الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وكفن من لا مال له على من تجب نفقته ) فإن تعددوا فعلى قدر ميراثهم . [ ص: 206 ] ( واختلف في الزوج والفتوى على وجوب كفنها عليه ) عند الثاني ( وإن تركت مالا ) خانية ورجحه في البحر بأنه الظاهر لأنه ككسوتها ( وإن لم يكن ثمة من تجب عليه نفقته ففي بيت المال فإن لم يكن ) بيت المال معمورا أو منتظما ( فعلى المسلمين تكفينه ) فإن لم يقدروا سألوا الناس له ثوبا فإن فضل شيء رد للمصدق إن علم وإلا كفن به مثله ، وإلا تصدق به مجتبى وظاهره أنه لا يجب عليهم إلا سؤال كفن الضرورة لا الكفاية ولو كان في مكان ليس فيه إلا واحد ، وذلك الواحد ليس له إلا ثوب لا يلزمه تكفينه به [ ص: 207 ] ولا يخرج الكفن عن ملك المتبرع

التالي السابق


( قوله من لا مال له ) أما من له مال فكفنه في ماله يقدم على الدين والوصية والإرث إلى قدر السنة ما لم يتعلق به حق الغير كالرهن والمبيع قبل القبض والعبد الجاني بحر وزيلعي وقدمنا أن للغرماء منع الورثة من تكفينه بما زاد على كفن الكفاية ( قوله على من تجب عليه نفقته ) وكفن العبد على سيده والمرهون على الراهن والمبيع في يد البائع عليه بحر ( قوله فعلى قدر ميراثهم ) كما كانت النفقة واجبة عليهم فتح أي فإنها على قدر الميراث ، فلو له أخ لأم وأخ شقيق فعلى الأول السدس والباقي على الشقيق .

أقول : ومقتضى اعتبار الكفن بالنفقة أنه لو كان له ابن وبنت كان عليهما سوية كالنفقة ; إذ لا يعتبر الميراث في النفقة الواجبة على الفرع لأصله ; ولذا لو كان له ابن مسلم ، وابن كافر فهي عليهما ، ومقتضاه أيضا أنه لو كان للميت أب وابن كفنه الابن دون الأب كما في النفقة على التفاصيل الآتية في بابها إن شاء الله تعالى . [ تنبيه ]

لو كفنه الحاضر من ماله ليرجع على الغائب منهم بحصته فلا رجوع له إن أنفق بلا إذن القاضي حاوي الزاهدي واستنبط منه الخير الرملي أنه لو كفن الزوجة غير زوجها بلا إذنه ، ولا إذن القاضي فهو متبرع . [ ص: 206 ] مطلب في كفن الزوجة على الزوج

( قوله : واختلف في الزوج ) أي في وجوب كفن زوجته عليه ( قوله عند الثاني ) أي أبي يوسف وأما عند محمد فلا يلزمه لانقطاع الزوجية بالموت ، وفي البحر عن المجتبى أنه لا رواية عن أبي حنيفة لكن ذكر في شرح المنية عن شرح السراجية لمصنفها أن قول أبي حنيفة كقول أبي يوسف ( قوله : وإن تركت مالا إلخ ) اعلم أنه اختلفت العبارات في تحرير قول أبي يوسف ففي الخانية والخلاصة والظهيرية : أنه يلزمه كفنها ، وإن تركت مالا وعليه الفتوى وفي المحيط والتجنيس والواقعات وشرح المجمع لمصنفه إذا لم يكن لها مال فكفنها على الزوج وعليه الفتوى وفي شرح المجمع لمصنفه إذا ماتت ولا مال لها فعلى الزوج الموسر ا هـ ومثله في الأحكام عن المبتغى بزيادة وعليه الفتوى ومقتضاه أنه لو معسرا لا يلزمه اتفاقا وفي الأحكام أيضا عن العيون كفنها في مالها إن كان وإلا فعلى الزوج ولو معسرا ففي بيت المال . ا هـ . والذي اختاره في البحر لزومه عليه موسرا أو لا لها مال أو لا لأنه ككسوتها وهي واجبة عليه مطلقا قال : وصححه في نفقات الولوالجية . ا هـ .

قلت : وعبارتها إذا ماتت المرأة ، ولا مال لها قال أبو يوسف : يجبر الزوج على كفنها ، والأصل فيه أن من يجبر على نفقته في حياته يجبر عليها بعد موته ، وقال محمد : لا يجبر الزوج والصحيح الأول ا هـ فليتأمل . [ تنبيه ]

قال في الحلية : ينبغي أن يكون محل الخلاف ما إذا لم يقم بها مانع الوجوب عليه حالة الموت من نشوزها أو صغرها ونحو ذلك ا هـ وهو وجيه لأنه إذا اعتبر لزوم الكفن بلزوم النفقة سقط بما يسقطها .

ثم اعلم أن الواجب عليه تكفينها وتجهيزها الشرعيان من كفن السنة أو الكفاية وحنوط وأجرة غسل وحمل ودفن دون ما ابتدع في زماننا من مهللين وقراء ومغنين وطعام ثلاثة أيام ونحو ذلك ، ومن فعل ذلك بدون رضا بقية الورثة البالغين يضمنه في ماله ( قوله فإن لم يكن بيت المال معمورا ) أي بأن لم يكن فيه شيء أو منتظما أي مستقيما بأن كان عامرا ولا يصرف مصارفه ط ( قوله فعلى المسلمين ) أي العالمين به وهو فرض كفاية يأثم بتركه جميع من علم به ط ( قوله فإن لم يقدروا ) أي من علم منهم بأن كانوا فقراء ( قوله وإلا كفن به مثله ) هذا لم يذكره في المجتبى بل زاده عليه في البحر عن التجنيس والواقعات .

قلت : وفي مختارات النوازل لصاحب الهداية : فقير مات فجمع من الناس الدراهم وكفنوه وفضل شيء إن عرف صاحبه يرد عليه وإلا يصرف إلى كفن فقير آخر أو يتصدق به ( قوله : وظاهره إلخ ) أي ظاهر قوله ثوبا ، وهذا بحث لصاحب النهر لكن قال في مختارات النوازل بعد ما نقلناه عنه . ولا يجمع من الناس إلا قدر كفايته ا هـ فتأمل . ثم رأيت في الأحكام عن عمدة المفتي ولا يجمعون من الناس إلا قدر ثوب واحد ا هـ ( قوله لا يلزمه تكفينه به ) لأنه محتاج إليه فلو كان الثوب للميت والحي وارثه يكفن به الميت لأنه مقدم على الميراث بحر إلا إذا كان الحي [ ص: 207 ] مضطرا إليه لبرد أو سبب يخشى منه التلف كما لو كان للميت ماء وهناك مضطر إليه لعطش قدم على غسله شرح المنية ( قوله : ولا يخرج الكفن عن ملك المتبرع ) حتى لو افترس الميت سبع كان للمتبرع لا للورثة نهر أي إن لم يكن وهبه لهم كما في الأحكام عن المحيط .




الخدمات العلمية