الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وإن طيب أو حلق ) أو لبس ( بعذر ) خير إن شاء [ ص: 558 ] ( ذبح ) في الحرم ( أو تصدق بثلاثة أصوع طعام على ستة مساكين ) أين شاء ( أو صام ثلاثة أيام ) ولو متفرقة

التالي السابق


( قوله بعذر ) قيد للثلاثة وليست الثلاثة قيدا ، فإن جميع محظورات الإحرام إذا كان بعذر ففيه الخيارات الثلاثة كما في المحيط قهستاني ، وأما ترك شيء من الواجبات بعذر فإنه لا شيء فيه على ما مر أول الباب عن اللباب وفيه : ومن الأعذار الحمى والبرد والجرح والقرح والصدع والشقيقة والقمل ، ولا يشترط دوام العلة ولا أداؤها إلى التلف بل وجودها مع تعب ومشقة يبيح ذلك ، وأما الخطأ والنسيان والإغماء والإكراه والنوم وعدم القدرة على الكفارة فليست بأعذار في حق التخيير ولو ارتكب المحظور بغير عذر فواجبه الدم عينا ، أو الصدقة فلا يجوز عن الدم طعام ولا صيام ، ولا عن الصدقة صيام ; فإن تعذر عليه ذلك بقي في ذمته . ا هـ .

وما في الظهيرية من أنه إن عجز عن الدم صام ثلاثة أيام ضعيف كما في البحر وفيه : من الأعذار خوف الهلاك ، ولعل المراد بالخوف الظن لا مجرد الوهم ، فتجوز التغطية والستر إن غلب على ظنه ، لكن بشرط أن لا يتعدى موضع الضرورة ، فيغطي رأسه بالقلنسوة فقط إن اندفعت الضرورة بها ، وحينئذ فلف العمامة عليها موجب للدم أو الصدقة . ا هـ . [ ص: 558 ]

قلت : يعني إذا كانت نازلة عن الرأس بحيث تغطي ربعا مما تحرم تغطيته ، وإلا فقدمنا عن الفتح وغيره التصريح بخلاف وأنه مثل ما لو اضطر لجبة فلبس جبتين ، نعم يأثم ، بخلاف ما لو لبس جبة وقلنسوة فإن فيه كفارتين ( قوله إن شاء ذبح إلخ ) هذا فيما يجب فيه الدم ، أما ما يجب فيه الصدقة ، إن شاء تصدق بما وجب عليه من نصف صاع أو أقل على مسكين أو صام يوما كما في اللباب ( قوله ذبح ) أفاد أنه يخرج عن العهدة بمجرد الذبح ، فلو هلك أو سرق لا يجب غيره ، بخلاف ما لو سرق وهو حي وإنما لا يأكل منه رعاية لجهة التصدق ، وتمامه في البحر ( قوله في الحرم ) فلو ذبح في غيره لم يجز إلا أن يتصدق باللحم على ستة مساكين على كل واحد منهم قدر قيمة نصف صاع حنطة فيجزيه بدلا عن الإطعام بحر ( قوله أو تصدق ) أفاد أنه لا بد من التمليك عند محمد ورجحه في البحر تبعا للفتح ، فلا تكفي الإباحة ، خلافا لأبي يوسف . واختلف النقل عن الإمام ( قوله بثلاثة أصوع طعام ) بإضافة أصوع ، وهو بفتح الهمزة وضم الصاد وسكون الواو أو بسكون الصاد وضم الواو : جمع صاع شرح النقاية للقاري ، والطعام البر بطريق الغلبة قهستاني ( قوله على ستة مساكين ) كل واحد نصف صاع . حتى لو تصدق بها على ثلاثة أو سبعة فظاهر كلامهم أنه لا يجوز لأن العدد منصوص عليه . وعلى قول من اكتفى بالإباحة ينبغي أنه لو غدى مسكينا واحدا وعشاه ستة أيام أن يجوز أخذا من مسألة الكفارات نهر تبعا للبحر ( قوله أين شاء ) أي في غير الحرم أو فيه ولو على غير أهله لإطلاق النص ، بخلاف الذبح والتصدق على فقراء مكة أفضل بحر ، وكذا الصوم لا يتقيد بالحرم ، فيصومه أين شاء كما أشار إليه في بحر وصرح به في الشرنبلالية عن الجوهرة وغيرها .




الخدمات العلمية