الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولو ولدت المدبرة من سيدها فهي أم ولده وبطل التدبير ) ; لأنه من الثلث والاستيلاد من الكل فكان أقوى ( وبيع ) ووهب ورهن المدبر المقيد ( كأن قال له إن مت في سفري أو مرضي ) هذا ( أو إلى عشرين سنة مثلا ) مما يقع غالبا ، أو إن مت أو غسلت أو كفنت ، أو إن مت أو قتلت خلافا لزفر [ ص: 688 ] ورجحه الكمال ، أو أنت حر بعد موتي وموت فلان ما لم يمت فلان قبله فيصير مطلقا ( أو أنت حر بعد موت فلان ) كما في الدرر والكنز ورده في البحر بما في المبسوط وغيره من أنه ليس تدبيرا بل تعليقا ، حتى لو مات فلان والمولى حي عتق من كل المال . ولو مات المولى أولا بطل التعليق ( ويعتق ) المقيد ( إن وجد الشرط ) بأن مات من سفره أو مرضه ذلك ( كعتق المدبر ) من الثلث لوجود الإضافة للموت ( قال إن مت من مرضي هذا فهو حر فقتل لا يعتق ، بخلاف ) ما لو قال ( في مرضي ) ففرق بين من وفي ولو له حمى فتحول صداعا أو بعكسه ، قال محمد هو مرض واحد مجتبى .

التالي السابق


( قوله وبطل التدبير ) معنى البطلان كما قاله صاحب الذخيرة أنه لا يظهر حكمه بعد الاستيلاد فكأنه بطل ، وليس المراد بطلانه الكلية . فإن قلت : ما فائدة التدبير حينئذ ؟ قلت : دخولها في قوله كل مدبر لي حر فتعتق حالا ولا يتوقف عتقها إلى ما بعد الموت ط ( قوله وبيع إلخ ) قال في البحر : بيان للمدبر المقيد وأحكامه . وحاصله أن يعلق عتقه بموته على صفة لا بمطلقه أو بزيادة شيء بعد موته كإن مت وغسلت أو كفنت ودفنت فأنت حر فيعتق إذا مات استحسانا ، وإنما بيع المدبر المقيد ; لأن سبب الحرية لم ينعقد في الحال للتردد في هذا القيد لجواز أن لا يموت منه فصار كسائر التعليقات ، بخلاف المدبر المطلق ; لأنه تعلق عتقه بمطلق موته وهو كائن لا محالة . ا هـ وأشار الشارح بقوله ووهب إلى أن المراد بالبيع الإخراج عن الملك لا خصوصه ط ( قوله مما يقع غالبا ) أي مما تقع حياته بعدها غالبا احترز به عن نحو إلى مائة سنة فإنه يكون مدبرا مطلقا وقد مر الكلام عليه ، ومعنى قوله إلى عشرين سنة : أي إن وقع موتي في هذه المدة التي ابتداؤها هذا الوقت وتنتهي إلى عشرين ط وكذا إلى سنة ، فلو مات قبلها عتق وبعدها لا ، ولو في رأسها فمقتضى الوجه لا يعتق ; لأن الغاية هنا للإسقاط ، إذ لولاها تناول الكلام ما بعدها فتح ملخصا . وأجاب في البحر بأن هذا غير مطرد لانتقاضه في لا أكلمه إلى غد فإن الغاية لا تدخل في ظاهر الرواية فله أن يكلمه في الغد مع أنها للإسقاط . ونازعه المقدسي بأن السنة ليست في الحقيقة غاية ، فلا بد أن يقدر إلى مضي سنة ، بخلاف الغد فإنه اسم لزمان مستقبل له اسم خاص دخل عليه إلى التي للغاية تأمل .

( قوله وكفنت ) في نسخ بأو وهي الموافقة لما في البحر ط ( قوله أو إن مت أو قتلت ) أي بترداده بين [ ص: 688 ] الجملتين ، فليس بمدبر مطلق عند أبي يوسف ; لأن الموت ليس بقتل ، وتعليقه بأحد الأمرين يمنع كونه عزيمة في أحدهما خاصة بحر .

مطلب الكمال ابن الهمام من أهل الترجيح ( قوله ورجحه الكمال ) أي رجح قول زفر أنه مدبر مطلق بأنه أحسن ; لأنه في المعنى تعليق بمطلق موته كيفما كان قتلا أو غير قتل ، وقدمنا غير مرة أن الكمال من أهل الترجيح كما أفاده في قضاء البحر ، بل صرح بعض معاصريه بأنه من أهل الاجتهاد ولا سيما وقد أقره على ذلك في البحر والنهر والمنح ، ورمز المقدسي والشارح وهم أعيان المتأخرين فافهم ( قوله بعد موتي وموت فلان ) أو موت فلان وموتي كافي الحاكم ( قوله فيصير مطلقا ) جواب للمفهوم ، والتقدير فإن مات فلان قبله صار الآن مدبرا مطلقا .

قال في الكافي : ألا ترى أنه لو قال أنت حر بعد كلامك فلانا وبعد موتي فكلم فلانا كان مدبرا ، وكذلك قوله : إن كلمت فلانا فأنت حر بعد موتي فكلمه صار مدبرا . ا هـ . قال ح عن الهندية : فلو مات المولى قبل موت فلان لا يصير مدبرا وكان للورثة أن يبيعوه ( قوله من أنه ) أي ما ذكره من مسألة المتن ، وكذا قوله بعد موتي وموت فلان كما في البحر ( قوله حتى لو مات إلخ ) تفريع على كونه تعليقا ، متضمن لبيان الفرق بينه وبين التدبير المقيد بعد اشتراكهما في جواز البيع والعتق بالموت . والفرق هو أنه إن مات فلان فقط في مسألة المتن عتق من كل المال ، وإن مات المولى أولا في المسألتين بطل التعليق كما لو قال إن دخلت الدار فأنت حر فمات المولى قبل الدخول والمدبر المقيد مثل المطلق لا يعتق إلا بموت المولى ومن ثلث ماله لا كله ( قوله بأن مات من سفره أو مرضه ذلك ) أي أو في المدة المعينة ، فلو أقام أو صح أو مضت المدة ثم مات لم يعتق لبطلان اليمين قبل الموت بحر ( قوله من الثلث ) متعلق بقوله ويعتق ، وذكره بيانا لوجه الشبه . وأفاد أنه يسعى فيما زاد وإن استغرق ففي كله كما في الدر المنتقى ( قوله ففرق بين من وفي ) ووجه أن " من " تفيد أن الموت مبتدأ وناشئ من ذلك المرض ، بأن يكون ذلك المرض سبب الموت ، والقتل سبب آخر . وأما " في " فإنها تفيد أن الموت واقع في ذلك المرض سواء كان بسببه أو بسبب آخر ( قوله فتحول ) أعاد الضمير مذكرا مع أن الحمى مؤنثة على تأويلها بالمرض ( قوله هو مرض واحد ) لعل وجهه أن أحد هذين المرضين ينشأ عن الآخر غالبا فعدا مرضا واحدا وإلا فالمذكور في كتب الطب أنهما مرضان ، ولعل تخصيص محمد بالذكر لكونه المخرج للفرع وإلا فلم أر له مقابلا أفاده ط .




الخدمات العلمية