الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
( الرابع ) : قال الإمام النووي في التبيان وابن مفلح في الآداب وغيرهما : أجمع المسلمون على وجوب تعظيم القرآن العظيم على الإطلاق وتنزيهه وصيانته ، وأجمعوا على أن من جحد حرفا مما أجمع عليه ، أو زاد حرفا لم يقرأ به أحد وهو عالم بذلك فهو كافر . وقال القاضي عياض : اعلم أن من استخف بالقرآن أو المصحف أو بشيء منه ، أو جحد حرفا منه ، أو كذب بشيء مما صرح به فيه من حكم أو خبر ، أو أثبت ما نفاه أو نفى ما أثبته وهو عالم بذلك ، أو شك في شيء من ذلك ، فهو كافر بإجماع المسلمين .

وكذلك إن جحد التوراة أو الإنجيل أو كتب الله تعالى المنزلة ، أو كفر بها أو سبها أو استخف بها فهو كافر . قال : وقد أجمع المسلمون على أن القرآن المتلو في جميع الأقطار المكتوب في المصحف الذي بأيدي المسلمين مما جمعه الدفتان من أول { الحمد لله رب العالمين } إلى آخر قل { أعوذ برب الناس } كلام الله ووحيه المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وأن جميع ما فيه حق ، وأن من نقص منه حرفا قاصدا لذلك ، أو بدله بحرف آخر مكانه ، أو زاد فيه حرفا لم يشتمل عليه المصحف الذي وقع عليه الإجماع وأجمع عليه أنه ليس بقرآن عامدا لكل هذا فهو كافر .

قال النووي : قال أبو عثمان بن الحذاء : جميع من ينتحل التوحيد متفقون على أن الجحد بحرف من القرآن كفر . وقال هو وابن مفلح : وقد اتفق فقهاء بغداد على استتابة ابن شنبوذ المقري أحد أئمة المقرئين المتصدرين بها مع ابن مجاهد لقراءته وإقرائه بشواذ من الحروف مما ليس في المصحف ، وعقدوا عليه للرجوع عنه والتبري منه سجلا أشهد فيه على نفسه في مجلس الوزير ابن مقلة سنة ثلاث وعشرين وثلثمائة ، وكذا محمد بن الحسين بن مقسم أبو بكر المقري النحوي أحد الأئمة استتيب من قراءته بما لا يصح نقله وكان يقرأ بذلك في المحراب ويعتمد على ما يسوغ في العربية وإن لم يعرف له قارئ . توفي بعد الخمسين وثلثمائة والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية