الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  6593 13 - حدثنا معلى بن أسد، حدثنا عبد العزيز بن مختار، حدثنا ثابت البناني، عن أنس [ ص: 141 ] رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: من رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل بي، ورؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة، ورجاله كلهم بصريون ، والحديث أخرجه الترمذي في الشمائل، عن عبد الله بن عبد الرحمن ، عن معلى بن أسد به .

                                                                                                                                                                                  قوله ( فقد رآني ) قيل: معناه أن رؤياه صحيحة لا تكون أضغاثا، ولا من تشبيهات الشيطان، ويعضده في بعض طرقه: فقد رأى الحق .

                                                                                                                                                                                  وقال الطيبي : هنا اتحد الشرط والجزاء، فدل على أن الغاية في الكمال ) أي: فقد رآني رؤيا ليس بعدها شيء، وقيل: هو في معنى الإخبار ) أي: من رآني فأخبره بأنها رؤية حق ليست أضغاث أحلام، ولا تخيلات الشيطان ، ورؤيته سبب الإخبار، قيل: كيف يكون ذلك، وهو في المدينة ، والرائي في الشرق والغرب؟ وأجيب بأن الرؤية أمر يخلقه الله تعالى، ولا يشترط فيها عقلا مواجهة، ولا مقابلة، ولا مقارنة، ولا خروج شعاع، ولا غيره .

                                                                                                                                                                                  ولهذا جاز أن يرى أعمى الصين بقة أندلس ، وقيل: كثيرا يرى على خلاف صفته المعروفة، ويراه شخصان في حالة واحدة في مكانين، والجسم الواحد لا يكون إلا في مكان واحد، وأجاب النووي حاكيا عن بعضهم: ذلك ظن الرائي أنه رآه كذلك .

                                                                                                                                                                                  وقد يظن الظان بعض الخيالات مرئيا لكونه مرتبطا بما يراه عادة، فذاته الشريفة هي مرئية قطعا، لا خيال ولا ظن فيه، لكن هذه الأمور العارضة قد تكون متخيلة للرائي .

                                                                                                                                                                                  قوله ( فإن الشيطان لا يتمثل بي ) ، ومضى في حديث أبي هريرة في كتاب العلم: فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي .

                                                                                                                                                                                  وفي حديث جابر عند ابن ماجه : إنه لا ينبغي للشيطان أن يتمثل في صورتي ، وفي لفظ مسلم : أن يتشبه بدل أن يتمثل، وفي حديث ابن مسعود عند الترمذي وابن ماجه : إن الشيطان لا يستطيع أن يتمثل بي .

                                                                                                                                                                                  وفي حديث أبي قتادة على ما يجيء: وإن الشيطان لا يتراءى بي بالراء، ومعناه: لا يستطيع أن يصير مرئيا بصورتي، وفي رواية غير أبي ذر : لا يتزايا بالزاي وبعد الألف ياء آخر الحروف، وفي حديث أبي سعيد في آخر الباب: فإن الشيطان لا يتكونني .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية