الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فأما إذا ولدت بعد أن وطئها المشتري فلا يخلو حال الولد من ثلاثة أقسام : أحدها : أن يلحق بالبائع دون المشتري ، وهو أن تضع مع اعترافها بالوطء ، لأقل من ستة أشهر من وطء المشتري ، فيكون لاحقا بالبائع تصير به الأمة أم ولد له ، ويكون البيع فيها باطلا ، وعلى المشتري مهر مثلها للبائع لوطئه أم ولده بشبهة ، ويتقاصا ذلك من ثمنها ويرجع المشتري بباقيه . والقسم الثاني : أن يكون لاحقا بالمشتري دون البائع لوضعه لستة أشهر فصاعدا من استبراء البائع ، ولستة أشهر فصاعدا من وطء المشتري ، فالبيع ماض على الصحة ولا تراجع فيه بين البائع والمشتري . والقسم الثالث : أن لا يلحق بالبائع ولا بالمشتري ، وهو أن تضعه لستة أشهر فصاعدا من استبراء البائع ، ولأقل من ستة أشهر من وطء المشتري ، فيكون الولد منفيا عنهما ومملوكا للمشتري ، ولا خيار له في فسخ البيع لحدوثه في ملكه ، وهي مملوكة المشتري وحلال له بعد الولادة . فأما القسم الرابع : الذي يمكن لحوقه بهما فهو ممكن في الحرة وممتنع في الأمة ؛ لأن ولد الحرة لاحق به إلى أربع سنين من العدة ، وولد الأمة لا يلحق بعد ستة أشهر من الاستبراء إلا على قول أبي العباس بن سريج في التسوية بينهما وبين الحرة فيجيء على قوله تخريج القسم الرابع ، فأما على الظاهر من مذهب الشافعي ، وقول جمهور أصحابه أنه منتف عنه بعد ستة أشهر من الاستبراء فتخريجه في إمكان لحوقه بهما ممتنع ؛ لأنها إن ولدته لأقل من ستة أشهر من استبراء البائع فهو لأقل من ستة أشهر من وطء المشتري ؛ لأن وطأه بعد وطء البائع ؛ فيكون لاحقا بالبائع دون المشتري وإن ولدته لستة أشهر من وطء المشتري فهو لأكثر من ستة أشهر من استبراء البائع ؛ لأن استبراءه قبل وطء المشتري ؛ فيكون لاحقا بالمشتري دون البائع فلذلك ما امتنع تخريج هذا القسم في إمكان لحوقه بهما وإن وهم أبو حامد الإسفراييني في تخريجه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية