الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا حكم بخرسه واعتبار إشارته في قذفه ولعانه ، تعلق بلعانه من الأحكام ما يتعلق بلعان الناطق من الأحكام الأربعة : وهي وقوع الفرقة ، وتحريم التأبيد ، [ ص: 25 ] وإسقاط الحد ، ونفي النسب ، فلو نطق بعد خرسه وعاد إلى حال الصحة ، سئل عن إشارته بالقذف واللعان في حال خرسه ، وفي سؤاله وجهان محتملان :

                                                                                                                                            أحدهما : أن سؤاله استظهار وليس بواجب لنفوذ الحكم بإشارته على ظاهر الصحة .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أن سؤاله واجب ، لأن في الإشارة احتمالا يلزم الكشف عن حقيقته ، فإذا سئل كان له في الجواب ثلاثة أحوال :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يعترف بالقذف واللعان ، فيستقر ما تعلق به من الأحكام الأربعة ، ويكون جوابه موافقا لحال إشارته .

                                                                                                                                            والحال الثانية : أن ينكر القذف واللعان ، فقد جرى عليه بالإشارة من الأحكام ما رجع عنه بالإنكار ، فصار كالناطق إذا لاعن ثم رجع يقبل رجوعه فيما له من التخفيف ، ولا يقبل رجوعه فيما عليه من التغليظ والذي له من الأحكام الأربعة شيئان : وقوع الفرقة ، وتحريم التأبيد ، فلا يقبل قوله فيهما بإنكار اللعان لتوجه التهمة إليه فيهما ، والذي عليه من الأحكام الأربعة شيئان : وجوب الحد ، ولحوق النسب فيقبل قوله فيهما بإنكار اللعان لانتفاء التهمة عنه ، فإن قال عند وجوب الحد عليه ولحوق الولد به : أنا ألاعن الآن جاز له أن يلاعن نطقا ، وينتفي عنه الولد ، ويسقط عنه الحد .

                                                                                                                                            والحال الثالثة : أن يقر بالقذف وينكر اللعان ، فقد جرى عليه القذف وإن كان مقرا به ، وأحكام اللعان وإن كان منكرا له ، فيعرض عليه اللعان ، فإن أجاب إليه كان لعانا ثانيا بعد أول تتأكد به أحكام اللعان الأول وإن لم يجب فيه ، صار كالمنكر للقذف واللعان ، يعود عليه من أحكامه ما له من الحد ولحوق الولد تغليظا بعد التخفيف ، ولا يعود عليه من أحكامه ما عليه من وقوع الفرقة ، وتحريم التأبيد ؛ لأنه تخفيف بعد التغليظ ، والحكم في خرس الزوجة كالحكم في خرس الزوج .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية