الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        31482 - وقال مالك : في الرجل يشتري أرضا فتمكث في يديه حينا ثم يأتي رجل فيدرك فيها حقا بميراث : إن له الشفعة إن ثبت حقه ، وإن ما أغلت الأرض من غلة فهي للمشتري الأول ، إلى يوم يثبت حق الآخر ، لأنه قد كان ضمنها لو هلك ما كان فيها من غراس ، أو ذهب به سيل .

                                                                                                                        31483 - قال : فإن طال الزمان ، أو هلك الشهود ، أو مات البائع والمشتري ، أو هما حيان ، فنسي أصل البيع والاشتراء لطول الزمان ، فإن الشفعة تنقطع ، ويأخذ حقه الذي ثبت له ، وإن كان أمره على غير هذا الوجه في حداثة العهد وقربه ، وأنه يرى أن البائع غيب الثمن وأخفاه ليقطع بذلك ، حق صاحب الشفعة ، قومت الأرض على قدر ما يرى أنه ثمنها ، فيصير ثمنها إلى ذلك ، ثم ينظر إلى ما زاد في الأرض من بناء أو غراس أو [ ص: 303 ] عمارة فيكون على ما يكون عليه من ابتاع الأرض بثمن معلوم ، ثم بنى فيها وغرس ، ثم أخذها صاحب الشفعة بعد ذلك .

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        31484 - قال أبو عمر : أما قوله في المستحق بميراث نصيبا في أرض أن له الشفعة ، فإن الخلاف في ذلك قديم .

                                                                                                                        31485 - فمن أوجب الشفعة له زعم أنه كان حقا له ما أظهره شهوده ، فصار بمنزلة شريك ظاهر الملك في ذلك .

                                                                                                                        31486 - وكذلك المستحق باع شريكه نصيبه في أرض مشاعة بينهما ، فلا خلاف أن له الشفعة في ذلك .

                                                                                                                        31487 - وكذلك المستحق ; لأنه بتقدم ملكه استحق ما استحق .

                                                                                                                        31488 - ومن قال : لا شفعة له زعم أن المستحق إنما يثبت له الملك يوم استحق ، فلا شفعة له فيما كان له قبل ذلك .

                                                                                                                        31489 - ألا ترى أنه لا يأخذ الغلة من المشتري ، ولا من البائع الجاحد له .

                                                                                                                        31490 - وكذلك لو استحق العبد حرية على مولاه والمولى جاحد لها ، فلما [ ص: 304 ] قامت للعبد بينة بالحرية قضي له بها ، ولم يلزم المولى خراجه ، وقيمة خدمته ; لأنه جاحد لما شهد به الشهود ، وإنما تجب شهادتهم حكما ظاهرا من يوم شهدوا ، وحكم الحاكم بشهادتهم .

                                                                                                                        31491 - والقائلون بالقول الأول يوجبون للمستحق الخراج ، أو الغلة فيما يستحقه ، ويأتي القول في ذلك في موضعه إن شاء الله .

                                                                                                                        31492 - وأما قوله : فإن طال الزمان ، أو هلك الشهود ، أو مات البائع ، أو المشتري إلى آخر كلامه في الفصل ، فإن طول الزمان لمن كان غائبا ، وقامت بينته بما يوجب له الشفعة .

                                                                                                                        31493 - وقد مضى القول في شفعة الغائب ، وما قاله مالك ، وغيره في ذلك ، والخلاف فيه كلا خلاف .

                                                                                                                        31494 - وأما هلاك الشهود ، فلا يخلو من أن يكونوا شهودا على البيع ، فهلكوا ، أو المشتري والبائع يتجاحدان ، ولا بينة هناك ، فلا شفعة في ذلك أن يكون الشهود على مبلغ الثمن هلكوا ، فالقول قول المشتري وإن خالفه الشفيع .

                                                                                                                        31495 - وقد مضت هذه المسألة أيضا بخلافها .

                                                                                                                        31496 - وكذلك موت البائع ، والمشتري لمن كان له القيام بالشفعة لا يضر .




                                                                                                                        الخدمات العلمية