الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        31377 - قال مالك : فأما أن يشتري رجل من رجل من شركائه حقه ، فيقول أحد الشركاء : أنا آخذ من الشفعة بقدر حصتي ، ويقول [ ص: 282 ] المشتري : إن شئت أن تأخذ الشفعة كلها أسلمتها إليك ، وإن شئت أن تدع فدع ، فإن المشتري إذا خيره في هذا وأسلمه إليه ، فليس للشفيع إلا أن يأخذ الشفعة كلها ، أو يسلمها إليه ، فإن أخذها فهو أحق بها ، وإلا فلا شيء له .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        31378 - قال أبو عمر : على نحو هذا مذهب الشافعي أيضا ، ذكره المزني عنه ، قال : فإن حضر أحد الشفعاء أخذ الكل بجميع الثمن ، فإن حضر الثاني أخذ منه النصف بنصف الثمن ، فإن حضر الثالث أخذ منه الثلث بثمن الثلث ، حتى يكونوا سواء ، فإن كانوا اثنين اقتسما كان للثالث نقض قسمتها ، وإن أسلم بعضهم لم يكن لبعض إلا أخذ الكل ، أو الترك .

                                                                                                                        31379 - قال : وكذلك لو أصابها هدم من السماء . إما أخذ الكل بالثمن كله ، وإما ترك .

                                                                                                                        31380 - وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد : لو اشترى رجل دارا من رجلين ، فقبضها ، أو لم يقبضها صفقة واحدة ، وأراد الشفيع أن يأخذ ما باع أحدهما دون ما باع الآخر ، فليس ذلك للآخر ، وإنما له أن يأخذها كلها أو [ ص: 283 ] يدعها كلها ، وإن كان الذي ابتاع الدار رجلين كان للشفيع أن يأخذ ما باع ، ويدع ما ابتاع الآخر .

                                                                                                                        31381 - قالوا : ومن اشترى دارين صفقة واحدة من رجلين . ولهما شفيع واحد ، فأراد الشفيع أن يأخذ إحداهما دون الأخرى ، فليس له ذلك .

                                                                                                                        31382 - واختلف أصحاب مالك في هذه المسائل أيضا :

                                                                                                                        31383 - فقال ابن القاسم في ثلاثة شركاء في أرض أو دار ، باع الاثنان منهما نصيبهما صفقة واحدة من رجلين : أنه ليس للثالث الشفيع إلا أن يأخذ الجميع أو يدع .

                                                                                                                        31384 - وقال أشهب : يأخذ من أيهما شاء .

                                                                                                                        31385 - وقال ابن القاسم : إذا وجبت الشفعة لرجلين ، فسلم أحدهما فليس للآخر إلا أن يأخذ الجميع ، أو يدع .

                                                                                                                        31386 - وروي ذلك عن مالك ، وعليه أكثر أصحابه . وذكر ابن حبيب ، [ ص: 284 ] عن أصبغ أنه قال : إن كان تركه وتسليمه رفقا بالمشتري وتجافيا له كأنه وهبه شفعته ، فلا يأخذ الآخر حصته فلو كان المشتري رجلين ، فأراد الشفيع أن يأخذ حصة أحدهما .

                                                                                                                        31387 - فابن القاسم قال : ليس له أن يأخذ إلا حصتهما جميعا ، أو يتركهما جميعا إذا طلبت صفقة واحدة .

                                                                                                                        31388 - وقال أشهب : له أن يأخذ من أحدهما ، ويدع الآخر .

                                                                                                                        31389 - وقال المزني فيما أجاز فيه من المسائل على معنى قول الشافعي : ولو أن رجلين باعا من رجل شقصا ، فقال الشفيع : أنا آخذ ما باع فلان وأدع حصة فلان ، فذلك جائز في قياس قوله .

                                                                                                                        31390 - قال : وكذلك لو اشترى رجلان من رجل شقصا ، كان للشفيع أن يأخذ حصته أيهما شاء .

                                                                                                                        31391 - قال المزني : ولو اشترى شقصا ، وهو شفيع ، فجاء شفيع آخر ، فقال له المشتري : خذها كلها بالثمن ، أو دع ، فقال هو : بل آخذ نصفها ، فإن ذلك له ; لأنه مثله ، وليس عليه أن يلزم شفعة غيره .




                                                                                                                        الخدمات العلمية