الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ فرع ] قال أحد شريكين للآخر : بعت منك نصيبي ، وإن لم أكن بعته منك فهو حر . وقال الآخر : [ ص: 662 ] ما اشتريته وإن كنت اشتريته منك فهو حر فالقول لمنكر الشراء بيمينه ، فإن حلف ولا بينة للبائع عتق بلا سعاية لمدعي البيع ، بل للآخر في حظه بكل حال ، وكذا عندهما لو البائع معسرا ، ولو موسرا لم يسع لأحد في الأصح .

[ ص: 662 ]

التالي السابق


[ ص: 662 ] قوله ولا بينة للبائع ) أما لو كان له بينة ثبت حنث منكر الشراء ، فيعتق العبد كله عليه ويلزمه ثمن حصة البائع بموجب الشراء لا الإعتاق ( قوله عتق بلا سعاية ) أما عتقه فلأن كلا منهما يزعم أن شريكه الآخر حانث ، وأما عدم السعاية لمدعي البيع فلأن شريكه لما أنكر الشراء وكان القول قوله لم يثبت بيعه فقد وجد شرط عتق مدعي البيع فكان العتق من جهته فليس له سعاية على العبد ، وأما سعايته لمنكر الشراء فلأنه لم يثبت عتقه لإنكاره ، وإنما ثبت عتق شريكه لكن لم يثبت عتق شريكه إلا بسبب إنكاره فلم يكن له تضمينه لو كان موسرا ، وإن أضيف العتق حقيقة إلى تعليق مدعي البيع فكان المعلق صاحب العلة والمنكر صاحب الشرط ، والحكم يضاف لعلته ، ولذا لو رجع شهود الزنا وشهود الإحصان يضمن شهود الزنا فقط ، فلما كان إنكاره شرطا للعتق صار له دخل في عتقه فلا يضمن شريكه ، ولما كان الشريك مباشر العلة أضيف العتق إليه فكان للمنكر استسعاء العبد بكل حال : أي سواء كان البائع موسرا أو معسرا ، هذا ما ظهر لي في توجيهه . لكن قد يقال : إنه كان ينبغي أن يسعى في نصفه لهما ; لأنه عتق نصفه بيقين لتعليق عتقه على الشراء وعدمه ، فلا بد من أن يكون الذي عتق منه حصة أحدهما وهو مجهول ، وكون الذي عتق حصة مدعي البيع غير ظاهر ; لأنه منكر شرط العتق ، وكون القول لشريكه أنه ما اشترى إنما يظهر بالنسبة لعدم لزوم الثمن ، فيكون القول له فيه والقول للبائع بالنسبة لعدم العتق ، كما لو علق طلاقها على عدم وصول نفقته إليها يوم كذا فادعى الوصول وأنكرت فالقول لها بالنسبة إلى لزوم النفقة ، والقول له بالنسبة إلى عدم الطلاق ; لأن القول لمنكر شرط الحنث وهنا كذلك نعم قيل إن القول للمرأة في الطلاق أيضا فيمكن أن يكون ما هنا مبنيا عليه فليتأمل . ( قوله لو البائع معسرا ) ; لأنه عندهما يلزم السعاية عند الإعسار والضمان عند اليسار ( قوله لم يسع لأحد ) أما للبائع فلأن العتق من جهته ، وأما للشاري فلأن حقه في التضمين حينئذ دون الاستسعاء كما علمت ( قوله في الأصح ) هو رواية أبي حفص . وفي رواية أبي سليمان يسعى لهما عندهم جميعا إن كانا معسرين ، وإن كانا موسرين يسعى لمدعي البيع في نصف قيمته فقط نهر عن المحيط .




الخدمات العلمية