الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        31339 - قال مالك : لا تقطع شفعة الغائب غيبته ، وإن طالت [ ص: 275 ] غيبته ، وليس ذلك عندنا حد تقطع إليه الشفعة .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        31340 - قال يحيى : قلت لابن القاسم : هل ترى الإسكندرية - يعني من مصر - غيبة ، وهو يبلغه أن صاحبه قد باع ، فيقيم على ذلك المشتري سنين ، العشرة ونحوها ، ثم يأتي بعد ذلك يطلب الشفعة ؟ .

                                                                                                                        31341 - فقال ابن القاسم : هذه غيبة لا تقطع على المشتري شفعته ، وإن بلغه ذلك ، فنرى السلطان أن يكتب إلى قاضي البلد الذي هو به أن يوقف ، ويعلمه شريكه قد باع ، فإما أخذ ، وإما ترك .

                                                                                                                        31342 - قال ابن القاسم : لا أرى ذلك على القاضي إلا أن يطلب ذلك المبتاع ، فيكتب له القاضي الذي بمكانه إلى قاضي البلد بما ثبت عنده من اشترائه ، وما يطلب من قطع الشفعة عنه ، فيوقفه ، فإما أخذ ، وإما ترك ، فإن ترك ، فلا شفعة له .

                                                                                                                        [ ص: 276 ] 31343 - قال : قلت لابن القاسم ; فما ترى القرب الذي يقطع الشفعة ؟ قال : ما وقت لنا مالك فيه شيئا ، قد تكون المرأة الضعيفة ، والرجل الضعيف على البريد ، فلا يستطيع أن ينهض ، ولا يسافر ، فلم يحد لنا حدا ، وإنما فيه اجتهاد للسلطان على أفضل ما يرى .

                                                                                                                        31344 - قال أبو عمر : أما شفعة الغائب ، فإن أهل العلم مجمعون على أنه إذا لم يعلم ببيع الحصة التي هو فيها شريك من الدور ، والأرضين ، ثم قدم ، فعلم ، فله الشفعة مع طول مدة غيبته .

                                                                                                                        31345 - واختلفوا إذا علم في حال الغيبة :

                                                                                                                        31346 - فقال منهم قائلون : لم يشهد حين علم أنه أخذ بالشفعة متى قدم ، فلا شفعة له ; لأنه تارك لها .

                                                                                                                        31347 - وقال آخرون : هو على شفعته أبدا ، حتى يقدم ، ولم يذكروا إشهادا .

                                                                                                                        31348 - وأما القول في أمد شفعة الحاضر العاجل ، فيأتي في آخر كتاب الشفعة ، حيث رسمه مالك إن شاء الله - عز وجل - .

                                                                                                                        31349 - وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث جابر ، وقد ذكرنا فيما تقدم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " الجار أحق بسقبه " أو قال : " بشفعته ، ينتظر بها إذا كان غائبا " .

                                                                                                                        [ ص: 277 ] 31350 - روى عبد الرزاق ، وغيره عن الثوري ، عن سليمان الشيباني ، عن حميد الأزرق ، قال : قضى عمر بن عبد العزيز بالشفعة بعد أربع عشرة سنة ، يعني للغائب .




                                                                                                                        الخدمات العلمية