الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا تقرر ما وصفنا ، فلا يخلو حال طلاقها من ثلاثة أقسام : أحدها : أنه يعلم أنه في طهر . والثاني : أنه يعلم أنه في حيض . والثالث : أن لا يعلم واحدا منهما . فإن علم أنه في طهر رجع إلى . قولها في انقضاء العدة ، لأن الله تعالى قال : ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن [ ص: 177 ] [ البقرة : 228 ] . يعني من حمل وحيض فوجه الوعيد النهي لقبول قولهن فيها ، ثم لا يخلو حال ما ادعته في انقضاء العدة من ثلاثة أقسام : أحدها : أن يكون موافقا لأقل ما يمكن ، وذلك اثنان وثلاثون يوما وساعتان فقولها فيه مقبول ، فإن أكذبها الزوج أحلفها .

                                                                                                                                            والقسم الثاني : أن تكون أزيد من أقل الممكن فأولى أن يقبل قولها فيه .

                                                                                                                                            والقسم الثالث : أن يكون أقل من الممكن كادعائها انقضاء ثلاثة أقراء في ثلاثين يوما ، فقولها مردود لاستحالته ، ثم فيه وجهان : أحدهما : أنها إذا استكملت أقل الممكن وهو اثنان وثلاثون يوما وساعتان انقضت عدتها ، وإن لم تستأنف الدعوى لدخوله ذلك في دعوى الأول . والوجه الثاني : لا تنقضي العدة ما لم تستأنف الدعوى ، لأن الأدلة مردودة بالاستحالة ، فإن استأنفت الدعوى في انقضاء العدة قبل قولها مع يمينها إن أكذبت نفسها ، وإلا فهي باقية في العدة ، وإن علم أنها طلقت في حيض فأقل ما ينقضي به عدتها سبعة وأربعون يوما وساعة واحدة وبيانه أن يطلق في آخر ساعة من حيضها ، فتستقبل بعدها ثلاثة أطهار أقلهما خمسة وأربعون يوما يتخللها حيضتان أقلها يومان وليلتان ، ثم تطعن في أول ساعة من الحيض فتقضي عدتها ، فإن ادعت انقضاءها في هذا القدر أو أكثر منه قبل قولها ، وإن ادعت انقضاءها في أقل منه لم يقبل ، وكان على ما مضى من الوجهين ، وإن لم يعلم وقوع الطلاق قيل : كان في حيض أو طهر رجع إلى قولها فيه ، كما يرجع إلى قولها في الطلاق إذا علقه بحيضها أو طهرها ، فإن ادعت وقوع الطلاق في حيضها فهو أغلظ أمريها فيقبل قولها فيه ولا يمين عليها للزوج إن أكذبها ما لم ترد به إسقاط نفقتها ، وكان أقل ما تنقضي به عدتها ما ذكرناه من سبعة وأربعين يوما وساعة ، وإن ادعت وقوع الطلاق في الطهر فقولها فيه مقبول وللزوج إحلافها إن أكذبها ؛ لأنه أمر لا يوقف عليه إلا من جهتها ، ويكون أقل ما يقتضي به العدة ما ذكرناه من اثنين وثلاثين يوما وساعتين .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية