الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ومخلوط بماء أو دواء أو لبن أخرى أو لبن شاة إذا غلب لبن المرأة وكذا إذا استويا ) إجماعا لعدم الأولوية جوهرة ، وعلق محمد الحرمة بالمرأتين مطلقا ، قيل : وهو الأصح ( لا ) يحرم ( المخلوط بطعام ) مطلقا وإن حساه حسوا [ ص: 219 ]

وكذا لو جبنه لأن اسم الرضاع لا يقع عليه بحر

التالي السابق


( قوله ومخلوط ) عطف على لبن ميتة : أي وكذا يحرم لبن امرأة مخلوط بماء إلخ . ا هـ . ح . ومثل الماء كل مائع بل والجامد كذلك ، أفاده في النهر ط .

( قوله إذا غلب لبن المرأة ) أي على أحد المذكورات ، وفسر الغلبة في أيمان الخانية من حيث الإجزاء . وقال هنا فسرها محمد في الدواء بأن يغيره عن كونه لبنا . وقال الثاني إن غير الطعم واللون لا إن غير أحدهما نهر ، ونحوه في البحر . ووفق في الدر المنتقى فقال : تعتبر الغلبة بالإجزاء في الجنس ، وفي غيره بتغير طعم أو لون أو ريح كما روي عن أبي يوسف ا هـ إلا أنه اعتبر التغير في غير الجنس بوصف واحد والمذكور آنفا أنه لا يعتبر إلا إذا غير الطعم واللون ، نعم يوافقه ما في الهندية من اعتبار أحد الأوصاف إلا أنه لم يعزه لأبي يوسف ط .

( قوله وكذا إذا استويا ) أي لبن المرأة وأحد المذكورات ح ( قوله لعدم الأولوية ) علة لاستواء لبن المرأتين ، وأفاد به ثبوت التحريم منهما . وأما علة استواء لبن المرأة مع الباقي فهي أن لبنها غير مغلوب فلم يكن مستهلكا كما في البحر ( قوله وعلق محمد إلخ ) مقابل لما أفاده كلام المصنف من أنه لو كان لبن إحدى المرأتين غالبا تعلق التحريم به فقط ، ولو استويا تعلق بهما ( قوله مطلقا ) أي تساويا أو غلب أحدهما لأن الجنس لا يغلب الجنس ح ( قوله قيل وهو الأصح ) قال في البحر : وهو رواية أبي حنيفة ، قال في الغاية : وهو أظهر وأحوط ، وفي شرح المجمع : قيل إنه الأصح . ا هـ . وفي الشرنبلالية : ورجح بعض المشايخ قول محمد ، وإليه مال صاحب الهداية لتأخيره دليل محمد كما في الفتح . ا هـ . ح ( قوله مطلقا ) أي سواء كان غالبا أو مغلوبا عند الإمام وقال : إن كان غالبا يحرم ، والخلاف مقيد بالذي لم تمسه النار ، فإذا طبخ فلا تحريم مطلقا اتفاقا ، وبما إذا كان الطعام ثخينا ، أما إذا كان رقيقا يشرب اعتبرت الغلية اتفاقا ، قيل وبما إذا لم يكن اللبن متقاطرا عند رفع اللقمة ، أما معه فيحرم اتفاقا والأصح عدم اعتبار التقاطر على قوله نهر ( قوله وإن حساه حسوا ) في القاموس : حسا زيد المرق شربه شيئا بعد شيء بحر ، وما أفاده من أنه لا يحرم وإن حساه مخالف لما ذكرناه آنفا [ ص: 219 ] عن النهر ، وكذا ما جزم به في الفتح من أن الطعام لو كان رقيقا يشرب اعتبرنا غلبة اللبن إن غلب وأثبتنا الحرمة ، وكذا ما في الخانية : لو حساه حسوا تثبت الحرمة في قولهم جميعا ، وكذا في البحر عن المستصفى وقال إن وضع محمد في الأكل يدل عليه ا هـ أي يدل على أن الشرب محرم ، نعم نقل ح عن مجمع الأنهر عن الخانية أنه قيل : إنه لا تثبت الحرمة بكل حال ، وإليه مال السرخسي وهو الصحيح كما مر في أكثر الكتب . ا هـ .

قلت : والذي رأيته في الخانية وكذا في البحر عنها هو ما نقلناه عنها آنفا وليس فيها ما ذكره عن السرخسي ، والمنقول عن السرخسي ليس في الحسو بل في غيره . ففي الذخيرة : قيل إنما لا تثبت الحرمة على قول أبي حنيفة إذا كان لا يتقاطر اللبن عند حمل اللقمة ، فلو يتقاطر تثبت ، وقيل : لا تثبت وإليه مال شمس الأئمة السرخسي . وذكر شيخ الإسلام إنما لا تثبت على قول أبي حنيفة إذا أكل لقمة لقمة ، فلو حساه حسوا تثبت . ا هـ . فما قاله شمس الأئمة إنما هو عدم اعتبار التقاطر عند الأكل وهو الأصح كما مر عن النهر ، وصرح بتصحيحه أيضا في الهداية وغيرها ، وكلامنا فيما إذا كان الطعام رقيقا يشرب حسوا ، وهذا تثبت به الحرمة كما سمعته ، ولم أر من صحح خلافه ; ولا يقال : يلزم من تقاطر اللبن عند رفع اللقمة أن يكون الطعام رقيقا يشرب لأنه لو كان كذلك لم يكن التقاطر من اللبن وحده بل يكون منهما معا ، فعلم أن المراد كون الطعام ثخينا لا يشرب ، ولفظ اللقمة مشعر بذلك أيضا فافهم ( قوله وكذا لو جبنه ) قال في البحر : ولو جعل اللبن مخيضا أو رائبا أو شيرازا أو جبنا أو أقطا أو مصلا فتناوله الصبي لا تثبت به الحرمة لأن اسم الرضاع لا يقع عليه ، وكذا لا ينبت اللحم ولا ينشز العظم ولا يكتفي به الصبي في الاغتذاء فلا يحرم . ا هـ . ح . وفي القاموس : اللبن المخيض ما أخذ زبده . والشيرازي : اللبن الرائب المستخرج ماؤه . والأقط مثلث ويحرك : شيء يتخذ من المخيط الغنمي . والمصل : اللبن يوضع في وعاء خوص أو خزف ليقطر ماؤه . ا هـ . ط .




الخدمات العلمية