الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولو تزوجها على فرس ) أو عبد أو ثوب هروي أو فراش بيت أو على معلوم من نحو إبل ( فالواجب ) في كل جنس له وسط ( الوسط أو قيمته ) وكل ما لم يجز السلم فيه فالخيار للزوج وإلا فللمرأة [ ص: 128 ] ( وكذا الحكم ) وهو لزوم الوسط ( في كل حيوان ذكر جنسه ) هو عند الفقهاء المقول على كثيرين مختلفين في الأحكام ( دون نوعه ) هو المقول عامه على كثيرين متفقين فيها ، [ ص: 129 ] بخلاف قول الجنس كثوب ودابة لأنه لا وسط له - [ ص: 130 - 131 ] ووسط العبيد في زماننا الحبشي ( وإن أمهرها العبدين و ) الحال أن ( أحدهما حر فمهرها العبد ) عند الإمام ( إن ساوى أقله ) أي عشرة دراهم ( وإلا كمل لها العشرة ) لأن وجوب المسمى وإن قل يمنع مهر المثل . وعند الثاني لها قيمة الحر لو عبدا ورجحه الكمال كما لو استحق أحدهما .

التالي السابق


( قوله ولو تزوجها على فرس إلخ ) شروع في مسألة أخرى موضوعها أنه تزوجها على ما هو معلوم الجنس دون الوصف كما في الهداية ، وقوله فالواجب الوسط أو قيمته يفيد صحة التسمية لأن الجنس المعلوم مشتمل على الجيد والرديء والوسط ذو حظ منهما ، بخلاف مجهول الجنس لأنه لا وسط له لاختلاف معاني الأجناس ، وإنما تخير الزوج بين دفع الوسط أو قيمته لأن الوسط لا يعرف إلا بالقيمة فصارت أصلا في حق الإيفاء ، وقيد بالمبهم لأنه في المعين بإشارة كهذا العبد أو الفرس يثبت الملك لها بمجرد القبول إن كان مملوكا له وإلا فلها أن تأخذ الزوج بشرائه لها ، فإن عجز لزمه قيمته وكذا بإضافة إلى نفسه كعبدي ، فلا تجبر على قبول القيمة لأن الإضافة إلى نفسه من أسباب التعريف كالإشارة لكن في هذا إذا كان له أعبد ثبت ملكها في واحد منهم وسط وعليه تعيينه ، وقوله في البحر إنه يتوقف ملكها له على تعيينه غير صحيح لأنه يلزم كون الإضافة كالإبهام ، فإنه في الإبهام لو عين لها وسطا أجبرت على قبوله ، وتمامه في النهر ( قوله في كل جنس له وسط ) قصد بهذا التعميم أن هذا الحكم لا يخص الفرس والعبد وما عطف عليهما ، بل يعم كل جنس له وسط معلوم ح .

( قوله وكل ما لم يجز السلم فيه إلخ ) فإذا وصف الثوب كهروي خير الزوج بين دفع الوسط أو قيمته كما مر ، وكذا لو بالغ في وصفه ، بأن قال طوله كذا في ظاهر الرواية ، نعم لو ذكر الأجل مع هذه المبالغة كان لها أن لا تقبل القيمة لأن صحة السلم في الثياب موقوفة على ذكر الأجل ، وفي المكيل والموزون إذا ذكر صفته كجيدة خالية من الشعير صعيدية أو بحرية يتعين المسمى ، وإن لم يذكر الأجل لأن الموصوف فيها يثبت في الذمة وإن لم يكن مؤجلا كما في النهر والبحر ; فمعنى كون الخيار للمرأة أن لها أن لا تقبل القيمة إذا أراد إجبارها عليها لا بمعنى أن لها أن تجبره على القيمة إذا أراد دفع العين لأنه إذا صح السلم تعين حقها في العين هذا وفي الفتح التصريح بأن قول الهداية في ظاهر الرواية احترازا عما روي عن أبي حنيفة أن الزوج يجبر على دفع عين الوسط ، وهو قول زفر : وعن قول أبي يوسف أنه لو ذكر الأجل مع المبالغة في وصف الثوب بالطول [ ص: 128 ] والعرض والرقة تعين الثوب ، وذكر مثله في المبسوط ، ثم رجح رواية زفر وصرح في المجمع بأنها الأصح ، وكذا في درر البحار وأقره في غرر الأذكار وابن مالك .

ثم لا يخفى أنه وإن لم يتعين فلا بد في عين الوسط أو قيمته من اعتبار الأوصاف التي ذكرها الزوج ( قوله وكذا الحكم في كل حيوان إلخ ) فذكر الفرس ليس قيدا ; ولو قال أولا ولو تزوجها على معلوم جنس وجب الوسط أو قيمته لمكان أخصر وأشمل فإنه يعم نحو العبد والثوب الهروي أفاده ح ( قوله هو عند الفقهاء إلخ ) أما عند المناطقة فهو المقول على كثيرين مختلفين في الحقائق في ما هو . والنوع المقول على كثيرين مختلفين في العدد ( قوله مختلفين في الأحكام ) كإنسان فإنه مقول على الذكر والأنثى ، وأحكامهما مختلفة .

قال في البحر : ولا شك أن الثوب تحته الكتان والقطن والحرير والأحكام مختلفة فإن الثوب الحرير لا يحل لبسه وغيره يحل ، فهو جنس عندهم ، وكذا الحيوان تحته الفرس والحمار ، وأما الدار فتحتها ما يختلف اختلافا فاحشا بالبلدان والمحال والسعة والضيق وكثرة المرافق وقلتها ( قوله متفقين فيها ) أي في الأحكام مثل له الأصوليون في بحث الخاص بالرجل .

وأورد عليهم أنه يشمل الحر والعبد والمرأة والعاقل والمجنون وأحكامهم المختلفة . فأجابوا بأن اختلاف الأحكام بالعرض لا بالأصالة بخلاف الذكر والأنثى فإن اختلاف أحكامهما بالأصالة بحر

[ تنبيه ] : علم مما ذكرنا أن نحو الحيوان والدابة والمملوك والثوب جنس . وأن نحو الفرس والحمار والعبد والثوب الهروي أو الكتان أو القطن نوع . وأن الذي تصح تسميته ويجب فيه الوسط أو قيمته الثاني ، فكان على المصنف أن يقول وكذا الحكم في كل حيوان ذكر نوعه دون وصفه كما قال في متن المختار : زوجها على حيوان فإن سمى نوعه كالفرس جاز ، وإن لم يصفه . وقال في شرحه الاختيار : ثم الجهالة أنواع : جهالة النوع والوصف كقوله ثوب أو دابة أو دار فلا تصح التسمية هذه ومنها ما هو معلوم النوع مجهول الصفة كقوله عبد أو فرس أو بقرة أو شاة أو ثوب هروي فإنه تصح التسمية ويجب الوسط إلخ فقد جعل الدابة والثوب معلوم الجنس مجهول النوع والوصف ، وجعل العبد والفرس والثوب الهروي معلوم الجنس والنوع مجهول الوصف . وهذا موافق لما مر . في تعريف الجنس والنوع عند النوع عند الفقهاء .

فإن قلت : قال في الهداية . معنى هذه المسألة أن يسمي جنس الحيوان دون الوصف بأن تزوجها على فرس أو حمار . أما إذا لم يسم الجنس بأن تزوجها على دابة لا تجوز التسمية ويجب مهر المثل . ا هـ . فقد جعل الفرس والحمار جنسا .

قلت : أراد بالجنس النوع كما صرح به في غاية البيان ، ولذا قابله بالوصف . وأما قول البحر : لا حاجة إلى حمل الجنس على النوع لأن الجنس عند الفقهاء هو المقول على كثيرين إلخ ففيه أنه لا يصح حمل الجنس في كلام الهداية على الجنس الفقهي كما لا يخفى ، بل يتعين حمله على النوع ، وكذا قال في الهداية ; ولو سمى جنسا بأن قال هروي تصح التسمية ويخير الزوج فقد سمى الهروي جنسا وليس هو جنسا بالمعنى المار ، ولو تبع المصنف الهداية فقال ذكر جنسه بدون وصفه بدل قوله دون نوعه لصح كلامه ، بأن يراد بالجنس النوع لمقابلته له بالوصف . [ ص: 129 ] أما مع مقابلته بالنوع فلا يصح هذا ما ظهر لي ( قوله بخلاف مجهول الجنس ) أي ما ذكر جنسه بلا تقييد بنوع كثوب ودابة فإنه لا تصح تسميته ، فلا يجب الوسط أو قيمته بل يجب مهر المثل .

[ تنبيه ] حاصل هذه المسألة أن المسمى إذا كان من غير النقود بأن كان عرضا أو حيوانا إما أن يكون معينا بإشارة أو إضافة فيجب بعينه أو لا يكون معينا ; فإن كان غير مكيل وموزون ، فإن جهل نوعه كدابة أو ثوب فسدت التسمية ووجب مهر المثل ، وإن علم نوعه وجهل وصفه كفرس أو ثوب هروي أو عبد صحت التسمية وتخير بين الوسط أو قيمته وكذلك لو علم وصف الثوب على ظاهر الرواية . وعلى ما مر أنه الأصح يتعين الوسط لأنه يجب في الذمة كالسلم ، بخلاف الحيوان فإنه لا يجب في الذمة في السلم ; وإن كان مكيلا أو موزونا ، فإن علم نوعه ووصفه كإردب قمح جيد خال من الشعير صعيدي تعين المسمى وصار كالعرض المشار إليه لأنه يثبت في الذمة حالا كالقرض ومؤجلا كالسلم ، وإن لم يعلم وصفه تخير الزوج بين الوسط أو قيمته كما في ذكر الفرس أو الحمار ، هذا خلاصة ما في الاختيار والفتح والبحر مطلب تزوجها على عشرة دراهم وثوب لكن يشكل ما في الخانية : لو تزوجها على عشرة دراهم وثوب ولم يصفه كان لها عشرة دراهم ، ولو طلقها قبل الدخول بها كان لها خمسة دراهم إلا أن تكون متعتها أكثر من ذلك . ا هـ .

قال في البحر : وبهذا علم أن وجوب مهر المثل فيما إذا سمى مجهول الجنس إنما هو فيما إذا لم يكن معه مسمى معلوم ، لكن ينبغي على هذا أن لا ينظر إلى المتعة أصلا لأن المسمى هنا عشرة فقط وذكر الثوب لغو بدليل أنه لم يكمل لها مهر المثل قبل الطلاق ا هـ .

وأجاب الخير الرملي بأن الثوب محمول على العدة والتبرع كما جرت به العادة غير داخل في التسمية ، إذ لو دخل لأوجب فسادها لفحش الجهالة . وقال في فتاواه الخيرية : إنه زاغ فهم صاحب البحر وأخيه في جعل الثوب لغوا ولا حول ولا قوة إلا بالله . ا هـ . قلت حمله على العدة والتبرع هو بمعنى إلغائه في التسمية . ووجه إشكال هذا الفرع أن الثوب إن لم يدخل في التسمية لزم أن يجب لها نصف المسمى بالطلاق قبل الدخول بلا نظر إلى المتعة لصحة تسمية العشرة وإن دخل فيها ينبغي أن يعطى حكم ما لو تزوجها على ألف وكرامتها أو يهدي لها هدية ، فقد صرح في النهر بأنه في المبسوط بعد أن ذكر عبارة محمد : لو تزوجها على ألف وكرامتها أو يهدي لها هدية فلها مهر مثلها لا ينقص عن الألف . قال هذه المسألة على وجهين : إن أكرمها وأهدى لها هدية فلها المسمى ، وإلا فمهر المثل ا هـ .

قلت : فهو مثل ما لو تزوجها بألف على أن لا يخرجها أو لا يتزوج عليها كما قدمناه ، وبه صرح في الهداية وغاية البيان .

وفي البدائع : لو شرط مع المسمى شيئا مجهولا كأن تزوجها على ألف درهم وأن يهدي لها هدية ثم طلقها قبل الدخول فلها نصف المسمى لأنه إذا لم يف بالكرامة والهداية يجب تمام مهر المثل ومهر المثل لا مدخل له في الطلاق قبل الدخول ا هـ لكن قال في الاختيار : ولو تزوجها على ألف وكرامتها فلها مهر المثل لا ينقص عن ألف لأنه رضي بها ، وإن طلقها قبل الدخول لها نصف الألف لأنه أكثر من المتعة . ا هـ . ونقل نحوه في البحر عن الولوالجية

[ ص: 130 ] والمحيط ، واعترض به على ما مر من إيجاب المسمى بأن الهدية والإكرام مجهولتان ، ولا يمكن الوفاء بالمجهول بل تفسد التسمية فيجب مهر المثل . وقد أجبت عنه فيما علقته على البحر بما حاصله إنه يمكن حمل ما في الاختيار على ما إذا لم يكرمها أما إذا أكرمها فلها المسمى وهذا عين ما حمل عليه في المبسوط كلام محمد ، ومشى عليه في الهداية وغاية البيان والبدائع كما مر ، وجهالة الهداية والإكرام ترتفع بعد وجودها . والظاهر كما في النهر أنه يكفي هنا أدنى ما يعد إكراما وهدية ا هـ فإذا لم يكرمها بشيء بقيت التسمية مجهولة لعدم رضا المرأة بالألف وحده فيجب مهر المثل وكذا إذا طلقها قبل الدخول تقرر الفساد فوجبت المتعة كما هو الحكم عند عدم التسمية أو عند فسادها ، وإنما أطلق في البدائع لزوم نصف الألف لأنه في العادة أكثر من المتعة كما علمته من كلام . الاختيار ، وهو نظير ما مر في مسألة الأوكس فقد حصل بما ذكرنا التوفيق بين كلامهم ، ويتعين حمل ما في الخانية عليه أيضا ، وذلك بأن يقيد بما إذا كان مهر مثلها عشرة دراهم ولم يدفع لها ثوبا فحينئذ تجب لها العشرة لأنها مهر المثل وهو الواجب عند فساد التسمية وتجب المتعة بالطلاق قبل الدخول وأما دعوى الرملي إلغاء ذكر الثوب لجهالته فلا تصح لأن جهالة الإكرام والهداية أفحش من جهالة الثوب لأن الإكرام تحت أجناس الثياب والحيوان والعروض والعقار والنقود والمكيل والموزون ومع هذا لم يلغوه ، فعدم إلغاء الثوب بالأولى . وأيضا يشكل على إلغائه اعتبار المتعة . وعلى ما قررناه لا إشكال ، والله أعلم بحقيقة الحال

مطلب مسألة دراهم النقش والحمام ولفافة الكتاب ونحوهما

ونظير ما في الخانية ما هو معروف بين الناس في زماننا من أن البكر لها أشياء زائدة على المهر : منها ما يدفع قبل الدخول كدراهم للنقش والحمام وثوب يسمى لفافة الكتاب وأثواب أخر يرسلها الزوج ليدفعها أهل الزوجة إلى القابلة وبلانة الحمام ونحوها . ومنها ما يدفع بعد الدخول كالإزار والخف والمكعب وأثواب الحمام ، وهذه مألوفة معروفة بمنزلة المشروط عرفا ; حتى لو أراد الزوج أن لا يدفع ذلك يشترط نفيه وقت العقد أو يسمي في مقابلته دراهم معلومة يضمها إلى المهر المسمى في العقد ، وقد سئل عنها في الخيرية فأجاب بما حاصله أن المقرر في الكتب من أن المعروف كالمشروط يوجب إلحاق ما ذكر بالمشروط ، وإن علم قدره لزم كالمهر وإلا وجب مهر المثل لفساد التسمية إن ذكر أنه من المهر ، وإن ذكر على سبيل العدة فهو غير لازم بالكلية ، والذي يظهر الأخير ، وما في الخانية صريح فيه ثم ذكر عبارة الخانية المارة وما تقدم من اعتراضه على البحر :

وأنت خبير بأن هذه المذكورات تعتبر في العرف على وجه اللزوم على أنها من جملة المهر ، غير أن المهر منه ما يصرح بكونه مهرا ومنه ما يسكت عنه بناء على أنه معروف لا بد من تسليمه ، بدليل أنه عند عدم إرادة تسليمه لا بد من اشتراط نفيه أو تسمية ما يقابله كما مر ، فهو بمنزلة المشروط لفظا فلا يصح جعله عدة وتبرعا ، وكون كلام الخانية صريحا فيه قد علمت ما يناقضه وينافيه . وقد رأيت في الملتقط التصريح بلزومه كما قلنا حيث ذكر في مسألة منع المرأة نفسها حتى تقبض المهر فقال : ثم إن شرط لها شيئا معلوما من المهر معجلا فأوفاها ذلك ليس لها أن تمنع نفسها ، وكذلك المشروط عادة كالخف والمكعب وديباج اللفافة ودراهم السكر على ما هو عادة أهل سمرقند ، وإن شرطوا أن لا يدفع شيء من ذلك لا يجب ، وإن سكتوا لا يجب إلا من صدق العرف من غير تردد في الإعطاء لمثلها من مثله وللعرف الضعيف لا يلحق المسكوت عنه بالمشروط . ا هـ . ثم رأيت المصنف أفتى به في فتاويه . [ ص: 131 ] وحاصله أن ذلك إن صرح باشتراطه لزم تسليمه ، وكذا إن سكت عنه وكان العرف به مشهورا معلوما عند الزوج . ولا يخفى أن هذا لو كان تبرعا وعدة لم يكن لها منع نفسها لقبضه ولا المطالبة به ، وكذا لو كان لازما مفسدا للتسمية بل ينبغي أن يقال إنه بمنزلة اشتراط الهدية والإكرام ترتفع الجهالة بدفعه فيجب المسمى دون مهر المثل .

أو يقال وهو الأقرب : إن ذلك من قبيل معلوم النوع مجهول الوصف كالفرس والعبد فإن التفاوت في ذلك يسير في العرف ، فمثل اللفافة يعرف نوعها أنها من القبض والحرير أو من القطن والحرير باعتبار الفقر والغنى وقلة المهر وكثرته ، وكذا باقي المذكورات ، فيعتبر الوسط من كل نوع منها ، فهذا ما تحرر لي في هذا المقام الذي كثرت فيه الأوهام وزلت الأقدام ، فاحفظه فإنه مهم والسلام .

( قوله ووسط العبيد في زماننا الحبشي ) وأما أعلاه فالرومي وأدناه الزنجي ، كذا في البحر والمنح . ذكروا أن ذلك عرف القاهرة . وذكر السيد أبو السعود أن الحبشي في عرفنا لا يجب إلا بالتنصيص لأن العبد متى أطلق لا ينصرف إلا للأسود ، فإذا اقتصر على ذكر العبد وجب الوسط من السودان ا هـ .

قلت : والعبد في عرف الشام لا يشمل الرومي لأنه يسمى مملوكا بل يشمل الحبشي والزنجي وكذا الجارية والرومية تسمى سرية ، وعليه فالوسط أعلى الزنجي ( قوله وإن أمهرها العبدين إلخ ) أراد بالعبدين الشيئين الحلالين وبالحر أن يكون أحدهما حراما فدخل فيه ما إذا تزوجها على هذا العبد وهذا البيت فإذا العبد حر ، أو على مذبوحتين فإذا إحداهما ميتة كما في شرح الطحاوي بحر ( قوله أقله ) أي أقل المهر ( قوله يمنع مهر المثل ) جواب عن قول محمد وهو رواية عن الإمام ، لها العبد الباقي وتمام مهر مثلها إن كان مهر مثلها أكثر منه ( قوله لها قيمة الحر لو عبدا ) أي لها مع العبد الباقي قيمة الحر لو فرض كونه عبدا ( قوله ورجحه الكمال ) ، والمتون على قول الإمام . وفي القهستاني عن الخانية أنه ظاهر الرواية ( قوله كما لو استحق أحدهما ) أي أحد العبدين المسميين ، فإن لها الباقي وقيمة المستحق ، ولو استحقا جميعا فلها قيمتهما ، وهذا بالإجماع كما في شرح الطحاوي بحر .




الخدمات العلمية