الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        31351 - قال مالك : في الرجل يورث الأرض نفرا من ولده ثم يولد لأحد النفر ، ثم يهلك الأب ، فيبيع أحد ولد الميت حقه في تلك الأرض فإن أخا البائع أحق بشفعته من عمومته ، شركاء أبيه . قال مالك : وهذا الأمر عندنا .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        31352 - قال أبو عمر : اختلف أصحاب مالك ، وسائر الفقهاء في ميراث الشفعة وهل تورث ، أو لا تورث ؟ وفي كيفية الشفعة بين الورثة ، هل هي للكبير كالولاء ؟ وهل تدخل العصبة فيها على ذوي القروض ، أو يدخل بعض أهل السهام فيها على بعض ؟ .

                                                                                                                        [ ص: 278 ] 31353 - فأما ميراث الشفعة ، فذهب الثوري ، وسائر الكوفيين إلى أنها لا توهب ولا تورث ; لأنها لا ملكه ، ولا ماله .

                                                                                                                        31354 - وأما مالك ، والشافعي ، وسائر أهل الحجاز ، فإنهم يرون الشفعة موروثة ; لأنها حق من حقوق الميت ، يرثه عنه ورثته .

                                                                                                                        31355 - وأما الشفعة بين ذوي السهام في الميراث ، فالمشهور من مذهب مالك عند أصحابه معنى ما ذكره في " الموطأ " : أن أهل السهم الواحد أحق بالشفعة فيه من غيرهم من الشركاء في سائر الميراث ، وأنه لا يدخل العصبات على ذوي السهام في الشفعة ، وأن ذوي السهام يدخلون على العصبات فيها .

                                                                                                                        31356 - واختلف أصحابه .

                                                                                                                        31357 - فقال ابن القاسم : بما وصفت لك .

                                                                                                                        31358 - وقال أشهب : لا يدخل ذوو السهام على العصبات ، ولا يدخل العصبات على ذوي السهام ، لا يدخل هؤلاء على هؤلاء ، ولا هؤلاء على هؤلاء ولا يتشافع أهل السهم فيما بينهم خاصة .

                                                                                                                        31359 - وقال المغيرة المخزومي : يدخل العصبات على ذوي السهام ، وذوو السهام على العصبات ; لأنهم كلهم شركاء .

                                                                                                                        31360 - وقول الشافعي في ذلك كقول المغيرة .

                                                                                                                        [ ص: 279 ] 31361 - وقول الكوفيين كقول أشهب ، مثال ذلك : رجل توفي على ابنتين ، وأختين ورثن عنه أرضا ، أو دارا فباعت بعضهن حصتها منها .

                                                                                                                        31362 - فقال ابن القاسم : تدخل البنات على الأخوات ، ولا تدخل الأخوات على البنات ; لأنهن هاهنا عصبة البنات .

                                                                                                                        31363 - وقال أشهب : لا تدخل الابنة على الأخت . كما لا تدخل الأخت عليها .

                                                                                                                        31364 - وذكر المزني ، عن الشافعي في هذه المسألة قولين .

                                                                                                                        31365 - قال : ولو ورثه رجلان ، فمات أحدهما وله ابنان ، فباع أحدهما نصيبه ، وأراد أخذ الشفعة دون عمه ، فكلاهما في الشفعة سواء ; لأنهما فيه شريكان .

                                                                                                                        31366 - قال المزني : هذا أصح من قوله الآخر : إن أخاه أحق بنصيبه .

                                                                                                                        31367 - قال : ولم يختلف قوله في المعنيين لنصفين من عبد أحدهما أكثر من الآخر في أن عليهما قيمة الباقي على السواء إن كانا موسرين .

                                                                                                                        [ ص: 280 ] 31368 - قال أبو عمر : ليس هذا القياس يصح في مسألته هذه ; لأن الشركاء في سهم قد حصلوا شركاء في الشقص ، وشركاء في السهم ، فكانوا أولى ممن هو شريك في الشقص خاصة ; لأنهم كانوا أدلوا بسببين وكانوا أولى ممن هو أولى بسبب واحد ، وليس الشريكان يكون نصيب أحدهما من العبد أكثر من نصيب صاحبه في مسألة الشفعة في شيء .

                                                                                                                        31369 - والحجة عندي لما اختاره المزني من قول الشافعي : إن الشفعة أوجبها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين الشركاء ، ولم يخص شريكا من شريك ، فكل شريك في الشقص يستحق الشفعة بعموم السنة ، وظاهر المعنى - والله أعلم - .




                                                                                                                        الخدمات العلمية