وترك الدوا أولى وفعلك جائز ولم تتيقن فيه حرمة مفرد ( وترك الدوا ) وهو كما في القاموس مثلثة ما داويت به . وقال الحجاوي في لغة إقناعه : الدواء ما يداوى به مثلث الدال ممدود وفتحها أفصح ، والجمع أدوية ، وداويته مداواة ، والاسم الدواء والداء المرض وجمعه أدواء ( أولى ) أي أفضل من الدواء بمعنى التداوي ، نص عليه . قال في رواية : العلاج رخصة وتركه أعلى درجة منه . وكان يكون به يعني الإمام علل ولا يخبر الطبيب بها إذا سأله لما في الصحيحين عن المروذي رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { ابن عباس } وفي رواية { يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا بغير حساب هم الذين لا يسترقون ولا يتطيرون ، ولا يكتوون ، وعلى ربهم يتوكلون } وذكره بعضهم من رواية الذين لا يرقون ولا يسترقون . مسلم
وقال عليه الصلاة والسلام { } رواه من اكتوى أو استرقى فقد برئ من التوكل وغيره ورواته ثقات وصححه الإمام أحمد الترمذي .
وفي حديث جيد { } وجزم في الإقناع والمنتهى وغيرهما بأن ترك الدواء أفضل وأنه لا يجب ولو ظن نفعه . لم يتوكل من استرقى
( وفعلك ) أيها المريض ونحوه للتداوي ( جائز ) أي مباح لا حرام ولا مكروه وقد روى ابن ماجه والترمذي وصححه عن رضي الله عنه أنه قال وقد اكتوى في بطنه سبع كيات " ما أعلم أحدا من أصحاب خباب محمد صلى الله عليه وسلم لقي من البلاء ما لقيت وهذا والله أعلم قاله رضي الله عنه تسلية للمؤمن المصاب لا على وجه الشكاية . فلولا المداواة جائزة لما اكتوى خباب رضي الله عنه . خباب
وقيل أفضل من تركه ، وبه قال بعض [ ص: 458 ] الشافعية . وذكر الإمام فعل التداوي النووي في شرح أنه مذهب الشافعية وجمهور مسلم السلف وعامة الخلف ، وقطع به ابن الجوزي من أئمتنا في المنهاج والقاضي وغيرهم ، واختاره وابن عقيل الوزير بن هبيرة في الإفصاح . قال ومذهب أنه مؤكد حتى يداني به الوجوب . ومذهب أبي حنيفة أنه يستوي فعله وتركه ، فإنه قال لا بأس بالتداوي ولا بأس بتركه . وذكر مالك ابن هبيرة أن علم الطب والحساب والفلاحة فرض كفاية .
وأجاب عن قوله صلى الله عليه وسلم { } بأنهم كانوا في الجاهلية يسترقي الرجل بالكلمات الخبيثة فيوهمه الراقي في ذلك وفي الكي أنهما يمنعانه من المرض أبدا فذلك الذي منع منه رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال لا يكتوون ولا يسترقون سنة وهي أقوى دليل على فعل التداوي . وذكر أشياء كثيرة تدل على أن فعل التداوي أولى من تركه . والحجامة
وقد { } رواه قال صلى الله عليه وسلم عباد الله تداووا فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء أو دواء إلا داء واحدا ، قالوا : يا رسول الله وما هو ؟ قال الهرم أبو داود والترمذي وصححه .
وفي مسند عن الإمام أحمد عن خالته عروة بن الزبير عائشة الصديقة رضي الله عنها قالت { } . إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كثرت أسقامه ، فكان يقدم عليه أطباء العرب والعجم فيصفون له فنعالجه
وفي المسند أيضا عن مرفوعا { أنس } . إن الله حيث خلق الداء خلق الدواء فتداووا
وفي الصحيحين عن رضي الله عنها قالت { عائشة } وفي رواية فيهما { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مرض أحد من أهله نفث عليه بالمعوذات فلما مرض مرضه الذي مات فيه جعلت أنفث عليه وأمسحه بيد نفسه ; لأنها أعظم بركة من يدي } وفيهما { فلما اشتكى كان يأمرني أن أفعل ذلك به } وفيهما عنها رضي الله عنها { كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه وأمسح منه بيده رجاء بركتها } وفيهما عن أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أسترقي من العين رضي الله عنها { أم سلمة } قوله " بها نظرة [ ص: 459 ] أي عين ، وقيل عين من نظرة الجن ، وقيل فعل التداوي واجب زاد بعضهم إن ظن نفعه . : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لجارية في بيتها رأى في وجهها سفعة يعني صفرة ، فقال بها نظرة استرقوا لها
قال شيخ الإسلام قدس الله روحه : ليس بواجب عند جماهير الأئمة إنما أوجبه طائفة قليلة من أصحاب الشافعي . انتهى . وأحاديث الأمر بالتداوي للإباحة والإرشاد دون الوجوب كما نبه عليه غير واحد . وأحمد