الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا ثبت وجوب العدة بالوفاة على المدخول بها وغير المدخول بها فلا يخلو حال المتوفى عنها زوجها من أن تكون حائلا ، أو حاملا ، فإن كانت حائلا فعدتها بالشهر وسواء كانت من ذات الأقراء أو من ذوات الشهور للآية ، ولأن الأقراء في حق [ ص: 235 ] حي يقدر على استيفائها لنفسه فقدر الله تعالى عدة الميت بالشهور لتكون مستوفاة بزمان فيه استظهار ، ولهذا المعنى زاد على شهور الطلاق ، وإذا كانت بالشهور في الحالين فإنها تعتد بأربعة أشهر وعشرة أيام . وقال الأوزاعي : أربعة أشهر وعشرة ليال فأسقط اليوم العاشر : لأن الله تعالى ذكر عددا ينطلق على الليالي دون الأيام : لأنه قال وعشرا " بحذف الهاء فتناولت ما كان مؤنثا في اللفظ وهو الليالي : لأن عدد المؤنث في الآحاد محذوف الهاء ، ولو أراد الأيام لقال وعشرة بإثبات الهاء كما قال سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما [ الحاقة : 7 ] وهذا المذهب فاسد من وجهين : أحدهما : أن الأيام داخلة فيما قبل العاشر فلم يمتنع دخولها في العاشر ؛ لأن المراد بجميع العدد واحد . والثاني : أن إطلاق الليالي يقتضي دخول الأيام معها ، وإطلاق الأيام يقتضي دخول الليالي معها . ووجه ثالث : قاله ابن الأعرابي أن الهاء تدل على المذكر ، وعدمها يدل على المؤنث إذا كان العدد مفسرا ، فيقال عشرة أيام ، وعشر ليال ، فيما إذا أطلق العدد من غير تفسير لم يدل على ذلك واحتمل أن يتناول المذكر والمؤنث كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فيمن صام رمضان ، وأتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر كله ، ومعلوم أنه أراد الأيام التي يكون الصوم فيها دون الليالي .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية