nindex.php?page=treesubj&link=24459_24460الإتيان بها في الخطب والمكاتبات ، لأنه صلى الله عليه وسلم كان يقولها في خطبه ومكاتباته إلى الملوك وغيرهم كما هو معروف ، مثل كتابه إلى
قيصر عظيم
الروم ،
nindex.php?page=showalam&ids=16848وكسرى عظيم
الفرس ،
والمقوقس صاحب
مصر ، وغيرهم .
وذكر
الإمام القاضي علي بن سليمان علاء الدين المرداوي في شرح التحرير أنه نقل إتيانه صلى الله عليه وسلم بأما بعد في خطبه ونحوها خمسة وثلاثون صحابيا . والمشهور أنها ظرف زمان ، وربما استعملت ظرف مكان . وتقطع عن الإضافة فتبنى إذا نوى معنى المضاف إليه ، كقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=4لله الأمر من قبل ومن بعد } وإذا قطعت عن الإضافة رأسا أعربت كقول الشاعر :
وساغ لي الشراب وكنت قبلا
أكاد أغص بالماء الفرات
فإن بعد كقبل ، وإن ذكر المضاف إليه أعربت كما إذا حذف ونوى ثبوت لفظه ، كما في قول الشاعر :
ومن قبل نادى كل مولى قرابة فما عطفت مولى عليه العواطف
بجر قبل لأنه نوى ثبوت لفظه ذلك .
وَبَعْدُ فَإِنِّي سَوْفَ أَنْظِمُ جُمْلَةً مِنْ الْأَدَبِ الْمَأْثُورِ عَنْ خَيْرِ مُرْشِدِ ( وَبَعْدُ ) الْوَاوُ نَائِبَةٌ عَنْ أَمَّا ، وَأَمَّا نَائِبَةٌ عَنْ مَهْمَا .
وَبَعْدُ كَلِمَةٌ يُؤْتَى
[ ص: 34 ] بِهَا عِنْدَ إرَادَةِ الِانْتِقَالِ مِنْ أُسْلُوبٍ إلَى غَيْرِهِ ، أَيْ بَعْدَ حَمْدِ اللَّهِ وَالصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ . وَيُسْتَحَبُّ
nindex.php?page=treesubj&link=24459_24460الْإِتْيَانُ بِهَا فِي الْخُطَبِ وَالْمُكَاتَبَاتِ ، لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُهَا فِي خُطَبِهِ وَمُكَاتَبَاتِهِ إلَى الْمُلُوكِ وَغَيْرِهِمْ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ ، مِثْلُ كِتَابِهِ إلَى
قَيْصَرَ عَظِيمِ
الرُّومِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16848وَكِسْرَى عَظِيمِ
الْفُرْسِ ،
وَالْمُقَوْقَسِ صَاحِبِ
مِصْرَ ، وَغَيْرِهِمْ .
وَذَكَرَ
الْإِمَامُ الْقَاضِي عَلِيُّ بْنُ سُلَيْمَانَ عَلَاءُ الدِّينِ الْمِرْدَاوِيُّ فِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ أَنَّهُ نَقَلَ إتْيَانَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَمَّا بَعْدُ فِي خُطَبِهِ وَنَحْوِهَا خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ صَحَابِيًّا . وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا ظَرْفُ زَمَانٍ ، وَرُبَّمَا اُسْتُعْمِلَتْ ظَرْفَ مَكَان . وَتُقْطَعُ عَنْ الْإِضَافَةِ فَتُبْنَى إذَا نَوَى مَعْنَى الْمُضَافِ إلَيْهِ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=4لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ } وَإِذَا قُطِعَتْ عَنْ الْإِضَافَةِ رَأْسًا أُعْرِبَتْ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ :
وَسَاغَ لِي الشَّرَابُ وَكُنْت قَبْلًا
أَكَادُ أَغَصُّ بِالْمَاءِ الْفُرَاتِ
فَإِنَّ بَعْدُ كَقَبْلُ ، وَإِنْ ذَكَرَ الْمُضَافَ إلَيْهِ أُعْرِبَتْ كَمَا إذَا حَذَفَ وَنَوَى ثُبُوتَ لَفْظِهِ ، كَمَا فِي قَوْلِ الشَّاعِرِ :
وَمِنْ قَبْلِ نَادَى كُلُّ مَوْلَى قَرَابَةً فَمَا عَطَفَتْ مَوْلَى عَلَيْهِ الْعَوَاطِفُ
بِجَرِّ قَبْلِ لِأَنَّهُ نَوَى ثُبُوتَ لَفْظِهِ ذَلِكَ .