الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي : " وليس عليها أن تأتي فيها بحيض كما ليس عليها أن تأتي في الحيض بشهور ولأن كل عدة حيث جعلها الله " . قال الماوردي : وهذا كما قال : لا يعتبر الحيض في عدة الوفاة فإذا اعتدت بأربعة أشهر وعشر ولم تر فيها حيضا انقضت عدتها سواء كانت عادتها الحيض في كل شهر أم لا . وبه قال أبو حنيفة . وقال مالك : إن كانت عادتها أن تحيض في كل شهر حيضة انقضت عدتها بالشهور ، وإن لم تحض فيها حيضة ، وإن كانت عادتها أن تحيض في كل شهر أو شهرين أو ثلاثة أشهر حيضة لم تنقض عدتها بأربعة أشهر وعشر إذا لم تكن منها حيضة ، ومكثت معتدة بعدها حتى تحيض استدلالا بأن تأخر حيضها ريبة ، والمستريبة تمكث بعد انقضاء العدة حتى تزول ريبتها كالمعتدة بالأقراء ، وهذا خطأ ؛ لقول الله تعالى : والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا [ البقرة : 234 ] . فاقتضى الظاهر أن لا يتربصن أكثر منها ثم قال : [ ص: 240 ] فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف [ البقرة : 234 ] . يعني في التزويج ، ومالك يجعل الجناح عليها باقيا ، ولأنها قد تعتد بالشهور من الطلاق تارة ، وفي الوفاة أخرى ، فلما لم يعتبر في شهور الطلاق غيرها لم يعتبر في شهور الوفاة غيرها ؛ ولأن العدة قد تكون بالشهور تارة وبالأقراء أخرى ، فلما لم يعتبر في الشهور الأقراء لم يعتبر الحيض في الشهور ؛ ولأنه لو كانت عادتها أن تحيض في كل شهر حيضة فلم تحض في الأربعة الأشهر والعشر إلا حيضة انقضت عدتها ، وإن خالف العادة ، كذلك وإن لم تحض فيها حيضة . وأما قوله : إن تأخر حيضها ريبة . قيل : الريبة : إنما تكون بانتفاخ الجوف ودرور اللبن والإحساس بالحركة ، وليس تأخر الحيض ريبة كما لا يكون تأخرها عن كل شهر ريبة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية