ثم أشار الناظم رحمه الله تعالى إلى مسنونية فقال : وسلم إذا ما قمت عن حضرة امرئ وسلم إذا ما جئت بيتك تهتد ( وسلم ) استحبابا كابتداء السلام . السلام على من قام من مجلس قوم
وهل يكون من جماعة سنة كفاية [ ص: 290 ] لم أر من تعرض لذلك ، ولعله كذلك لا سنة عين فيطلب من كل من قام من المجلس على حدته .
نعم الأفضل أن يأتي به كل واحد كابتدائه للقادمين ونحوهم ; إذ لا فرق بين القادمين إلى مجلس قوم والقائمين عنه ، والله أعلم .
( إذا ما ) تقدم أن إذا ظرف لما يستقبل من الزمان وما زائدة ، كما في قوله { وإذا ما غضبوا هم يغفرون } ( قمت ) عند انصرافك ( عن حضرة امرئ ) مسلم غير واجب الهجر ولا مندوبه وهذا مستفاد من لفظة ( عن ) هي للمفارقة والمجاوزة أي إذا قمت من مجلس قوم واحدا واحدا فصاعدا فسلم عند انصرافك ومفارقتك لمجلسهم ، لما أخرج أبو داود والترمذي وحسنه عن رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { أبي هريرة } . ورواه إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم ، فإذا أراد أن يقوم فليسلم ، فليست الأولى بأحق من الثانية وزاد فيه النسائي رزين { } . ومن سلم على قوم حين يقوم عنهم كان شريكهم فيما خاضوا فيه من الخير بعده
وروى الإمام من طريق أحمد عن ابن لهيعة زياد بن فايد عن سهل بن معاذ عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال { } . حق على من قام على جماعة أن يسلم عليهم ، وحق على من قام من مجلس أن يسلم فقام رجل ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يتكلم فلم يسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أسرع ما نسي
وعن عن أبيه رضي الله عنه قال : يا بني إذا كنت في مجلس ترجو خيره فعجلت بك حاجة فقل : السلام عليكم فإنك شريكهم فيما يصيبون في ذلك المجلس . رواه معاوية بن قرة موقوفا هكذا ، ومرفوعا والموقوف أصح . الطبراني
وأخرج في صحيحه عن ابن حبان رضي الله عنه { أبي هريرة } . أن رجلا مر على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في مجلس فقال : سلام عليكم فقال : عشر حسنات ، ثم مر آخر فقال سلام عليكم ورحمة الله ، فقال : عشرون حسنة ، ثم مر آخر فقال سلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، فقال : ثلاثون حسنة ، فقام رجل من المجلس ولم يسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 291 ] ما أوشك أي ما أسرع ما نسي صاحبكم إذا جاء أحدكم إلى المجلس فليسلم فإن بدا له أن يجلس فليجلس ، وإن قام فليسلم فليست الأولى بأحق من الآخرة
ومن سلم على جماعة في دخوله أعاده في خروجه ، قطع به وهو معنى كلام ابن عقيل والشيخ القاضي وغيرهما ، وقال به الشافعية . عبد القادر
قال : والدخول آكد استحبابا . ابن عقيل
وقد روى أبو داود عن مرفوعا وموقوفا بإسناد جيد { أبي هريرة } . إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه فإن حالت بينهما شجرة أو جدار أو حجر ثم لقيه فليسلم عليه